"هنا لدينا أمراء وباشوات/ وبكوات أكثر من الحمير/ لديهم من الثروات ما لا يعلمون/ وغالبية الناس في جوع!/ وفوق الجميع لدينا أفندي/ يسيّر الناس بأوامر الإنكليز". يظنّ من يقرأ هذه الكلمات بأنها لشاعر مصري يشكو ظلم أسرة محمد علي باشا التي أتت من ألبانيا وحكمت مصر قرناً ونصف.
غير أن صاحب هذه القصيدة كان شاعراً ومحامياً ألبانياً يدعى أنطون زاكو تشايوبي (1866-1930)، وقد كتب أشعاراً كثيرة ينتقد فيها فساد الخديوي توفيق، وعبّر عن نفسه بوصفه مصرياً مثل غيره من الألبان الذين انتقلت عائلاتهم للإقامة في مصر مطلع القرن التاسع عشر.
أشهر هؤلاء كان الشاعر أحمد رامي، إضافة إلى كتّاب آخرين مثل: فيليب شيروكا، وفان نولي، وحافظ حلمي الأرناؤوطي اندمجوا في الحياة العامة وأسّسوا صحفاً وجمعيات.
تبدو هذه الفترة التاريخية هي الأشد قرباً وتفاعلاً بين الثقافتين العربية والألبانية، ربما ساهم في حدوثها مشروع محمد علي في بناء دولة حديثة صهرت فيها قوميات عديدة (ألبان وأتراك ويونانيون وطليان وفرنسيون وغيرهم).
يشير كثيرون إلى قرابة الأليريين (أجداد الألبان) والفينيقيين، أو إلى هجرة جبلة بن الأيهم الغسّاني إلى ألبانيا (بعد رفضه اعتناق الإسلام)، وغيرها من روايات أسطورية حول قرب ثقافتين جارتين لا تعرفان بعضهما سوى عبر قليل من الترجمات التي يقدّمها أفراد هنا وهناك.