منذ منتصف آذار/ مارس الماضي، تواصل "مكتبة قطر الوطنية" في الدوحة تقديم العديد من مقتنيانها على منصّاتها الإلكترونية، مثل محتويات معرض "الكعبة المشرفة" الذي اختتم في بداية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أو المخطوطات الإسلامية التي تحتفظ بها، أو وثائق من أرشيفها الرقمي.
من بين الوثائق المتاحة حالياً على موقع المكتبة، والموجودة أساساً في أرشيف المكتبة الوطنية، مقترح مدّ خط التلغراف البريطاني عبر الخليج أُثير لأول مرة في أيار/ مايو 1860. ففي ذلك الشهر، وضع جون وورتلي دي لا مور، رجل الأعمال في مجال التلغراف، خططه لتمديد الخطوط الحالية عبر إيران ومنطقة الخليج من خلال إنشاء خط يبدأ من بغداد إلى البصرة ومن البصرة إلى ميناء كاراتشي الذي يقع على الساحل الغربي للهند البريطانية (يقع في باكستان حالياً).
ترصد المجموعة حوالي ستين وثيقة تظهر كيف تم تنفيذ الخطة بين عاميّ 1862 و1864 من خلال سفن الكابلات التي مدت خط التلغراف تحت الماء بين البصرة وكاراتشي، وتحتوي واحدة منها على تفاصيل المفاوضات بين السير لويس بيللي وسلطان مسقط، جناب السيد ثويني بن سعيد البوسعيد، التي أسفرت عن توقيع اتفاقية فريدة مكتوبة بخط اليد باللغتين العربية والإنكليزية في تشرين الأول/ نوفمبر 1864 تجيز تمديد خط التلغراف عبر شبه جزيرة راس مسندم وربما منطقة بندر عباس التي كانت مؤجرة لسلطان مسقط في ذلك الوقت من قبل شاه فارس.
وتوضّح الوثائق أن سفينة الكَبلات وصلت إلى منطقة الخليج في تشرين الأول/ نوفمبر 1869، لبدء مدّ خط التلغراف من مقاطعة جاسِك في شرق فارس إلى بومباي في الهند. وفي خطاب غير مؤرخ منشور على مكتبة قطر الرقمية، أعلن السير لويس بيللي عن إنشاء محطة تلغراف كبيرة في مقاطعة جاسِك. وتحتوي مكتبة قطر الرقمية على صورة فوتوغرافية لهذه المحطة المبهرة تعود لحوالي عام 1870.
ورغم بعض العقبات والانتكاسات، تم إنجاز خط التلغراف الجديد بنجاح، وفق الوثائق المتوافرة، وساعد السكان في بريطانيا والهند البريطانية على التواصل مع بعضهم البعض في غضون أيام عوض شهور، أما سكان الخليج فقد استطاعوا التواصل مع الهند في غضون ساعات بدلاً من أسابيع. ولأن التلغراف كان تجارياً، فقد استخدمه التجار كذلك مما ساهم في إنعاش حركة التجارة بين الخليج والهند.
كما تنشر المكتبة على موقعها الإلكتروني مادة بعنوان "التفاوض بشأن منشأ صناعة الطيران في الخليج" لمارك هوبز المتخصّص في تاريخ الخليج في "المكتبة البريطانية"، تتناول خطط تأسيس المطارات في ثلاثتينات القرن الماضي في عدد من المدن الخليجية، والتي سرعت الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) من إجراءات تشييدها وتطوير صناعة الطيران فيها، حتى حلّقت أولى الرحلات الجوية المحلية والتي تولت تشغيلها شركة ملاحة الخليج المحدودة، ما بين المنامة والدوحة والشارقة والظهران آنذاك.