تمثّل التأويلية كمجال فكري رهاناً خاصاً في البلاد العربية، بالنظر إلى ما توفّره من أدوات لاستنطاق النصوص والظواهر وإعادة قراءتها، وهو ما يفتح على قضايا التراث والدين والتاريخ وغير ذلك مما يمكن اعتباره إشكاليات كبرى في الفكر العربي المعاصر.
"في الحاجة إلى التأويل" عنوان مؤتمر علمي يقام يومي 25 و26 من الشهر الجاري في "كلية الآداب والعلوم الإنسانية" في تطوان المغربية، ولعلنا من العنوان نتحسّس النهج العام للمشاركات التي تتوزّع على مجموعة جلسات علمية أُولاها جلسة بعنوان "التأويل في الفلسفة" يشارك فيها عبد السلام بنعبد العالي بمحاضرة بعنوان " في المعرفة والسلطة"، وعز العرب لحكيم بناني الذي يتحدّث حول "الهيرمينوطيقا والنظرية الاجتماعية"، فيما تحمل محاضرة الباحثة التونسية فوزية ضيف الله عنوان "نيتشه المتعدّد، في لا نهائية التأويل".
أما الجلسة العلمية الثانية، فهي بعنوان "التأويل في اللسانيات وفلسفة اللغة" ويشارك فيها كل من محمد غاليم، ومحمد الرحالي، ومحمد الحيرش، وسعيد غاردي. اليوم الثاني يتناول المشاركون فيه قضايا "التأويل في الأدب"، ومن بين ما يقترحه المؤتمر محاضرة لعبد الرحيم جيران بعنوان "من التأويل إلى التآول"؛ تليها مداخلة محمد بازي بعنوان "مشروع القارئ البليغ: المسارُ المسْلوكُ والأفق المنْتَظَر"، فيما تحمل محاضرة الباحث الأردني نزار مسند قبيلات عنوان "من التخيّل التاريخي إلى التأويل" ويتحدّث عبد الرحمن التمارة حول "التراث السردي: التأويل بالحكاية عبد الفتاح كيليطو نموذجاً".
تخصّص أيضاً جلسة لمقاربة التأويل في النص الديني والنص التاريخي، وفي هذا الإطار يحاضر مولاي أحمد صابر حول "التأويل؛ قراءة جديدة في التداول اللغوي للمفردة بين الشعر والقرآن"؛ ويتحدّث عبد الرحيم الحسناوي حول "النص التاريخي: دلالات التفسير والتأويل"، فيما يتناول أحمد مونة "مقتضيات النفي في الاستدلال الاستصحابي في النظر الأصولي"، ويحلّل رشيد بن السيد "منهج النقد التاريخي للنص المقدس عند اسبينوزا".
تشير محاور المؤتمر إلى الفضاءات المتعدّدة التي يمكن أن تطبّق فيها التأويلية اليوم، كما تشير إلى أن الثقافة العربية يمكنها أن تصنع لها في هذا المجال المعرفي تقاليد تختلف عن المنجز الغربي، مستفيدة من خصوصيات التراث العربي الإسلامي من جهة وتفرّعات الواقع المحلي وتعدّده بتنوّع البلاد العربية وتمثّلاتها الدينية والإبداعية.