أسوة بالقادمين من النسيان
يشحذ الفنجان حوافه.
كلنا أولاد أيقونات ومقابر:
إخوة المدن نحن.
الجهات التي لا تشير إليها المجسات
وأفعال الرصد.
نقتني الكلاب الطليقة ونطوق جيادها بالعقود
وأقدامها بالسلاسل
(هكذا دأبنا).
نرمي أمامها كلما أرسلت تيهاً ووفاءً
بعظمة ٍ - قطعة شحم - خبرٍ سارٍ
وقبل ذلك نكون قد تمكنا منها باسم ناعم
جمعنا أحرفه بالصدفة أو بالإصرار.
ورثناه أو سرقناه
من واحة قصيةٍ.. في الغالب يكون
لفظة تمنيتَ أن تلصقها
على كتفي أبيك لو أتاح لك الكاهن
أو جدك أن تنوبه في المراد.
على دفتر ابنتك
إن سنحت زوجتك.
كل اسم ثلاجة يدليكَ الحاضر
من عظامها.. يسلخون جلدك
وهم يسحبونك بـ يا جوزيف
يا إليسندرا فيما أنت تلاعب
أذنيك في الانقياد والسرور.
نخبّئ الكنى والأسماء في شقوق
بعيدة في المخ ونقفل سراعاً إلى جباهنا.
نتحرّش بالمعاني لكي لا تضيع كلمات الدخول
فنربط كل اسم إلى حدوة حصان
أو نزوة إلى صلاة رضيعة أو مجاز
ولا نسلم
تتأمر علينا الأحرف.
تتوارى لتمتحن المقاصد
وتظهر شامتة بعد أن نيأس.
كل اسمٍ مقبرةٌ بأبواب مشرعة
مقابرُ جدّية حشود سيماؤنا
نعتقلها في زنازين يافعة
ثم نطفو بأصداغنا ندلكّ بالمحاباة
ما قام منها في العرق والبعد.
كل لفظة جبَّانة ولودٌ
جثة - جثث لا يقترب الدودُ
من دهونها وهمودها..
مقابر لا تفتأ تتوهّج
مساحات لا يقربها النتن والتحلل.
تقدّس رنينها: درجنا
على تقليبه في الكراهية
والمحبة. فهرب الصدأ بعيداً
وهو يحشو سنانه في محاجره
أن نضعها في أيدي المقامرين
وسارقي الإطارات.
فلربما نستعيدها
في القادم.
لكي لا تسقط قيمتها
في البورصات.
وليجد الشرف لأبنائه حيلة
ينزلق من خلالها إلى مظالم الشعب
وخذلانته. ليقف في الساحات
خطيباً يرفع ساقه المبتورة المحنطة
ويقول: ستكون البلاد بخير.
نحن أهل الخلاص.. آل الـ
الـ حتى نندفع في الخرابة
يوقعنا في الفخ معه مستبسلين
نحمل "آلـ" الوطنية والأهلية تلك.
نتحرّك بهذه الدوامة:
ونحن نعلم الكثير.
نعرف جيّداً أن منسوب المياه تجاوز
الممنوع. أن للنهاية قنطرة مرئية
أننا واهمون وغير مستعدين للعب.
أن الأسماء العائلية
مقابر جماعية ومتوحشة.
نعلم ولا نستطيع من ذلك فكاكاً..
لا ينجو منا أحد
غير ذلك الاسم العلم المفرد
الذي يحمل قبره وحيداً
ويغادر
ملوِّحاً.
* شاعر من اليمن