يكشف تقرير "كالنار في الهشيم: نمو التطرف العنيف داخل السجون المصرية"، الصادر عن منظمة "هيومن رايتس فيرست" كيف أن سجون مصر تحولت في السنوات الأخيرة في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بؤر تجييش لجماعات التطرف العنيف.
ونشر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الذي يعمل من فرنسا، اليوم الأربعاء، الترجمة العربية الكاملة للتقرير الذي يستند إلى شهادات جمعها باحثو هيومن رايتس فيرست من سجناء سابقين في مصر، تتوافق مع استنتاجات مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان المنشورة في كتابه الصادر عام 2017 "النُظم التسلطية العربية حاضنة الإرهاب".
وأشار مركز القاهرة إلى أن التقرير المترجَم يعد وثيقة مهمة للمنظمات والباحثين والأكاديميين والصحافيين الاستقصائيين المعنيين بدراسة ظاهرة التطرف العنيف ونموها في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، مسلطاً الضوء على دور السياسات القمعية عموماً والسياسات المتبعة في السجون على وجه التحديد في دعم الإرهاب والتحريض عليه.
وأثار التقرير بعض الإشكاليات المتعلقة باستغلال الديكتاتوريات العربية للإرهاب من أجل تأسيس أو تعزيز شرعيتها؛ ومن ثم تغذية هذا الإرهاب بسياستها الوحشية، كما يتضح بشكل صارخ في سجون مصر وأوضاع السجناء غير الإنسانية.
وحسب التقرير "يتحول ضحايا حرب الحكومة المصرية على الإرهاب إلى مقاتلين ينضمون بأعداد متزايدة للجماعات المتطرفة العنيفة. هذه نتيجة متوقعة للسياسات الوحشية التي تتذرع بمكافحة الإرهاب في سيناء، والتي تستهدف بشكل متزايد المواطنين المسالمين الذين لا يكنّون أي تعاطف مع ممارسات التطرف العنيف، مما يدفعهم إلى تبني أيديولوجيات راديكالية".
وينقل التقرير تجربة رجل من سيناء قُتلت أسرته ودُمر منزله في تفجير عسكري، وشاب آخر - ابن ضابط جيش - تم اعتقاله وتعذيبه لمجرد وجوده صدفة في مكان خاطئ، وقد طور كلاهما داخل السجن علاقات مع متطرفين وأعضاء في تنظيم "داعش" انتهت بتورط الشاب في ارتكاب الهجوم الانتحاري الذي شنه التنظيم عام 2016 على كنيسة قبطية في القاهرة وخلّف عشرات القتلى المدنيين.
وأكد التقرير تحول الجماعات المتطرفة العنيفة بالنسبة للرجلين إلى الوسيلة الوحيدة الواضحة للانتصاف والانتقام من الظلم الجسيم. هذان وغيرهما ممن عرض التقرير قصصهم ليسوا حالات فردية استثنائية، بل نتاج طبيعي لـ"النهج التقليدي الذي لا يرى إلا الجانب الأمني العسكري، والذي ينتهي إلى إشعال التطرف في ظل المظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتفشية في المنطقة العربية، مما يخلق سياقاً متقلباً تزيد من تفاقمه السياسات القمعية والمهمِّشة"، حسب التقرير.
وقال التقرير إن "تأثير الجماعات المتطرفة العنيفة واضح في سجون مصر، التي أصبحت في السنوات الأخيرة وحشية وغير إنسانية بشكل لم يسبق له مثيل. الأمر الذي منح تنظيم داعش قوة مضاعفة ملبيًا رغبة السجناء بعد تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة في الحماية والانتقام، ومستغلاً مشاعر اليأس والخذلان السائدة بينهم، ومعولاً على غياب أي بديل سلمي يمكن أن يؤدي إلى التغيير في مصر".
وفي 2017، كتب أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي خطاباً يحث الإدارة الأميركية على مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وإلا فعليها أن تقبل خطر "إدامة الظروف التي تساعد على تنامي التطرف العنيف والإرهاب". هذا التحذير الأميركي عزز وجهة نظر مدير مركز القاهرة، بهي الدين حسن، في مقدمة كتاب "النُظم التسلطية العربية حاضنة الإرهاب"، بأنه لم يعد بإمكاننا تجاهل العلاقة بين انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الإنسانية التي ترتكبها بعض الحكومات وبين تصاعد التطرف وانتشار الإرهاب.
ويدرس الكتاب العلاقة بين السياسات والممارسات السلطوية لمعظم الحكومات العربية، من خلال تحليلات متعمقة لخبراء وأكاديميين وحقوقيين من مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تركز على السياقات والأسباب الجذرية للإرهاب في سورية والعراق ومصر وتونس، وتقترح سُبلاً مختلفة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
Twitter Post
|