شهد عام 1912 تقاسم البلاد بين باريس ومدريد، وعقدت عدّة مؤتمرات وتفاهمات دولية بعد تصاعد الأحداث داخل المغرب وحوله، وقد حظيت تلك الفترة باهتمام العديد من الباحثين والمؤرخين ومنهم الفرنسي جاك كايي في كتابه "مدينة الرباط حتى الحماية الفرنسية: تاريخ وأركيولوجيا" الذي نقله إلى العربية مؤخراً الباحث المغربي حسن أميلي بمساعدة إبراهيم إغلان.
تنظّم عند الرابعة من مساء اليوم الخميس في "المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث" في الرباط قراءة في الكتاب الصادر عن "منشورات جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة" يشارك خلالها الباحثون العربي الرباطي وعبد الرزاق العسري وأحمد سراج، ويديرها عبد العزيز توري.
يمثّل الكتاب موسوعة لمختلف معالم الرباط الحضارية في ثلاثة أجزاء، خُصّص الجزء الأول للدراسات التاريخية، والجزء الثاني للتصاميم والرسوم، والجزء الثالث للصور الفوتوغرافية، وتمّ توثيقه على المستوى الأركيولوجي ليشكّل نوعاً من حفظ الذاكرة لهذه المدينة العريقة في معمارها وتاريخها وحضارتها وعمرانها وتطورها.
يذكر أميلي في تصريحات سابقة أنه تردّد منذ عام 1986 في ترجمته بسبب الحجم الكبير للنص، وكثافة المعلومات التي يزخر بها، لاسيما في بعده التقني، ما تطلّب منه حوالي عام ونصف حتى أتمّ الترجمة ثم قارن المحتوى بالمصادر العربية للتحقّق من تطابق نقل العديد من الأسماء والأماكن والمصطلحات إلى الفرنسية.
يتناول الكتاب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في الرباط في زمنٍ سبق تحوّلها إلى عاصمة للبلاد، ومن المفارقات التي يتضمّنها أن مدينة مراكش تفخر باحتضانها سبعة أضرحة لأولياء صالحين، بينما تضمّ الرباط أضرحة سبع نساء وليات صالحات.
يعتمد المؤلّف على البحث والاستكشاف والزيارة الميدانية وتدوين الرواية الشفوية، حيث يشتمل على أكثر من مئة وثمانين خريطة وتصميماً وتسعين صورة فوتوغرافية ولوحة، والتي تعرض الطرز الهندسية والزخارف المستعملة في المباني العسكرية والمدنية والدينية.