ولدت الحكومة أخيراً في لبنان، وولّدت معها القليل من التفاؤل. هو بالأحرى تفاؤل حذر مترقّب ينتظر ما ستجلبه الأيام القليلة المقبلة من عمر الحكومة (القصير نسبياً) من تغيرات في الصورة العامة. قد نكون قد اعتدنا في السنوات السابقة على "نفض" اليد من كل ما قد يعتبر وعوداً لتحسين أوضاع النساء أو وضع قضايا المواطنين والمواطنات على أولويات جداول المسؤولين. لكن الواقع قد يشير إلى بصيص ضوء ولو خجول في ما خص أوضاع النساء في لبنان.
في البدء، نشير إلى أن وزارة لشؤون المرأة يعد تطوراً مقارنة بالسابق في مسار الحكومات اللبنانية. قد يعني ذلك أن ثمة تغييرا قد طرأ على خريطة الأولويات دون أن يعني بالتأكيد أن أوليات حقوق النساء (والإنسان عموماً) باتت على رأس القائمة. يبقى أن نأمل ألا تكون هذه الوزارة قد خصصت لقضايا النساء والعائلة في إشارة إلى أنها ستكرّس النظرة النمطية لدور النساء عبر نقله من الحيز الخاص إلى العام. لنأمل أيضاً أن يتم التنسيق مع المعنيين والمعنيات في هذا الملف لضمان إدراج قضايا النساء وإدماجها في جميع أو معظم عمل الوزارات من ضمنها الدفاع.
هذه النقطة تأتي بنا إلى توزير النائب جان أوغاسبيان ليشغل منصب وزير دولة لشؤون المرأة في لبنان. تداعت ردات الفعل السلبية على السوشال ميديا مستنكرة تولي رجل لهذا المنصب. في ردات الفعل هذه الكثير من التحامل كونها أحادية الجانب. أن نستنكر من وزير رجل شغل هذا المنصب هو من نفس منطق أن نتوقع من النائبة نايلة تويني مثلاً أن تضع أولويات حقوق النساء على رأس جداول أعمال مجلس النواب. وهذا ما لم يحصل أبداً. إذاً جندر الوزير ليس له علاقة مباشرة بالعمل على إدراج قضايا وحقوق النساء. السؤال هو إذا ما كان هذا الوزير شخصياً ملمّا بهذه القضايا. هذا السؤال أيضاً قد لا يكون في محلّه لدى النظرة الأكبر إلى التشكيلة الحكومية كونها غير مبنية على قاعدة التكنوقراط.
ننتظر من وزير الدولة لشؤون المرأة الكثير ونتوقع منه أن يلبّي توقعات عمرها عشرات السنوات من الانتظار لمثل هذه الخطوة. في ستة أشهر قد لا يكون من المنطقي أن تحقق هذه الوزارة أموراً ملموسة في هذا المجال، لكنها بالتأكيد قادرة على الدفع باتجاه إقرار كوتا نسائية لدى البحث في تعديل القانون الانتخابي، وعلى إنتاج بنك معلومات حول أوضاع النساء في لبنان. وقد تكون قادرة، كونها سابقة، أن تفتح المجال أمام التخطيط الحثيث لما يمكن لنا سواء في المجتمع المدني أو في مجموعة الخبراء الملحقين بالفريق الوزاري أن نحققه عبر هذه الوزارة.
يبقى الوقت سيد الموقف، لكن بصيص النور في آخر النفق قد يمكن البناء عليه للمستقبل.
*ناشطة نسوية