دعا أطباء وخبراء موريتانيون إلى إطلاق حملات توعوية لحث السكان على الإقلاع عن ممارسة الختان (الخفاض)، واعتبروا أن تراجع ممارسة هذه العادة في موريتانيا من 72 في المائة كانت مسجلة عام 2007 إلى 69.6 في المائة عام 2015 يشجع على تبني استراتيجية حقيقية لإقناع الأسر بخطورة ختان الفتيات والرفع من جهود القضاء على هذه الآفة.
وانطلقت أمس، الأربعاء، بمدينة النعمة، أقصى الشرق الموريتاني، أعمال ورشة حول تعزيز القدرات وتنسيق الجهود للقضاء طواعية على ظاهرة ختان الفتيات، وجاء اختيار مدينة النعمة لاحتضان هذه الورشة بسبب ارتفاع نسبة الخفاض فيها، حيث يؤكد الخبراء أن أكثر من ثلثي الفتيات دون سن الخامسة تعرضن للخفاض في هذه المدينة، حيث لا زالت الأسر متمسكة بتقاليد ختان الطفلات للحفاظ على عفة الفتاة وشرف العائلة، حسب المعتقدات الشعبية التي تعتبر الختان ضرورياً.
وتهدف هذه الورشة المنظمة من طرف وزارة الشؤون الاجتماعية والأسرة والطفولة إلى تعزيز القدرات والجهود للقضاء على ظاهرة الخفاض من خلال إقناع المواطنين ونشر النصائح الطبية والفتاوى الدينية المتعلقة بختان الفتيات.
وقال أحمد سالم ولد ببوط، مستشار وزيرة الشؤون الاجتماعية والأسرة والطفولة في الكلمة الافتتاحية، إنّ الورشة تندرج في إطار الاهتمام الكبير الذي توليه الوزارة للشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة والتي تعاني من سيطرة التقاليد والممارسات المضرة.
وأوضح أن الختان (الخفاض) ليس واجبا شرعياً وله أضرار صحية جسيمة، حسب الفقهاء والأطباء، وأكد أن مشاركين في الورشة من فقهاء وممثلين عن المجتمع المدني وقطاع الصحة سيستفيدون من عروض حول الخفاض وتبادل الآراء والخبرات للخروج بتوصيات هامة.
ووضعت الحكومة الموريتانية برنامجا مشتركا لمحاربة الخفاض، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والآخر الخاص بالطفولة، لكن المراقبين يعتبرون أن البطء في تنفيذ البرنامج لم يساعد على تحقيق النتائج المرجوة وخلق ثقافة حقوقية تعمل على محاربة الممارسات الضارة وفي مقدمتها الخفاض.
وتشير آخر دراسة نشرتها وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تراجع ممارسة الخفاض في موريتانيا، حيث وصلت النسبة العامة حسب هذه الدراسة إلى 69.6 في المائة بدلا من 72 في المائة التي كانت مسجلة سنة 2007، بينما سجلت نسبة 46.5 في المائة لدى الفتيات دون خمس سنوات.
وأظهرت الدراسة مؤشرا جديدا يفيد بالتغيّر الحاصل في اقتناع الأهالي بالتخلي الطوعي عن هذه الممارسة، حيث انتقلت نسبة الأهالي المقتنعين بضرورة التخلي عن هذه العادة السيئة من 38 في المائة سنة 2007 إلى 53 في المائة سنة 2012.
ويطالب الباحث الاجتماعي، إبراهيم ولد سيدي محمد، بتكثيف عمليات التوعية لتغيير العادات والمسلكيات والعمل الميداني بالمناطق الريفية للتوعية بخطورة هذه الممارسات وتسريع العمل للتخلص منها، مشيرا إلى أن موريتانيا كانت ستحرز تقدما كبيرا إذا استغلت الفتوى التي أصدرها الفقهاء بعدم وجوب ممارسة الخفاض وإعلان بعض القرى التخلي الطوعي عن هذه الممارسة.
ويشير إلى أن الدروس والحملات التوعوية أفضل وسيلة لمحاربة الخفاض، على اعتبار أن غياب الوعي بين الأسر في البوادي والتمسك بالعادات المتوارثة سبب رئيسي لارتفاع نسبة الخفاض بموريتانيا.
وتحتل موريتانيا المرتبة الثامنة عالميا من بين الدول التي سجلت بها أعلى نسبة لختان البنات، ورغم ذلك لا زالت السلطات تركز جهودها في مناطق محددة تعتبرها الأكثر تضررا من انتشار هذه الظاهرة، وهي غيدي ماغا ولبراكنه وكوركول ولعصابه والحوض الشرقي، بينما يطالب الباحثون بإصدار قانون يجرّم ممارسة ختان الفتيات.