في محاضرته "الإسلام وكارهوه في أوروبا" التي نثظّمت في القاهرة مؤخّراً، يردّ الكاتب الفرنسي آلان غريش، اهتمامه في دراسة الإسلام إلى اعتقاده بأن هذا الدين يؤدّي، اليوم، دوراً مهمّاً في العالم، وفي المجتمعات الغربية. ويضيف، في الندوة التي عقدت في القاهرة الأربعاء، أنه ومنذ أحداث 11 سبتمبر 2001، اتجه عشرات الآلاف من الفرنسيين إلى شراء نسخٍ مترجمة من القرآن، إذ "اعتقدوا أن القرآن سيقدّم إجابةً عن السؤال الذي يشغلهم: هل الإسلام دين إرهابي؟".
يضيف صاحب "الجمهورية والإسلام والعالم" (2004)، أن مفهوم الإسلام في الغرب (وعند المسلمين في الغرب) يختلف كثيراً عن السائد في المجتمعات العربية والإسلامية، لافتاً إلى أنه التقى، أيضاً، ببعض من يعتبرون أنفسهم "مسلمين اشتراكيين" و"مسلمين ملحدين" وغيرهم، مضيفاً، بعد لحظاتٍ ضجّ فيها الجمهور ضحكاً من العبارة الأخيرة، أن الكاثوليكية، مثلاً، هي دين موحّد تحت زعامة البابا. ورغم ذلك، هناك تيارات تدّعي الكاثوليكية، وهي تتراوح بين اليمين المتطرّف واليسار المتطرّف، وأنه لا يُمكن فهم هذه المنظّمات والتيارات بالرجوع إلى الإنجيل، و"كذلك الأمر بالنسبة إلى القرآن"، معتبراً، هنا، أن اهتمام الغرب بالإسلام ليس دينياً أو أيديولوجياً؛ بل سياسي فحسب.
وبالنسبة إلى ظاهرة الإسلاموفوبيا، يوضّح غريش أن ثمّة تفسيرين لأسبابها؛ الأول يربطها بالإرهاب من القاعدة إلى داعش. أما الثاني، فلأن الأجيال المسلمة في أوروبا ترفض هوية المجتمع الأوروبي. لكنه يستدرك أن الصراع بين الغرب والشرق كان قبل ظهور هذه التنظيمات الإرهابية.
هنا، يلفت إلى مقال نُشر في "التايمز" عام 1995 يقول إن "الخطر الأحمر قد زال وحلّ مكانه الخطر الأخضر (كناية عن الإسلام)"، مردفاً أن هناك علاقة بين نهاية الحرب الباردة وشعار حرب الحضارات وفكرة الحرب ضد الإسلام.
يتطرق غريش أيضاً إلى مشاريع الإخوان المسلمين في البلاد العربية، فيقول إن شعار "الإسلام هو الحل" ليس مفهوماً؛ "رؤية الإخوان المسلمين للحلّ غير واضحة، فقد انتظرناهم عاماً لنرى كيف يُترجم الشعار. لكن، اتّضح أنهم لا يملكون برنامجاً سياسياً؛ إذ لا يوجد دين له برنامج سياسي".
كما يشير أنه ولفهم المواقف السياسية فلا بد من وضعها في سياقاتها "إذا أردنا أن نفهم دور "حماس"، فلا ينبغي حصرها في أنها "إخوان مسلمون"، بل يجب أن نتفهّم سلوكها المرتبط بواقع المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي". ويردف "لا بدّ أن نلاحظ أن العالم الإسلامي أو العربي لم يدخل أبداً مرحلة الديمقراطية التي تعمل فيها الأحزاب بحرية، ما يهيّئ المناخ للخطاب الديني الحماسي المسيَّس، الذي هو الأسهل والأكثر استفادةً من الدين، والذي سرعان ما ينحرف في حال التمكّن من السلطة".