كثيراً ما تحدثت الحكم القديمة عن التوازن في كلّ شيء، إذ إنّ "خير الأمور أوسطها". كذلك، تحارب المبادئ الحديثة لحقوق الإنسان كلّ تطرف، وتدعو للمساواة وتكافؤ الفرص. وكما يتسبب التطرف أيديولوجياً وسياسياً في حروب ومعارك تحاول إلغاء الآخر تماماً، يتطرف البعض في حياتهم اليومية.
وفي مسألة فيروس كورونا الجديد، فإنّ التطرف يسود بأشكال مختلفة.
هناك من يعيشون حالة هلع مستمرة، فيضيفون إلى صفاته المخيفة أصلاً، صفات أكثر رعباً بكثير، ويقتنعون بذلك ويهددون الآخرين بما يقتنعون به، بل يمارسون ضدهم موجات كراهية إذا لم يقتنعوا. أحد الأشخاص بينما كنت أشتري الخبز سألني من خلف كمامته لماذا لا أضع كمامة. تجاهلته، وأخذت خبزي ومضيت. هو مقتنع تماماً بأنّ الكمامة مصدر حماية له، مع أنّها ليست كذلك أبداً، بل قد تكون نتيجة وضعها أسوأ، لكن من يمكن أن يقنعه بذلك؟
وهناك من يحاربون الفيروس بالأدعية، والصلوات، والآيات، والأحراز، والنداءات، والمناجاة، والطقوس العقائدية المختلفة. وبالرغم من أنّهم يلجأون إلى الدواء والأطباء في كلّ ما يواجههم من مشاكل صحية عادة، فإنّ سلوكهم لا يدلّ على إعطائهم أيّ فضل للطبّ والعلم ولمنجزاتهما. هذا الوضع أعطى الفيروس بيئة خصبة في بعض المجتمعات الدينية المغلقة التي لم تلتزم أيّ سبيل من سبل الوقاية.
فريق ثالث يقتنع بشدة بأنّ الفيروس مصنوع في المختبر، على العكس من تأكيدات منظمة الصحة العالمية أنّه طبيعي المنشأ. وهؤلاء ينقسمون بين من يتهمون الولايات المتحدة بتصنيعه، ومن يتهمون الصين، بحسب البلد الذي ينتمون إليه، وبحسب الفترة، منذ بدء انتشار الفيروس من الصين في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفريق رابع يتجاهل الموضوع بكامله، ولولا إجراءات الطوارئ والعزل الصحي والإقفال في مدن العالم، لتابع حياته كالمعتاد.
هو وضع جديد، وكلّ جديد يثير الارتباك، فما بالكم إذا ما كان مرضاً خطيراً عدواه سريعة!؟ وضع قد يبدّل خريطة السيطرة الاقتصادية والسياسية العالمية، وربما يؤدي إلى حروب مختلفة سواء في هذه المرحلة أو في غيرها، وإعادة تموضع كونية بين القوى المسيطرة. وبالتأكيد، فإنّ انتشار الفيروس وما صاحبه من إجراءات عالمية، سيغير كثيراً من عاداتنا الثقافية التي بدأت بالفعل تتغير بأبسط الأمور التي نشهد عليها في تعاملنا مع بعضنا البعض، وفي تعاملنا مع السوق والعمل والمال والدولة والمؤسسات الصحية والتعليمية والإعلام.
اقــرأ أيضاً
أما إذا ما طال أمد انتشار الفيروس والإجراءات المصاحبة له، وتحققت التبدّلات تلك فعلاً، فربما عندها سيكون هناك تبدّل آخر في شكل مؤسساتنا الاجتماعية الحداثية نفسها، التي نشأت من الثورة الصناعية، وعبرت من حربين كونيتين وثالثة باردة، ثم عالم قطب واحد، وعولمة وثورة معلوماتية مرافقة. أما شكل المؤسسات والمجتمعات التي ستنشأ عن وباء، فلا نعرفها واقعياً، ولا بدّ من نبش سيناريوهاتها من كتب وأفلام الخيال العلمي.
وفي مسألة فيروس كورونا الجديد، فإنّ التطرف يسود بأشكال مختلفة.
هناك من يعيشون حالة هلع مستمرة، فيضيفون إلى صفاته المخيفة أصلاً، صفات أكثر رعباً بكثير، ويقتنعون بذلك ويهددون الآخرين بما يقتنعون به، بل يمارسون ضدهم موجات كراهية إذا لم يقتنعوا. أحد الأشخاص بينما كنت أشتري الخبز سألني من خلف كمامته لماذا لا أضع كمامة. تجاهلته، وأخذت خبزي ومضيت. هو مقتنع تماماً بأنّ الكمامة مصدر حماية له، مع أنّها ليست كذلك أبداً، بل قد تكون نتيجة وضعها أسوأ، لكن من يمكن أن يقنعه بذلك؟
وهناك من يحاربون الفيروس بالأدعية، والصلوات، والآيات، والأحراز، والنداءات، والمناجاة، والطقوس العقائدية المختلفة. وبالرغم من أنّهم يلجأون إلى الدواء والأطباء في كلّ ما يواجههم من مشاكل صحية عادة، فإنّ سلوكهم لا يدلّ على إعطائهم أيّ فضل للطبّ والعلم ولمنجزاتهما. هذا الوضع أعطى الفيروس بيئة خصبة في بعض المجتمعات الدينية المغلقة التي لم تلتزم أيّ سبيل من سبل الوقاية.
فريق ثالث يقتنع بشدة بأنّ الفيروس مصنوع في المختبر، على العكس من تأكيدات منظمة الصحة العالمية أنّه طبيعي المنشأ. وهؤلاء ينقسمون بين من يتهمون الولايات المتحدة بتصنيعه، ومن يتهمون الصين، بحسب البلد الذي ينتمون إليه، وبحسب الفترة، منذ بدء انتشار الفيروس من الصين في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفريق رابع يتجاهل الموضوع بكامله، ولولا إجراءات الطوارئ والعزل الصحي والإقفال في مدن العالم، لتابع حياته كالمعتاد.
هو وضع جديد، وكلّ جديد يثير الارتباك، فما بالكم إذا ما كان مرضاً خطيراً عدواه سريعة!؟ وضع قد يبدّل خريطة السيطرة الاقتصادية والسياسية العالمية، وربما يؤدي إلى حروب مختلفة سواء في هذه المرحلة أو في غيرها، وإعادة تموضع كونية بين القوى المسيطرة. وبالتأكيد، فإنّ انتشار الفيروس وما صاحبه من إجراءات عالمية، سيغير كثيراً من عاداتنا الثقافية التي بدأت بالفعل تتغير بأبسط الأمور التي نشهد عليها في تعاملنا مع بعضنا البعض، وفي تعاملنا مع السوق والعمل والمال والدولة والمؤسسات الصحية والتعليمية والإعلام.
أما إذا ما طال أمد انتشار الفيروس والإجراءات المصاحبة له، وتحققت التبدّلات تلك فعلاً، فربما عندها سيكون هناك تبدّل آخر في شكل مؤسساتنا الاجتماعية الحداثية نفسها، التي نشأت من الثورة الصناعية، وعبرت من حربين كونيتين وثالثة باردة، ثم عالم قطب واحد، وعولمة وثورة معلوماتية مرافقة. أما شكل المؤسسات والمجتمعات التي ستنشأ عن وباء، فلا نعرفها واقعياً، ولا بدّ من نبش سيناريوهاتها من كتب وأفلام الخيال العلمي.