"حب في بغداد"، "أيام الأسبوع الثمانية"، "موت مواطن عنيد"، "الصامتات"، "ترنيمة كرسي هزاز"، "الظلال"، "أيلتقي جبلان؟"، "جزيرة العنز"، "ألف رحلة ورحلة"، "ليلة السكاكين"، وغيرها.. إنها أسماء مسرحيات وأفلام ومسلسلات وأعمال موجّهة للطفل وأخرى إذاعية، نقاط ترسم مسيرة الممثلة العراقية إقبال نعيم (1958).
في حديثها إلى "العربي الجديد"، تقول نعيم "رغم توزّع أنشطتي الفنية، أعتبر المسرح بيتي، وهو بين كل هذه الأنشطة صاحب التوجّه الأقوى والأكثر حدّة فنية. المسرح يذهب إلى إعادة صياغة الحياة، وهو أكثر أساليب التعبير التي تقدّم رؤية تنويرية وجمالية لمتلقيه".
عن واقع المسرح في العراق اليوم، تقول "بسبب الهزّات الكثيرة في تاريخ العراق المعاصر، كان المسرح أقرب إلى التعرّض للتضييق أو التهميش، بل للعنف أيضاً، حيث دمّرت الكثير من المسارح. نحن الآن نمتلك مسرحاً واحداً في بغداد هو "المسرح الوطني"، وهو لا يتّسع لطموحاتنا، إضافة إلى تجربة "منتدى المسرح" وهو بيت بغدادي قديم تحوّل إلى مسرح يقدّم تجارب الشباب".
تتابع "في 2008 ، ظهر انفراج نسبي في الحياة الثقافية العراقية، ثم تدعّم ذلك مع تظاهرة "بغداد عاصمة للثقافة العربية" في 2013". وعن مواكبة الصحافة للحراك الفني، تقول نعيم: "للأسف ليس ثمة انعكاس كبير لجهود الفنانين".
ترى أنه يوجد شغل فني ونقدي لا تنقله الصحافة، في مقابل التركيز على الجوانب الخبرية التي لا تهتم سوى بالعروض، تبيّن "الكثير من القضايا يخفيها العرض، مثل عملية إنجازه التي تتضمّن تضحيات قام بها الممثلون والتقنيون وصعوبات الحصول على الدعم لإنتاجه".
على مستوى آخر من مسيرتها، تدرس نعيم المسرح من ناحية نظرية، حيث أنجزت رسالة دكتوراه حول الأداء الصامت، وهي بذلك تعبّر عن مشروع في تطوير البعد الأدائي مقابل ما تلاحظه من هيمنة للنص في المسرح العراقي.
تقول "ربما بسبب الحرب والفجوات التي حدثت في الحياة العراقية، أصبح الكلام في المسرح أهم من الجسد. يعني أصبح الممثل يهتم باللغة لأنه محمّل بالكثير من البوح وبالكثير من الأفكار ومن العتاب لما حدث وما يحدث في حياتنا".
ترى نعيم أنه ينبغي للصورة أن تكون المؤدّي الأبرز فوق الخشبة، فالمسرح لا يأخذ صفة العالمية اعتباطاً وإنما بسبب استخدامه للعلامات التي يمكن أن يفهمها أي إنسان، واستعمال هذه العلامات يزيد من إدهاش المتلقي وبالتالي التأثير فيه.
تعتبر نعيم أن جسد الممثل قادر على توليد المشهدية بمعزل عن الكلمة والإضاءة، وهي تقول "أحب دراسة هذه الوضعية التي تفتح على مئات اللغات والإيحاءات"، متابعة أن "سيطرة النص في المسرح ظاهرة ينبغي أن نغادرها. إن إضافة الممثل نابعة من جسده الذي يخلق بحضوره علاقة مع كل شيء حوله حتى الستارة. بهذا التصوّر لا يصبح الممثل مجرّد منفّذ، إنه شريك المخرج ومكمّل له".
تهتم نعيم أيضاً بمسرح الطفل الذي لا يقل أهمية بحسبها عن المسرح الموجّه للكبار، كما شاركت في برامج أطفال تلفزيونية وفي دبلجة أفلام كرتون. تلاحظ أن "العراق يعيش اليوم حالة إهمال للطفولة، خصوصاً أمام ما يتعرّض له الأطفال من تهجير ويُتم مبكّر وهدم للمدارس، حتى أيام العطل تتحوّل إلى أيام دراسة بسبب أعمال العنف".
في لقاءاتها المسرحية مع الأطفال تدعو نعيم إلى "اللعب". تجد في مسرح الطفل فضاء لتقديم مزيج بين الواقعي والأسطوري، وتدمج بين الحركة والموسيقى والكلمة، معتبرة أن نموذجها هو قصص الجدّة التي ترى أن الأطفال يحتاجون لمثل هذا السرد من أجل نمو سليم، كما تستند بعض أعمالها على الألعاب الشعبية.
تقول: "في خيال الأطفال يمكن للمسرحي أن يصنع لنفسه لحظة براءة داخلية، فأنا أيضاً استهلكتني الحرب والبشاعة، فأعود لأبحث عن الطفلة التي في داخلي".
اقرأ أيضاً: ليلى طوبال: في مرآة بلادها ومتناقضاتها