عندما يتوحش الرمل مهددا بالتصحر، لا يقف في مواجهته سوى الجذور والأغصان، حيث ترفع الأشجار رايات المقاومة ويكون المجد للغابات .. من هنا استحقت الغابات يوما عالميا للاحتفال بها.. وفي هذه المناسبة أصدرت منظمة الأغذية والزراعة تقريراً تؤكد فيه الدور الأساسي للأشجار في السيطرة على التصحر، والتكيف مع تغير المناخ.
واستعرض التقرير بيانات جديدة نشرت بمناسبة اليوم العالمي للغابات، تؤكد أنه على الصعيد العالمي لا يزال التراجع في مساحة الغابات مستمراً مع وجود خسائر كبيرة في الغابات في جميع أنحاء العالم.
ووفقًا لأحدث مسح متاح لدى المنظمة، تقلصت مساحة الغابات بنحو 5.3 مليون هكتار سنويًّا، أي ما يعادل خسارة صافية تناهز أربعة أضعاف رقعة إيطاليا، أو مساحة كولومبيا خلال الفترة 1990 - 2010.
وتشير النتائج، المحدثة للاستشعار عن بعد في إطار مسح عالمي، إلى أن مجموع مساحة الغابات اعتبارًا من عام 2010 بلغ 3.89 مليار هكتار أو ما يعادل 30% من المساحة الكلية لليابسة على وجه الأرض.
وتتوزع الغابات في العالم على نحو غير متساو، إذ يتركز أقل من نصف غابات العالم في المجال الاستوائي (45% من مجموع مساحة الغابات)، بينما يقع نحو الثلث في مجال المناطق الشمالية (31%)، وثمة كميات أصغر في مجالي المناطق المعتدلة (16%) وشبه الاستوائية (8%).
وحذرت المنظمة الأممية من أن التصحر يمثل تهديداً حاداً بشكل خاص في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بسبب التدهور المستمر للنظم الإيكولوجية للأراضي الجافة من جراء الأنشطة البشرية، والتغيرات المناخية، والظروف القاحلة وشبه القاحلة السائدة. "التحكم والتنبؤ بالعوامل البشرية والمناخية التي تنشأ وتتفاقم هى الطريق للحد من التصحر . يمكن للأشجار أن تلعب دورا استراتيجيا في السيطرة عليها ." هكذا تقول منظمة الأغذية والزراعة.
فعلى الرغم من أن الغابات في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا تغطي 6.3٪ فقط من إجمالي مساحة الأرض، إلا أنها توفر السلع والخدمات التي تذهب أبعد من مجرد توفير الخشب والمواد الغذائية.
"ونظرا للظروف المناخية القاسية والندرة الهيكلية للموارد المائية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، يمكن للغابات أن تسهم بشكل كبير في الحد من التصحر، وحماية إمدادات المياه والموارد، والتكيف مع والتخفيف من أثر تغير المناخ"، كما يقول عبد آدم عبد الحميد، الخبير الإقليمي للغابات في المنظمة.
ويضيف: "هناك بلدان، مثل الجزائر ومصر وليبيا وتونس والأردن والكويت والبحرين، تستخدم نحو 4.3 مليون هكتار من الغابات كوقاية ضد التصحر واستنزاف الأراضي".
وقالت المنظمة في بيانها إن هناك عددا كبيرا من التجارب الناجحة لمكافحة التصحر في المنطقة من خلال زراعة الأشجار. فقد نجح الحزام الأخضر المحيط بنواكشوط في الحد من زحف الرمال وحماية البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية للعاصمة، من خلال ضمان التمديد والإدارة المستدامة للغابات في المناطق الحضرية والضواحي. وهناك تجارب أخرى يمكن العثور عليها في المغرب والجزائر وإيران، كما أن الشراكة الحالية بين منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الأفريقي لتنفيذ مبادرة الجدار الأخضر العظيم مثال آخر على ضرورة الشراكة للحد من التصحر.
ماذا عن مصر؟
وفي مصر تتم زراعة حوالي 3 في المائة فقط من مساحة الأراضي، ولكن التصحر، بفعل النمو السكاني السريع، يستنفذ هذا المورد بوتيرة سريعة، وهو ما يمثل تهديدا للأمن الغذائي. وتوجد كل الأشجار تقريبا في مصر في الأراضي المروية وضمن المناطق الحضرية. وتقدر بنحو 61 مليون شجرة بما يوازي 0.7 للشخص الواحد.
وبحسب بيان المنظمة، تلعب الاشجار دورا حيويا في السياق المصري ليس فقط في الحد من تحركات الكثبان الرملية، ولكن أيضا في تحسين المناخ، والحد من تلوث الهواء، وتوفير بيئة صحية.
في العام الماضي، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة 21 مارس/آذار اليوم العالمي للغابات. واليوم تحتفل به وترفع الوعي بأهمية الغابات والأشجار خارج الغابات.