لم يكن الناس حينها يتحدثون عن الإسلاموفوبيا، بعد، وكان تعبير العنصرية حينها كافياً لتوصيف الهجمات التي تطال العرب والمسلمين والمهاجرين والغرباء في فرنسا، وكان حزب الجبهة الوطنية المتطرف في بداية صعوده الكبير. كان يوم الأول من مايو/أيار، يوم الطبقة العمّالية في العالَم في عيدها.
حدث هذا قبل عشرين سنة أي 1 مايو/أيار سنة 1995، وكان رئيس فرنسا، حينها فرانسوا ميتران. تفرعت وقتها مجموعة صغيرة من تظاهرة صباحية ينظمها حزب الجبهة الوطنية وكل فلول وعصابات اليمين المتطرف والعنصري، من زاوية شارع ريفولي وساحة باليي رويال إلى ساحة الأوبرا، بمحاذاة نهر السين، وفاجأت مهاجراً مغربياً يتأمل نهر السين ومياهه، ويـتأمل وضعيته في مجتمع بدأت فيه بذور العنصرية تطل برأسها بعد انتهاء السنوات الثلاثين المجيدة، سنوات الرخاء وانعدام البطالة، وفرنسا التي تسوّق منتجاتها إلى العالم، فألقى المتظاهرون به في نهر السين، وغرق.
لم يكن المغربي إبراهيم بوعرام، وهذا هو اسمه، 29 سنة وأبٌ لولدين، يعرف السباحة وثيابه الثقيلة لم تُسهّل عليه الأمر. فأضيف هذا الشخص البريء والمُسالم إلى قائمة طويلة من ضحايا العنصرية البغيضة، لم تفتأ تطول، خصوصاً بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وظهور الإسلام بشكل مرئي ومدوّ عبر مشكلة الحجاب في بدايات الألفية الثانية (2004).
صحيح أن الطبقة السياسية الفرنسية تحركت نتيجة هذه الفاجعة، ودفعت بالرئيس ميتران إلى الحضور لمكان الجريمة حيث ألقى من هناك زهرة في نهر السين، كما سبق له أن فعل ذات الشيء سنة 1986، حينما قتلت الشرطة الفرنسية طالباً جزائرياً، وهو مالك أوسيكين، دفين مقبرة بير لاشيز الشهيرة. كذلك أدان معظم الزعماء السياسيين والنقابيين الجريمة، وتميز موقف جاك شيراك، الذي انتخب رئيسا للجمهورية بعدها بأسابيع قليلة (17 مايو/أيار 1995)، بإدانته الصارمة للعمل الوحشي الذي يحمل صبغة عنصرية.. ما عدا جان ماري لوبين، مؤسس ورئيس حزب الجبهة الوطنية، الذي نأى بحزبه عن المأساة واعتبرها حادثاً عارضاً، وقال إن تظاهرته كانت قد وصلت لغايتها حين وقعت الجريمة، وأن مرتكبيها ليسوا أعضاء في حزبه السياسي.
وقد حكم على مرتكب الجريمة، وهو ميكائيل فريميني، وكان في التاسعة عشرة من عمره عند ارتكاب الجريمة، بالسجن لمدة سبع سنوات، وهو حُكمٌ مخفف إذا ما قُورن بحجم الجريمة. وفي سنة 2003 قرر عمدة باريس، الاشتراكي برتراند ديلانوي، وضع لوحة تذكارية في مكان الجريمة، باسم مواطني باريس.
وتجدر الإشارة إلى أن المنظمات والجمعيات المعادية للعنصرية تنظم كلّ سنة، في مثل هذا اليوم، وفي مكان الجريمة، تجمّعا لاستذكار الشهيد بوعرّام، وكل ضحايا العنصرية والإسلاموفوبيا، وللتذكير بالوجه العنصري المتطرف لحزب الجبهة الوطنية، رغم كل مُسوح التجميل التي تقوم بها، منذ أن أصبحت، في الانتخابات الأوروبية الأخيرة أوَّلَ حزب سياسي في فرنسا.
سيتظاهر الكثيرون من أبناء الجاليات العربية والإسلامية، من أبناء الطبقة العمالية ومن الطلبة، مع رفاقهم الفرنسيين وغيرهم، والمؤكد أن الكثيرين سيتذكرون الشهيد إبراهيم بوعرام، مثلما يتذكرون الشهداء الأوائل وكل شهداء الحركة العمالية، في فرنسا والولايات المتحدة وباقي دول العالَم، منذ سنة 1891 إلى اليوم.
اقرأ أيضاً:حقوقُ عمّالٍ ما زالت في الأدراج
حدث هذا قبل عشرين سنة أي 1 مايو/أيار سنة 1995، وكان رئيس فرنسا، حينها فرانسوا ميتران. تفرعت وقتها مجموعة صغيرة من تظاهرة صباحية ينظمها حزب الجبهة الوطنية وكل فلول وعصابات اليمين المتطرف والعنصري، من زاوية شارع ريفولي وساحة باليي رويال إلى ساحة الأوبرا، بمحاذاة نهر السين، وفاجأت مهاجراً مغربياً يتأمل نهر السين ومياهه، ويـتأمل وضعيته في مجتمع بدأت فيه بذور العنصرية تطل برأسها بعد انتهاء السنوات الثلاثين المجيدة، سنوات الرخاء وانعدام البطالة، وفرنسا التي تسوّق منتجاتها إلى العالم، فألقى المتظاهرون به في نهر السين، وغرق.
لم يكن المغربي إبراهيم بوعرام، وهذا هو اسمه، 29 سنة وأبٌ لولدين، يعرف السباحة وثيابه الثقيلة لم تُسهّل عليه الأمر. فأضيف هذا الشخص البريء والمُسالم إلى قائمة طويلة من ضحايا العنصرية البغيضة، لم تفتأ تطول، خصوصاً بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وظهور الإسلام بشكل مرئي ومدوّ عبر مشكلة الحجاب في بدايات الألفية الثانية (2004).
صحيح أن الطبقة السياسية الفرنسية تحركت نتيجة هذه الفاجعة، ودفعت بالرئيس ميتران إلى الحضور لمكان الجريمة حيث ألقى من هناك زهرة في نهر السين، كما سبق له أن فعل ذات الشيء سنة 1986، حينما قتلت الشرطة الفرنسية طالباً جزائرياً، وهو مالك أوسيكين، دفين مقبرة بير لاشيز الشهيرة. كذلك أدان معظم الزعماء السياسيين والنقابيين الجريمة، وتميز موقف جاك شيراك، الذي انتخب رئيسا للجمهورية بعدها بأسابيع قليلة (17 مايو/أيار 1995)، بإدانته الصارمة للعمل الوحشي الذي يحمل صبغة عنصرية.. ما عدا جان ماري لوبين، مؤسس ورئيس حزب الجبهة الوطنية، الذي نأى بحزبه عن المأساة واعتبرها حادثاً عارضاً، وقال إن تظاهرته كانت قد وصلت لغايتها حين وقعت الجريمة، وأن مرتكبيها ليسوا أعضاء في حزبه السياسي.
وقد حكم على مرتكب الجريمة، وهو ميكائيل فريميني، وكان في التاسعة عشرة من عمره عند ارتكاب الجريمة، بالسجن لمدة سبع سنوات، وهو حُكمٌ مخفف إذا ما قُورن بحجم الجريمة. وفي سنة 2003 قرر عمدة باريس، الاشتراكي برتراند ديلانوي، وضع لوحة تذكارية في مكان الجريمة، باسم مواطني باريس.
وتجدر الإشارة إلى أن المنظمات والجمعيات المعادية للعنصرية تنظم كلّ سنة، في مثل هذا اليوم، وفي مكان الجريمة، تجمّعا لاستذكار الشهيد بوعرّام، وكل ضحايا العنصرية والإسلاموفوبيا، وللتذكير بالوجه العنصري المتطرف لحزب الجبهة الوطنية، رغم كل مُسوح التجميل التي تقوم بها، منذ أن أصبحت، في الانتخابات الأوروبية الأخيرة أوَّلَ حزب سياسي في فرنسا.
سيتظاهر الكثيرون من أبناء الجاليات العربية والإسلامية، من أبناء الطبقة العمالية ومن الطلبة، مع رفاقهم الفرنسيين وغيرهم، والمؤكد أن الكثيرين سيتذكرون الشهيد إبراهيم بوعرام، مثلما يتذكرون الشهداء الأوائل وكل شهداء الحركة العمالية، في فرنسا والولايات المتحدة وباقي دول العالَم، منذ سنة 1891 إلى اليوم.
اقرأ أيضاً:حقوقُ عمّالٍ ما زالت في الأدراج