أعاد متظاهرو ساحة التحرير، في وسط العاصمة العراقية بغداد، الحياة إلى ضفاف نهر دجلة من جهة ساحل الرصافة عند جسر الجمهورية، بعد أن كان مكبا للنفايات طوال السنين التي أعقبت احتلال العراق عام 2003.
ونجح بضع عشرات من المتظاهرين في تنظيف الشاطئ، ووضع مقاعد وتجهيز أماكن للراحة، فضلا عن ترتيب بعض مناطقه كساحات لألعاب مختلفة تجذب الزوار، إضافة إلى تحويله إلى استراحة للمتظاهرين.
وقال أحد المشاركين في تجهيز المنطقة: "ما عجزت عنه البلدية وأمانة عاصمة بغداد لسنوات، نجح فيه المتظاهرين خلال بضعة أيام. ما جرى على ضفاف دجلة سبقته حملات تنظيف للنفق والشوارع المحيطة بساحة التحرير".
وقال الناشط علي عباس، لـ"العربي الجديد": "نحن أصحاب المنطقة، وليس لنا غيرها، وأردنا أن نوصل رسالة للحكومة والسياسيين حتى يشعروا بحجم فسادهم، وما اقترفوه بحق العراق والعراقيين طيلة السنوات الماضية".
وأوضح هيمن رشيد (22 سنة)، لـ"العربي الجديد": "شاطئ التحرير كان مكباً للنفايات، وبدأنا العمل كفريق لتنظيفه ورفع النفايات منه، وقمنا بطلاء الجدران التي تطل على الشاطئ، وتم نصب خيام وإنارة الشاطئ، وبدأت الناس بالتوافد إليه، فأقمنا منصة للأغاني والشعر والمسرح والهيب هوب والراب، وكلها تتلاءم مع روح الشباب".
وأبدى المحامي محمد خضير شامخ إعجابه بمبادرة المتظاهرين، وكيف حولت هذه المساحة المهملة طيلة 16 عاما إلى شاطئ يستقطب عائلات بغداد، وقال لـ"العربي الجديد": "شاطئ التحرير أصبح مفعماً بالحياة بفضل الشباب وعزيمتهم وجهودهم، وهم الثروة الأعظم التي يمتلكها البلد، وأهم من كل الثروات التي تتنافس فيها البلدان".
وأضاف شامخ: "أثبتنا للعالم أن الشباب طاقة إنتاج يمكنها أن تنافس، رغم الإمكانيات البسيطة المتوفرة عندهم، وقد أثبتوا أن المكان الذي يضعون فيه بصمتهم يكون نابضاً بحب العراق، كما أنهم لم ينسوا تضحيات إخوانهم شهداء ساحة التحرير".
وقال الناشط سالم المظلوم، لـ"العربي الجديد": "الحكومة ضيّعت 16 عاماً من عُمر الشعب، أما المتظاهرون الشباب فقد منحونا الأمل في حياة أفضل. المتظاهرون الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة هم الأبطال، وهم قادتنا الآن، لأنهم استطاعوا بإمكانات بسيطة تنظيف الشاطئ، وجعله مكانا للعائلات والشباب، بعيداً عن الطائفية والحقد اللذين كان السياسيون يضخون كميات كبيرة منهما كل يوم، في حين استطاع الشباب توحيد العراقيين".