في معرضه الجديد، الذي افتُتح أمس في "غاليري ميم" في دبي، ويحمل اسمه الأول، نشاهد مجموعةً من أعمال التشكيلي السوري مروان قصّاب باشي (1934)، أُنجزت بين أوائل الستينيات ونهاية السبعينيات. أعمالٌ تصوّر تطوّر تجربة الفنّان، وانتقاله التدريجيّ من الواقعية، إلى التجريدية والسوريالية.
تتراوح اللوحات المعروضة بين أعمال زيتية في شكلها النهائي، وأخرى هي أقرب ما تكون إلى سكيتشات منفذّة على الورق. إذاً، ثمّة مجموعتان، يُمكن من خلالهما الاطّلاع بشكل أوضح على تحوّلات تجربة باشي، وأسلوبيّته في بناء أعماله واقتراح شخصيّاتها.
أكثر ما يلفت في المعرض (يستمر حتى السادس من تمّوز/ يوليو المقبل)، تركيز باشي، في كلا المجموعتين على الوجه؛ حيث تمنح العينُ الملامحَ هويّتها. عين لا تكفّ عن التحديق، إلى درجة نظن معها أن الشخصية على وشك أن تقول شيئاً ما.
في الأعمال القديمة، نرى اهتماماً واضحاً من باشي بأجساد شخوصه وليس وجوهها فقط. أجساد غالباً ما تبدو مسترخية وغير مبالية، تترك الوجه ليعطي تعبيره ويعرّف بنفسه. إلّا أنّ هذا الاهتمام بالجسد تقلّص تدريجيّاً، ليصبح الوجه هو المركز؛ وجوه مشوّهة غالباً، لا يخفى على مُشاهدها أنها ساخرة وكاريكاتورية، وشاحبة أيضاً.
يستوقفنا في المعرض عمل يعود إلى عام 1965، وهو بورتريه للسياسي السوري منيف الرزاز، أحد أبرز قيادات حزب البعث العراقي في تلك الفترة. نلاحظ في هذه اللوحة أن وجه الرزاز يتأرجح بين القلق والسخرية، كما أنّه لم ينجُ من اللطخات التشويهية التي يضفيها باشي على أعماله. عملٌ بدا وكأنّه يتنبّأ بما آل إليه الرزاز؛ إذ اتُهم، عام 1979، بالتآمر على صدّام حسين، وبقي مسجوناً حتى وفاته عام 1986.