قضى العراقيون في عموم محافظات البلاد، أسبوعهم بالتبضع من الأسواق، وتخزين المواد الغذائية والطبية الضرورية والوقود، خوفاً من تداعيات التظاهرات، المتوقع خروجها يوم غد الجمعة الموافق لـ25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وما قد تفضي إليه من أزمات سياسية غير متوقعة.
وازدحمت الأسواق التجارية والمحلات بالمتبضعين، رجالا ونساء، ما تسبب بإفراغ شبه تام للبضاعة في أغلب الأسواق، وسط ارتفاع ببعض الأسعار بسبب استغلال التجار لذلك بتحقيق مكاسب مالية.
وبحسب أبو ماجد، وهو تاجر للمواد الغذائية في منطقة الشورجة (أكبر المناطق التجارية ببغداد)، فإن مخازنه "بدت شبه فارغة بسبب الإقبال الكبير على الشراء من قبل أصحاب المحلات التجارية والمواطنين"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "البضاعة المتوفرة لدي في المخازن كانت تكفي لمدة لا تقل عن 20 يوما، لكنها نضبت تقريبا بمدة ستة أيام فقط".
وأكد، "تفاجأنا هذا الأسبوع بأعداد المتبضعين، إذ لم يكونوا من أصحاب المحال التجارية فقط، بل حتى المواطنين بدأوا بشراء مواد غذائية بالجملة بشكل مباشر من مخازننا، خوفا من حدوث أزمة بعد التظاهرات"، مبينا أن "أغلب مخازن تجار الجملة في سوق الشورجة بدأت تخلو من البضاعة بسبب كثافة الإقبال، وننتظر وصول كميات استوردناها، لكن في حال قطعت الطرق فإنها لن تصل، وتلقائيا ستكون هناك أزمة في السوق".
وفرضت السلطات العراقية، حظرا للتجوال مع قطع الإنترنت وإغلاق منافذ العاصمة العراقية بغداد ومراكز المدن التي شهدت التظاهرات لعدة أيام مطلع هذا الشهر، وهو ما يجعل الناس يتخوفون من سيناريو مشابه يدفعهم لهذا الاستعداد.
حملة التبضع التي تشهدها المحافظات العراقية، لم تقتصر على المواد الغذائية، بل إن الأهالي يحاولون خزن الوقود وحتى بنزين السيارات رغم خطورته.
وقال مسؤول في وزارة النفط العراقية، إنه "لا توجد أزمة بالوقود السائل والغازي حتى الآن، وإن الوزارة عملت على توفيره تلافيا للأزمة"، مستدركا خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن "الأزمة متوقفة على تداعيات التظاهرات وأي نتائج غير متوقعة أو صدامات قد تفضي إلى تجددها في كافة القطاعات ومنها النفط".
وأشار إلى أن "المواطنين يقبلون حاليا على شراء غاز الطبخ، والنفط الأبيض، وحتى بنزين السيارات، ويخزنونه في حدائقهم"، محذرا من "خطورة البنزين وسرعة اشتعاله، ويجب ألا يخزن داخل الحدائق وباحات المنازل".
العراقيون يؤكدون أن مرارة الأزمات التي عاشوها تدفعهم إلى توفير وتخزين المواد الضرورية تلافيا للأزمات.
وفي السياق قالت الحاجة أم عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن "ما عانيناه خلال الأزمات المتعاقبة من شحّ المواد الغذائية والطبية والوقود والمواد الضرورية الأخرى، جعلنا نتخوّف من أي أزمة تحدث في البلاد. لا نريد أن نرى أطفالنا جياعاً ولا غذاء لهم. الأزمات صعبة للغاية"، مبينة "لدينا مخزن داخل بيتنا نطلق عليه مخزن الأزمات، عملنا طوال هذا الأسبوع على خزن المواد الضرورية فيه، من طحين وزيت وأرز وبقوليات والمواد الأخرى التي تتحمل التخزين لفترات طويلة".
وأكدت أن "خزن هذه المواد يكفينا لمدة شهرين على الأقل، وبعدها ننتظر ما ستؤول إليه الأمور"، مشيرة الى أن "استغلال التجار للأزمة تسبب بارتفاع أسعار البضاعة في السوق المحلية"، منتقدة "عدم متابعة الحكومة للتجار المتحكمين بالأسواق والذين يستغلون الأزمات لرفع سعر البضائع".
يجري كل ذلك في ظل قلق وعدم استقرار سياسي تعيشه البلاد، مع تصاعد حدة الغليان الشعبي والغضب، ضد استشراء الفساد وعدم توفير فرص عمل للمتظاهرين، وسط إجراءات حكومية غير مقنعة.