في شوارع مكّة المكرّمة، بدأ الحجّاج يتنقّلون أفواجاً أفواجاً قبل أيّام. من كلّ أرجاء المعمورة، وفد هؤلاء المسلمون ليؤدّوا مجتمعين مناسك الحجّ التي انطلقت من وادي مِنى، أمس السبت، في الثامن من ذي الحجة من عام 1437 للهجرة، الموافق في العاشر من سبتمبر/ أيلول 2016، قبل صعود جبل عرفة.
في هذه الفسحة، يجتمع ضيوف الرحمن في كلّ عام، وإن اختلفت وجوههم وأسماؤهم. الحجّ واجب لمرّة واحدة في العمر لكلّ بالغ قادر من المسلمين. في السنة التاسعة من الهجرة، أصبح الحجّ فرضاً يعيده المؤرّخون إلى ما قبل الإسلام، إلى عهد النبي إبراهيم الخليل. ولأنّ المسلمين أجمعين يؤمنون بمنافع الحجّ الروحيّة الكثيرة وبفضله الكبير عليهم، فإنّهم يؤدّون بطوائفهم المختلفة مناسكه.
ويجتمع ضيوف الرحمن في كلّ عام، وسط تسامح يميّز تلاقيهم، هم المتحدّرون من أصول مختلفة. يجتمعون بعيداً عن الخلافات التي قد تفرّقهم خارج هذه البقعة من العالم. هي خلافات تتعدّد وتتباين، بحسب تباين طبيعتها وتعدّد أشكالها، غير أنّ هذا التسامح يبدّدها.
هل يحمل هؤلاء تسامحهم الذي عرفوه في هذه الأرض المقدّسة، معهم عند عودة كلّ واحد منهم إلى دياره ومحيطه؟ لو فعلوا، لوفّروا على أنفسهم وعلى من حولهم الكثير. لو فعلوا لعاشوا روحيّة هذا الموسم المقدّس على مدار العام، منبذين الفرقة.
لضيوف الرحمن جميعاً، حجّ مبرور وسعي مشكور.