بعد أكثر من عامين على توقيفها، وجد المحلّفون في محكمة "هولبيك"، غرب العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، أن شابة دنماركية في السابعة عشرة، أشهرت إسلامها قبل عامين، مذنبة بتهمة "التخطيط للقيام بهجمات إرهابية". وطلب الادعاء سجنها مدى الحياة، في القضية المعروفة باسم "قضية كوندبي".
ويعتبر المختصون في القضاء أن الأمر "يعد سابقة قضائية في الدنمارك، فعند اعتقال الشابة وتقديم لائحة اتهامات ضدها، كانت في الخامسة عشرة". بحسب ما أكد لـ"العربي الجديد" أحد أعضاء فريق الدفاع عن شاب من أصل عربي متهم بأعمال "إرهابية"، أن "الحكم المشدد بناء على قانون مكافحة الإرهاب يحمل أيضا إشارة للآخرين".
وأخطر التهم التي أدينت بها الشابة هي "التخطيط لتفجير قنبلة ضد مدرستين يهوديتين". ووجد المحلفون، اليوم الثلاثاء، أنها مذنبة بكل التهم التي وُجهت إليها في "التخطيط لأعمال إرهابية"، بالإضافة إلى تهم بالعنف.
وأثارت هذه القضية جدلاً كبيراً بين المختصين في قضايا المراهقين. إذ أصر أطباء نفسيون على أن الشابة "كانت تعاني من اضطرابات في السلوك والهوية، ولم تكن تدري ما تقوم به". إلا أن أحد القضاة وجد أن "ما كانت تقوم به ليس فيه أدنى شك أنه محاولة تنفيذ عمل إرهابي".
وفي بعض تفاصيل هذه القضية التي سمحت المحكمة اليوم بتسريبها إلى للصحافة، أن "الشابة كانت تبحث عبر الإنترنت عن كيفية صناعة قنابل من مواد كيميائية وسماد"، وفقا لما نشر بعد صدور الحكم.
والمثير في الأمر أن والدة الفتاة وصديقا لها كانا يُجريان أعمال صيانة في قبو المنزل، حين اكتشفا تلك المواد المفترض استخدامها لتصنيع القنابل، بالإضافة إلى إرشادات مطبوعة، فاتصلا بالشرطة التي عثرت على المزيد من الأدلة والمراسلات عن الأهداف المنوي تفجيرها، عند القبض عليها مع شاب جرى إطلاقه هذا العام ولم توجه له تهمٌ في هذه القضية.
ومن بين الأدلة التي قُدمت أمام المحلفين "محادثات أجرتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع عدد من الجهاديين من داعش، خصوصا شخص يسمى أبوبكر، تسألهم عن نصائح وإرشادات باللغة الإنكليزية، ونيتها تفجير المدرستين باستخدام قنابل"، بحسب ما ذهب إليه المدعي العام في هذه القضية، كريستيان كيرك.
وتُحتجز الشابة في مؤسسة مغلقة خاصة بالشباب إلى حين تبلغ الثامنة عشرة، فتُنقل إلى سجن مشدد الحراسة، باعتبار الحكم "بدون سقف زمني". وعادة ما تصدر الأحكام بمدى الحياة على مرتكبي جرائم كبرى، ولا يحدد زمن إطلاق سراحهم.
واعتقلت السلطات الأمنية الدنماركية الشابة في يناير/كانون الثاني 2016، وأخذت قضيتها الصادمة للمجتمع اهتماماً إعلامياً كبيراً، باعتبارها واحدة من القضايا القليلة التي طاولت مراهقين من أصل دنماركي، على خلفية قانون مكافحة الإرهاب المتشدد. وأبقت السلطات قضيتها قيد الكتمان دون إطلاع الرأي العام والصحافة على تفاصيلها.
وعلى تلك الخلفية، عُرضت اليوم أدلة جديدة تقدم بها الدفاع لإنقاذ الشابة من الحكم المشدد، وهو أمر سيحسمه القضاة، إلى جانب الأخذ بما تعانيه من مرض نفسي، يوم الخميس المقبل.
ويسود الجدل بين الأطباء النفسيين والادعاء بشأن العقوبة وأين ستقضيها. ففي حين يعتبر الادعاء أنها "تستحق أن تحجز مدى الحياة لما تشكله من تهديد على المجتمع"، يذهب المختصون التربويون والنفسيون إلى اعتبار الحكم قاسيا ولا يتناسب مع التهم المفترضة، وأنها "شابة تعاني من اضطرابات نفسية وأزمة هوية".