نظمت الجمعيات الخيرية والمنظمات المدنية في الكويت حملة تبرعات شعبية كبرى تحت عنوان "فزعة للكويت"، لمكافحة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على انتشار فيروس كورونا الجديد في الكويت، بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهي الجهة المخولة بالرقابة على العمل الخيري في البلاد.
واستطاعت الجمعيات الخيرية والمنظمات، التي بلغ عددها 41 منظمة وجمعية، جمع مبلغ 9 ملايين و169 ألف دينار كويتي (ما يعادل 30 مليون دولار أميركي) في غضون 18 ساعة فقط، تبرع بها 200 ألف متبرع تقريباً عبر الروابط الإلكترونية، وذلك تطبيقاً للشروط والالتزامات الصحية المفروضة من وزارة الصحة.
وقال المتحدث الرسمي باسم الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وهي إحدى أكبر الجهات الخيرية التي قامت بتنظيم الحملة، في تصريحات صحافية، إن هذه الحملة تأتي استجابة للخطاب الذي وجهه أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح للكويتيين، وطالبهم بـ"فزعة" لمساعدة الجهود الحكومية في مكافحة الآثار المترتبة على انتشار فيروس كورونا.
وستصرف عوائد الحملة لإغاثة الأسر المحتاجة التي تضررت بفعل انقطاع أفرادها عن العمل بسبب فيروس كورونا، وغالبها من فئة البدون، إضافة إلى العمال المياومين من الجنسيات الوافدة والذين انقطعت أعمالهم بسبب حظر التجول الجزئي وإغلاق الحكومة لكافة القطاعات التجارية، مما اضطر الكثير منهم للاستدانة أو النوم في الشوارع بسبب عدم مقدرتهم على دفع الإيجارات.
وقال عثمان الشمري، وهو ممثل لجمعية الإصلاح الاجتماعي، لـ"العربي الجديد" إن "مصاريف الحملة ستنقسم إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول هو دفع إيجارات العائلات المتعففة التي يعمل أبناؤها في الأعمال اليومية كباعة متجولين أو سائقي شاحنات وسيارات، وهي قطاعات تضررت بشدة جرّاء توقف الأعمال التجارية، أما القسم الثاني فسيكون لإغاثة عمال اليومية الوافدين وتقديم وجبات يومية لهم إضافة إلى الملابس ودفع الإيجارات، بينما سيكون القسم الثالث متعلقاً بمساندة الجهود الحكومية في تأثيث دور إيواء للمخالفين لقانون حظر التجول، والتي خصصت المدارس الحكومية كمقرات لها".
وأوضح الشمري أن "هدف جميع الجمعيات الخيرية، التي استجابت لنداء أمير البلاد وأوامر الحكومة الكويتية بعقد حملة للتبرعات، هو سداد التكاليف المعيشية والسكنية لكل من يعيش على أرض الكويت، وتضرر جرّاء فيروس كورونا المستجد، إلى شهر يونيو/ حزيران القادم، وفي حال عدم عودة الأمور إلى نصابها كما هو متوقع، فسنقيم حملة خيرية أخرى".
وتنازلت الجمعيات الخيرية عن رسومها الإدارية التي تتراوح بين 10٪ إلى 12٪ من عوائد كل حملة وذلك لتوفير المصاريف، كما تنازلت الشركات التقنية التي قامت بتصميم آلية الدفع الإلكتروني عن مستحقاتها وأتعابها لصالح الحملة.
وبدأت الحملة توزيع وجبات الطعام اليومية على الوافدين المتضررين من العمالة اليومية في مناطق جليب الشيوخ التي تعد أكبر تجمع عمالي في البلاد، والفحيحيل والفروانية وخيطان.
ويقف يومياً الآلاف من العمال في هذه المناطق، للحصول على وجباتهم الساخنة، إضافة إلى تقديم سكن لمن لا يستطيع دفع إيجاره منهم، لكن الكثير من أصحاب البنايات والعمارات، بحسب ما يقول هؤلاء العمال، اختاروا عدم تحصيل الإيجارات هذا الشهر نتيجة لتوقف الحركة الاقتصادية في البلاد.
وقال محمد الحصينان، وهو مدون وناشط، وأحد مؤسسي حملة "فزعة للكويت"، إن "الجمعيات الخيرية التي جمعت هذا المبلغ الكبير بدأت بالفعل توزيع هذه الأموال لصالح المحتاجين، خصوصا من العائلات الفقيرة، عبر تخصيص سلال غذائية لها تكفي احتياجاتها لأشهر إضافة إلى العمالة الوافدة".
وأضاف: "هذه ليست حملة خيرية عادية، بل تتم بإشراف حكومي، إذ تعاوننا وزارة الداخلية وهيئة المعلومات المدنية في توفير المحتاجين والصرف عليهم، خصوصاً أن الكثير من العمالة الوافدة وجدت نفسها في الشارع بسبب توقف حركة الاقتصاد والعمل في البلاد".
وتطوع الآلاف من الكويتيين في هذه الحملة الإلكترونية، حيث ساهم البعض في الدعم التقني لها، بينما تخصص آخرون في نشر روابط الدفع الإلكتروني في مجموعات "واتساب" وعبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتطوع سعود العازمي (19 عاماً) مع الجمعيات الخيرية في توزيع الوجبات الغذائية للعمال الوافدين في منطقة الفروانية، مع عدد من أصدقائه في الجامعة.
وقال سعود لـ"العربي الجديد": "لست وحدي من تطوع مع الجمعيات الخيرية واستجاب لهذه الحملة، إذ هناك الآلاف من الشباب الكويتيين الذين تطوعوا لمساعدة الفقراء وزيادة المجهود نحو عبور هذه الأزمة، الجميع يقول إن الكويت هي البلد التي لا يجوع فيها أحد، وهذه الحملات هي تأكيد لهذه المقولة".