مع أول أيام الفصل الدراسي الثاني في العراق، لبّت أغلب المدارس الدعوة للإضراب عن الدوام، اليوم الأحد دعماً لمطالب المعلمين بمنحهم حقوقهم، وتغيير المناهج الدراسية، على أن يستمر الإقفال غداً الإثنين أيضاً.
وجاء الإضراب تلبية لدعوات نقابة المعلمين التي انتشرت الأسبوع الفائت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأعلن الإضراب رسمياً في ثلاث محافظات هي واسط، وبابل، وكربلاء، أمّا المحافظات الأخرى فتخللها دوام في بعض المدارس بنسب قليلة جداً.
وقال مدير مدرسة ثانوية في بغداد لـ"العربي الجديد": "لم نعلن تأييدنا الرسمي للإضراب، لكن بصفتنا كوادر تدريسية اتفقنا وأوصلنا رسائل للطلاب بعدم الدوام"، مبيناً أنّ "هذه الخطوة تأتي احتجاجاً على عدم منح المعلمين حقوقهم وامتيازاتهم، إذ إنّ المعلم يعدّ من أقل طبقات المجتمع من بين موظفي الوزارات الأخرى، من ناحية الامتيازات".
وأضاف "أنّ الإضراب هو احتجاج على عدم تغيير المناهج الدراسية، التي طالبنا بتغييرها عدّة مرات، لكونها غير مناسبة لمستوى الطلاب ومراحلهم العمرية، لكن كانت مطالبنا من دون جدوى، فضلاً عن النقص الكبير في الكوادر التدريسية في عموم المدارس".
وشمل الإضراب اليوم نسبة 90 بالمائة في مدارس البلاد، بحسب شهود عيان ومدرّسين أكدوا ذلك، لكن الخشية من القرارات الحكومية دفعت عدداً بسيطاً من إدارات المدارس للإبقاء على الدوام.
وتؤكد وزارة التربية أنّ الحقوق التي يطالب بها المعلمون تقع على عاتق الحكومة لا وزارة التربية. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة فراس محمد، إنّ "الإضراب يؤثر سلباً على المسيرة التعليمية في البلاد، فهو طريقة مرفوضة من قبلنا".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "مديريات التربية أصبحت مرتبطة بمجالس المحافظات، وأنّ الحقوق التي يطالب بها المعلمون، ليست على عاتق الوزارة بل عاتق الحكومة حصراً، فالوزارة لا يمكنها تلبية المطالب بتوفير قطع أراض لهم ومنحهم امتيازات مادّية أخرى".
وتؤكد نقابة المعلمين العراقية، أنّ "الحقوق في العراق باتت لا تستحصل من دون الضغط على الحكومة". وقال عضو النقابة هشام الشيخلي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تضغط بشكل كبير على المعلمين، من خلال عدد المحاضرات اليومية، لتسدّ بهم نقص عدد الكوادر التدريسية، لكن مقابل ذلك لا تمنحهم الحقوق".
وأكد أنّ "مطالبنا بمنح المعلم حقوقه، أهملت على مدى سنوات طويلة، لذا لجأنا الى الإضراب في خطوة للضغط على الحكومة والحصول على الحقوق"، مشيراً إلى أنّ "المعلم هو أساس بناء المجتمع، ويحتاج إلى رعاية وتوفير متطلبات الحياة الكريمة له، لا أن يعمل بالتدريس صباحاً ويمارس عملاً آخر مساءً حتى يسدّ رمق أطفاله".
وحذّر الحكومة "من استمرار تجاهلها لمطالب وحقوق المعلمين"، مؤكداً أنّ "الإضراب سيستمر ليومين، وقد يتجدّد في وقت آخر".
يأتي ذلك الحراك في وقت ما زالت فيه حقيبة وزارة التربية شاغرة، بسبب الخلافات السياسية التي اعترضت طريق انتخاب أي مرشح لها.
ويعاني الواقع التعليمي في العراق من إهمال وتردٍ كبيرين، بين نقص المدارس ونقص الكوادر التدريسية، إضافة إلى موضوع المناهج الدراسية التي لا تتناسب مع مستوى إدراك الطالب، فيما عجزت الوزارة عن إيجاد حلول لها.