أربعة أعوام مضت على واحدة من أبشع الجرائم التي عرفتها الإنسانية، والتي تمثلت بخطف وقتل وتهجير مجموعة من البشر بدوافع طائفية، هي جريمة سنجار التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بحق الأيزيديين.
الأيزيديون، الذين عاشوا طوال قرون في سنجار وقرى من سهل نينوى في شمال العراق، ما زالوا يبحثون عن المفقودين من ذويهم بعد إعلان القوات العراقية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، السيطرة على كامل المناطق التي فرض تنظيم "داعش" سيطرته عليها منذ يونيو/ حزيران 2014. تحرير المنطقة من "داعش" أدى إلى تحرير بعض المخطوفين الأيزيديين، ومن اعتبرهم التنظيم سبايا له من الأيزيديات.
اقــرأ أيضاً
الأيزيديون أقلية دينية قديمة في العراق، من بينهم عرب وأكراد، وعددهم أكثر من نصف مليون شخص، ويتركز وجودهم في نينوى، قرب المثلث العراقي السوري التركي.
في الثالث من أغسطس/ آب 2014، نفذ تنظيم "داعش" إبادة جماعية بحق الأيزيديين بعد اقتحامه مناطقهم، فقتل عدداً كبيراً ممن ظفر بهم من الرجال والشبان، في حين اقتاد النساء والفتيات والأطفال "سبايا" وكان يتاجر بهم في أسواق بالمناطق الخاضعة لسيطرته في العراق وسورية. أرغم التنظيم جميع "السبايا" على ترك دينهن، واستغلت النساء والفتيات الصغيرات استغلالاً بشعاً، بحسب ما يصف أيزيديون.
يقول عزيز محمود، الذي ساهم في عودة أيزيديين إلى ذويهم، إنّ "تنظيم داعش بعدما وجد نفسه محاصراً بدأ في الاستغناء عن الأيزيديين ببيعهم أو إهمال حبسهم". يوضح لـ"العربي الجديد"، أنّه توصل إلى معلومات عديدة عن أحوال الأيزيديين الذين يستغلهم "داعش" من خلال معارفه في الموصل وعدد من المدن التي كانت تقع تحت سلطته. يضيف محمود، وهو كردي كان يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين محافظات إقليم كردستان ومحافظات أخرى من بينها نينوى وصلاح الدين اللتان كان يسيطر عليهما التنظيم، أنّه من خلال علاقاته كانت تصله معلومات عن أيزيديين من كلا الجنسين، وتمكن من مساعدة أسر أيزيدية من خلال توفير مبالغ لشراء أبنائها وفكهم من الأسر. يؤكد أنّ عناصر "داعش" بعدما بدأوا يخسرون نفوذهم حاولوا التخلص من جميع الأعباء، ومنهم "السبايا" والأطفال الذين كانوا يستغلونهم، فعمد بعضهم إلى محاولة التواصل مع أسرهم وبيعهم.
تعرضت الفتيات الأيزيديات إلى استغلال بشع، وهو ما كشفته للعالم ناديا مراد، الأيزيدية التي هربت من تنظيم "داعش"، وروت ما عاشته وذويها من ظلم، ما دعا الأمم المتحدة لتعيينها سفيرة للنوايا الحسنة. مراد التي ذكرت علناً أنها تعرضت لاغتصاب جماعي وشاهدت مقتل ذويها، كانت مثالاً حياً لما وقع للأيزيديين، في حين ترفض العديد من الأيزيديات الحديث لوسائل الإعلام عما جرى لهن، إذ يعتبرنها فضيحة، فيما أخريات يتحدثن لوسائل الإعلام شريطة عدم ظهورهن أو ذكر أسمائهن الصريحة.
تقول "ش. ل." إنّ "داعش" عندما دخل إلى قريتها، حاولت الهرب برفقة عائلتها، المؤلفة من زوجها وولديها الصغيرين وابنتها التي كان عمرها 11 عاماً. لكنّها تضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ زوجها قتل مع مجموعة من رجال القرية، بينما أسرت مع أطفالها واقتيدوا إلى قرية أخرى. المرأة الأربعينية تقول إنّها اغتصبت، ولم تعرف من هم الرجال الذين اغتصبوها، لكنّها تؤكد أنّهم كانوا عرباً غير عراقيين. تذكر أنها بين الحين والآخر كانت تصلها أخبار ابنتها التي باتت "سبية" وبيعت عدة مرات، مشيرة إلى أنّ "امرأة مسلمة كانت موضع ثقة وترفض ما يفعله داعش بنا، هي التي نقلت أخبارها إلي". تتابع: "اغتصبت ابنتي وهي صغيرة. أما ولداي فلا أعرف عنهما أيّ شيء منذ اقتادوهما مع بقية الأطفال".
الأم اليوم تعيش مع ابنتها في بيت الأسرة الذي لم تعد تشعر فيه بحياة نابضة كما كانت تشعر بالأمس، حين كان أطفالها يملأونه ضجيجاً، "ابنتي تغيرت كثيراً. لم تعد تلك الفتاة المرحة. تشعر بالخوف من حلول الظلام ومن الهدوء ومن سماع صوت الرصاص. تقضي معظم النهار صامتة، تجلس بمفردها وتنظر إلى الخارج من نافذة الغرفة".
بعد خسارة تنظيم "داعش" الأراضي التي سيطر عليها، وإضعاف نفوذه، عادت أعداد كبيرة من الأيزيديين إلى مناطق سكنهم، لكنّ الخسارة كانت فادحة، بحسب منذر حساني، الذي يتحدث عن فقدانه عدداً كبيراً من أقاربه، واصفاً في حديثه لـ"العربي الجديد"، ما حصل بالـ"بشع جداً".
يقول حساني إنّ سفره إلى خارج البلاد كان سبباً في بقائه حياً، مشيراً إلى أنّه فقد جميع أفراد عائلته على يد التنظيم، "قتل والداي وأشقائي الثلاثة. هؤلاء كانوا جميع أفراد أسرتي". يتابع العشريني: "العديد من أقاربي قتلوا وآخرون ما زالوا مفقودين. قريبات لي تعرضن للاغتصاب وبعضهن صغيرات. زرت قريتي بعد تحريرها، فشاهدت منزلنا الذي نهب. لم أشأ البقاء هناك، فالقرية تذكرني بتلك الفظائع، فقررت الاستقرار في أربيل (شمالي العراق)".
كانت المديرية العامة لشؤون الأيزيديين التابعة لوزارة الأوقاف في حكومة إقليم كردستان، قد نشرت في وقت سابق، إحصائية شاملة لوضع أبناء الطائفة الأيزيدية عقب اجتياح تنظيم داعش للعراق، وذكر التقرير أنّ "عدد الأيزيديين قبل اجتياح التنظيم لقرى سنجار ونواحيها، كان يبلغ 550 ألفاً، نزح منهم 360 ألفاً، وهاجر 90 ألفاً. وإجمالي عدد المختطفين 6400، ويبلغ عدد الإناث منهم 3547".
اقــرأ أيضاً
وذكر أنّه جرى تحرير 3048 شخصاً من قبضة تنظيم "داعش"، بينهم 1092 امرأة، و819 طفلة، و803 أطفال. وما زال نحو 3350 ضحية مجهولي المصير حتى الآن. وبلغ عدد المقابر الجماعية التي عثر عليها في سنجار والقرى المحيطة بها أكثر من 40 مقبرة جماعية.
الأيزيديون، الذين عاشوا طوال قرون في سنجار وقرى من سهل نينوى في شمال العراق، ما زالوا يبحثون عن المفقودين من ذويهم بعد إعلان القوات العراقية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، السيطرة على كامل المناطق التي فرض تنظيم "داعش" سيطرته عليها منذ يونيو/ حزيران 2014. تحرير المنطقة من "داعش" أدى إلى تحرير بعض المخطوفين الأيزيديين، ومن اعتبرهم التنظيم سبايا له من الأيزيديات.
الأيزيديون أقلية دينية قديمة في العراق، من بينهم عرب وأكراد، وعددهم أكثر من نصف مليون شخص، ويتركز وجودهم في نينوى، قرب المثلث العراقي السوري التركي.
في الثالث من أغسطس/ آب 2014، نفذ تنظيم "داعش" إبادة جماعية بحق الأيزيديين بعد اقتحامه مناطقهم، فقتل عدداً كبيراً ممن ظفر بهم من الرجال والشبان، في حين اقتاد النساء والفتيات والأطفال "سبايا" وكان يتاجر بهم في أسواق بالمناطق الخاضعة لسيطرته في العراق وسورية. أرغم التنظيم جميع "السبايا" على ترك دينهن، واستغلت النساء والفتيات الصغيرات استغلالاً بشعاً، بحسب ما يصف أيزيديون.
يقول عزيز محمود، الذي ساهم في عودة أيزيديين إلى ذويهم، إنّ "تنظيم داعش بعدما وجد نفسه محاصراً بدأ في الاستغناء عن الأيزيديين ببيعهم أو إهمال حبسهم". يوضح لـ"العربي الجديد"، أنّه توصل إلى معلومات عديدة عن أحوال الأيزيديين الذين يستغلهم "داعش" من خلال معارفه في الموصل وعدد من المدن التي كانت تقع تحت سلطته. يضيف محمود، وهو كردي كان يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين محافظات إقليم كردستان ومحافظات أخرى من بينها نينوى وصلاح الدين اللتان كان يسيطر عليهما التنظيم، أنّه من خلال علاقاته كانت تصله معلومات عن أيزيديين من كلا الجنسين، وتمكن من مساعدة أسر أيزيدية من خلال توفير مبالغ لشراء أبنائها وفكهم من الأسر. يؤكد أنّ عناصر "داعش" بعدما بدأوا يخسرون نفوذهم حاولوا التخلص من جميع الأعباء، ومنهم "السبايا" والأطفال الذين كانوا يستغلونهم، فعمد بعضهم إلى محاولة التواصل مع أسرهم وبيعهم.
تعرضت الفتيات الأيزيديات إلى استغلال بشع، وهو ما كشفته للعالم ناديا مراد، الأيزيدية التي هربت من تنظيم "داعش"، وروت ما عاشته وذويها من ظلم، ما دعا الأمم المتحدة لتعيينها سفيرة للنوايا الحسنة. مراد التي ذكرت علناً أنها تعرضت لاغتصاب جماعي وشاهدت مقتل ذويها، كانت مثالاً حياً لما وقع للأيزيديين، في حين ترفض العديد من الأيزيديات الحديث لوسائل الإعلام عما جرى لهن، إذ يعتبرنها فضيحة، فيما أخريات يتحدثن لوسائل الإعلام شريطة عدم ظهورهن أو ذكر أسمائهن الصريحة.
تقول "ش. ل." إنّ "داعش" عندما دخل إلى قريتها، حاولت الهرب برفقة عائلتها، المؤلفة من زوجها وولديها الصغيرين وابنتها التي كان عمرها 11 عاماً. لكنّها تضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ زوجها قتل مع مجموعة من رجال القرية، بينما أسرت مع أطفالها واقتيدوا إلى قرية أخرى. المرأة الأربعينية تقول إنّها اغتصبت، ولم تعرف من هم الرجال الذين اغتصبوها، لكنّها تؤكد أنّهم كانوا عرباً غير عراقيين. تذكر أنها بين الحين والآخر كانت تصلها أخبار ابنتها التي باتت "سبية" وبيعت عدة مرات، مشيرة إلى أنّ "امرأة مسلمة كانت موضع ثقة وترفض ما يفعله داعش بنا، هي التي نقلت أخبارها إلي". تتابع: "اغتصبت ابنتي وهي صغيرة. أما ولداي فلا أعرف عنهما أيّ شيء منذ اقتادوهما مع بقية الأطفال".
الأم اليوم تعيش مع ابنتها في بيت الأسرة الذي لم تعد تشعر فيه بحياة نابضة كما كانت تشعر بالأمس، حين كان أطفالها يملأونه ضجيجاً، "ابنتي تغيرت كثيراً. لم تعد تلك الفتاة المرحة. تشعر بالخوف من حلول الظلام ومن الهدوء ومن سماع صوت الرصاص. تقضي معظم النهار صامتة، تجلس بمفردها وتنظر إلى الخارج من نافذة الغرفة".
بعد خسارة تنظيم "داعش" الأراضي التي سيطر عليها، وإضعاف نفوذه، عادت أعداد كبيرة من الأيزيديين إلى مناطق سكنهم، لكنّ الخسارة كانت فادحة، بحسب منذر حساني، الذي يتحدث عن فقدانه عدداً كبيراً من أقاربه، واصفاً في حديثه لـ"العربي الجديد"، ما حصل بالـ"بشع جداً".
يقول حساني إنّ سفره إلى خارج البلاد كان سبباً في بقائه حياً، مشيراً إلى أنّه فقد جميع أفراد عائلته على يد التنظيم، "قتل والداي وأشقائي الثلاثة. هؤلاء كانوا جميع أفراد أسرتي". يتابع العشريني: "العديد من أقاربي قتلوا وآخرون ما زالوا مفقودين. قريبات لي تعرضن للاغتصاب وبعضهن صغيرات. زرت قريتي بعد تحريرها، فشاهدت منزلنا الذي نهب. لم أشأ البقاء هناك، فالقرية تذكرني بتلك الفظائع، فقررت الاستقرار في أربيل (شمالي العراق)".
كانت المديرية العامة لشؤون الأيزيديين التابعة لوزارة الأوقاف في حكومة إقليم كردستان، قد نشرت في وقت سابق، إحصائية شاملة لوضع أبناء الطائفة الأيزيدية عقب اجتياح تنظيم داعش للعراق، وذكر التقرير أنّ "عدد الأيزيديين قبل اجتياح التنظيم لقرى سنجار ونواحيها، كان يبلغ 550 ألفاً، نزح منهم 360 ألفاً، وهاجر 90 ألفاً. وإجمالي عدد المختطفين 6400، ويبلغ عدد الإناث منهم 3547".
وذكر أنّه جرى تحرير 3048 شخصاً من قبضة تنظيم "داعش"، بينهم 1092 امرأة، و819 طفلة، و803 أطفال. وما زال نحو 3350 ضحية مجهولي المصير حتى الآن. وبلغ عدد المقابر الجماعية التي عثر عليها في سنجار والقرى المحيطة بها أكثر من 40 مقبرة جماعية.