قال والدي إنه لا يجدر بي أن ألفت الانتباه إليّ وأنا أنمو، فأكلتُ دون أن يزيد وزني
قال والده إن الرجل الذي يخون بلده يخسر العفو من الحرق في الأفران
قالت والدته إنه هو من يعرف عرّابيه ويمكنه الزواج دون مباركة الرب
قالت والدتي إن الرجل الذي يخون زوجته سترغب بإنجاب قاتل
قالت والدتها إن ليلى ذات القبعة الحمراء ذهبت إلى بيت جدتها لكي تقبّل ذئبها
قال والدها إنه لن يكون في خشية من أمره لأن الحسنات أفضل من النوايا
قال أبي إن المموِّل ليس مسؤولاً عن ذلك الانقسام في الأحزاب وإنما الحيوانات النافقة
قلتُ إن تموضُعَ العالم قد ضُبِطَ بشكل متأخر للغاية فشكراً للمراسيم القديمة
قلتُ إن النبوءة التي حلّتْ عليّ مُخادِعةٌ كملح خُبِطَ فوق رأسي
قلتُ في أحلامي إني نجوتُ من هذا وإن المعتقَلين أغرموا بي
قلتُ إني عدوتُ على سكّتيّ الحديد جنباً إلى جنب مع أحلامي، كنتُ مخطوفةً ــ هذا صحيح
قلتُ إني لم ألتقِ بامرئ بعد حادثة كتلك، ليس هناك من شيء يزنُ ضعفي العدم.
***
يأس مطبَق
تنصِّبُ طبيعتي البشرية نفسها
السيّدَ اللابشري المستثنى من العقاب.
أصغي: القلب الخافق
شائع للغاية في هذه الأيام. ومَن لا يعانيه
إنما يعكِّر نمطَ اليأس المطبق.
يلازمني تاريخ الألم المديد الممضّ
كالنجمين – سلاماً، أيها التوأمان!
مهما يكن الأمر، هذا أنا بولوكس – فمن له أن يلمسني؟
لم أعد أشعر بعد الآن بأنه يمكنني اعتبار الأمر سمكةً في الماء؛
لا وقت للمرء كي ينعم بالسلام هنا.
ماما، المحيطون بي خرقوا رؤوسهم بالرصاص.
الانتحار معيار رقيّ الحياة.
مَن تُراه سيفعل، من يستطيع الفعل، ومن يجرؤ عليه!
يبدأ الألم من جذع الأنف. واعفني من التفاصيل،
فأنا طفل بجسد واهن.
حتى من دونك سيتفجّر النجم بالأحمر.
ماما، ها هم يطلقون النار عليّ من داخلي.
والوعكة مجرد بداية.
***
تحت سماء آمنة
أحصتْ حبيبة قلبك الفواصل التي تخللت شربك النهم. تحت البيت، في تلك الليلة،
تبختر طائر أبو الحناء برفقة أقرانه ثم خضنا في مواضيع شيقة شابَتْها عبارات جياشة.
هو حاصرني (وكانت حيلة منه). أمضينا يوماً باهتاً. شيء ما انفجر، انتفضت المدينة، فما هو الإجراء الخاص بدعم الحيوان، قالت حبيبة قلبك،
بشكل يكاد يكون إيقاعيّاً، ذا نغمة آسرة. آمنتُ بالأسلاف الكرام، رغم أنني، ويا للغرابة، كنتُ أناصرُ الأيدي المتماوجة وها الجميع يتبخترون الآن
غاصت المدينة في اللغو حتى الركب. قال، ليس حَدَّ التهوّر، أو لعلهم قلّة.
سيكون هناك ضحايا في البداية. البعض يظن ذلك سهلاً، الأصلاء هم من أعنيهم.
***
من الريف
بي رغبة أن أشتري بعض الجبن.
اشتريتُ الجبن من (D)، جبن ضيعةِ (D).
بعدها أُقفل كلّ شيء في (D) كأنما أزِفَ وقتُ الإغلاق.
رائع، لعلني أتيتُ في الوقت المناسب لشراء الجبن.
فرشتُ الجبن المرن.
مضغتُه وأنا أحتسي بعض الشراب، وغادرتُ (D) ثملةً بالجبن.
وفي الخارج رأيتُ شجرة ما مألوفة لديّ.
لوحتُ بالجبن المرن، ويا له من سلوك مريب.
أحمدُ الله أنها كانت شجرةَ "جار الماء"، الشجرة واسعة واسعة واسعة الانتشار.
***
نشاط معلَّق
حين عادوا إلى البيت بعد مأتم جون
لم يكن ثمة من تساءل: أحقاً أراد جون أن يعيش؟
(كان ناقماً على المآتم، كان يشعر بالحقد نحوها،
لعله حضر الكثير منها في الآونة الأخيرة).
زارنا مرة واحدة وحسب بعد ذلك بسنتين.
قال: "لن تكفَّ والدتي عن التذمّر بشأن تلك المدفأة،
لا تلوموها على ذلك، فهي مشتاقة إليّ.
إنها تؤمن بأن الكفارة تخفّف الآلام".
حين اتجهنا متثاقلين نحو بوابة الخروج لم يقلْ أحدٌ
إن الأمور قد اختلطت على جون.
بعد البوابة بالضبط تبادلنا النظرات طويلاً
لكن لم ينبس أحدٌ بكلمة، أسوةً بالموتى.
جثمتْ أمه على غصنٍ عالٍ، يعتريها شيء من الضيق
وهي في جسد بومة جارحة.
والاسم الحقيقي للطائر هو بوبو بوبو، البومة - النسر الأوراسي، يقول الخبراء
إن هذا الاسم يعني "أتملّكُكَ".
***
(عند تأمّل "ثور المسك"، منحوتة لـ توم واكوب، مدينة كروسفيك)
تصرّ الضواحي على أن تبقى نائية.
كأنما النأيُ طريقتها الوحيدة للتعايش مع طبقة الـ كاستراتو الصوتية؛
لا نرعى الفنَّ من أجل الحليب
الذي يحفظ أجيال الأيدي المصفِّقة
تتلمّس فردوساً طفولياً
من المتع الحضَرية أو الانعتاق حين تدعو الحاجة
أو، عند الضرورة، عنواناً مليئاً بالبطولة:
ثور طروادة.
ها هي تمطر الآن في الضواحي حيث يعيش،
في مأمن من البؤس،
دون أن يسمع باسمه هو.
واكوب؟ طروادة؟ روتردام؟
أميرة شعراء هولندا
كانت آن فختر Anne Vegter أول امرأة يجري اختيارها لحمل لقب "أميرة شعراء هولندا" عام 2013. تجربتها الغرائبية في استخدامات اللغة وتعقيداتها ومواضيعها جعلت النقّاد يعتبرونها شاعرة سوريالية مغامرة. نشرت كتباً عديدة للفتيان، ومجموعة قصص إيروتيكية وبعض المسرحيات. كتبت فختر الشعر الذاتي الجريء، وتتضمّن بعض قصائدها تكويناتٍ بالغة التعقيد، بينما تشوب بعضها الآخر مسحة من الواقعية القذرة.
* ترجمة أحمد م. أحمد