في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الرواية المترجمة والفلسفة والفكر والسيرة الذاتية والشعر.
■ ■ ■
صدرت حديثاً عن "منشورات المتوسط" رواية "كتاب الأوهام" للأميركي بول أوستر، بترجمة أسامة منزلجي. يدور العمل حول أستاذ جامعي يفقد زوجته وولديه الصغيرين في حادث تحطُّم طائرة، يقضي أيامه يتخبّط في حياة من الحزن والاكتئاب. ثمّ، بينما يُشاهد التلفزيون في أحد الأيام، يُصادف مقطعاً من فيلم مفقود يعود إلى زمن السينما الصامتة من تنفيذ الفنان الكوميدي هكتور مان. يدفع الفضول، وربما اليأس، بطل الرواية إلى القيام برحلة حول العالم بحثاً عن مان الذي اختفى عن الأنظار عام 1929، وافتُرِضَ على مدى ستّين عاماً أنه قد مات.
في طبعة مشتركة بين "منشورات ضفاف" و"الاختلاف"، صدر مؤخراً كتاب "نقد الحرية.. مدخل الى فلسفة إمانويل ليفيناس" للباحث المغربي رشيد بوطيب بتقديم من المفكّر الألماني أكسيل هونيث. ينطلق العمل من مقولة للمفكّر الفرنسي (1906 - 1995) يعتبر فيها أن الضعف الإنساني ينبغي النظر إليه كفضيلة، ومنها يسائل المؤلّف ثلاث قراءات فينومينولوجية قام بها ليفناس لكل من إدموند هوسرل ومارتن هايدغر وجان بول سارتر. يمكن اعتبار العمل إضافة للمكتبة العربية باعتبار أن ليفيناس لم يحظ بعدُ بدراسات عربية تحاول الاستفادة من فكره.
صدرت حديثاً عن "مركز المحروسة للنشر" في القاهرة ترجمة رواية "رسائل أنقرة المقدّسة" لقدرية حسين، وقد نقلها إلى العربية أحمد رفعت. للكاتبة (1888 - 1955)، وهي ابنة السلطان حسين كامل الذي كان والياً لمصر، وتركت عدّة مؤلّفات تمزج بين التأريخ والأدب، وتعدّ روايتها هذه أحد الشواهد على تاريخ العلاقات الدولية التي أثّرت في تكوين المنطقة العربية في العصر الحديث عبر سرد تاريخ العلاقات بين العثمانيين والمصريين من ناحية، وبين أوروبا والشرق من ناحية أخرى، في مرحلة كانت السلطة العثمانية تتفكّك والقوى الاستعمارية يزداد نفوذها.
"عالم يكسب: حياة كارل ماركس وعمله" عنوان الكتاب الصادر حديثاً للمؤرّخ السويدي سفن- إيريك ليدمان الذي يكتب سيرة ذاتية جديدة للمفكر الألماني (1818 - 1883) من خلال تفحّص أطروحاته حول العائلة والمجتمع والمساواة وصولاً إلى الاشتراكية، في محاولة للإجابة عن تساؤل أساسي حول سر جاذبية صاحب "رأس المال"، وهل يعود ذلك إلى مميزات استثنائية في الرجل الذي عاش في القرن التاسع عشر والذي يتوقّف الكتاب عند أبرز محطّات حياته التاريخية؛ مثل الثورات الأوروبية في أربعينيات ذلك القرن، أم أن إخفاقات الرأسمالية هي من تعيدنا إليه؟
صدرت، مؤخّراً، عن دارَي "بروزارت ميديا" و"باتا بريس" الترجمة المقدونية لرواية "مطر حزيران" للكاتب اللبناني جبور الدويهي. صدر العمل باللغة العربية في 2006، وهو رابع عمل روائي يصدره مؤلّفه بعد "اعتدال الخريف" و"ريا النهر" و"عين الوردة"، وفيه يسرد قصة إيليا الكفوري الذي هربت به أمّه من دوي الحرب الأهلية في لبنان نحو نيويورك، ثمّ يتتبّع عودته إلى بلده الأم وبحثه الحثيث عن حقيقة مصرع والده. يُذكر أن الرواية كانت قد تُرجمت إلى لغات أجنبية أخرى؛ مثل الألمانية والإيطالية والفرنسية والإنكليزية.
بترجمة أنجزها الشاعر التونسي صلاح بن عياد، صدر مؤخراً عن '"منشورات وشم" كتاب "الشرقيات" للشاعر الفرنسي فيكتور هيغو (1802 - 1885) وهو مجموعة شعرية تضم 41 قصيدة صدرت أول مرة عام 1829 وكتبت معظم نصوصها قبل عام من صدورها. تُعدّ هذه القصائد من شعر البدايات رغم اعتراف النقّاد باكتمالها الفني، وتظهر فيها المؤثّرات الاستشراقية ممتزجةً بالأسلوب الرومنطيقي. من قصائد ديوان "الشرقيات"، نذكر: "آلام الباشا"، و"الأسيرة"، و"السلطان المفضّل"، و"المشية التركية"، و"المعركة الخاسرة"، و"الجان"، و"أشباح"، و"أغاني القراصنة".
"الدين والسياسة في تونس والفضاء المغاربي.. بين الإرث التاريخي وإكراهات الواقع" عنوان كتاب صدر مؤخراً للمؤرخ التونسي عبد اللطيف الحناشي عن "منشورات سوتيمديا"، وهو إصداره الثالث بعد "المراقبة والمعاقبة بالبلاد التونسية 1881 - 1955"، و"تطور الخطاب السياسي في تونس إزاء القضية الفلسطينية 1920 - 1955". يشتغل العمل الجديد على التأريخ للراهن؛ حيث يضيء الكيفية التي اندمجت بها الحركات الإسلامية بمختلف تنويعاتها في المشهد السياسي في بلدان المغرب العربي، خصوصاً بعد منعطف الانتفاضات العربية التي غيّرت معظم الأنظمة.
"كولوش رئيساً: تاريخ ترشّح أبله" كتاب صدر مؤخّراً عن منشورات "بور دولو" للباحثة الفرنسية ماري درويه بوجول. في تشرين الأول/ أكتوبر 1980، قدّم الفنان الكوميدي ميشال كولوشي المعروف بـ "كولوش" ترشّحه للانتخابات الرئاسية. من هذه الحادثة، تنطلق بوجول في استقراء ظاهرة استعمال الحياة الحقيقية في السخرية، حيث يخرج الكوميدي من إطار الخشبة المسرحية أو التلفزيون ليصبح هزله جزءاً من الفضاء العام. تدرس المؤلّفة أيضاً ردود أفعال النخب السياسية والإعلامية، حيث ترى أن حضور كولوش في القائمات الانتخابية أربك حسابات كثيرة.