تحت عنوان "الفن الحديث في العالم العربي: وثائق تأسيسية"، أصدر متحف الفن الحديث في نيويورك "موما"، كتاباً يجمع وثائق تتعلق بـ تاريخ الفن العربي ويقدّم معلومات أساسية للباحثين والفنانين والمتخصّصين في تاريخ الفن بشكل عام، وقد جمع الوثائق ونقلها إلى الإنكليزية كل من الباحثات ندى شبوط من العراق وهي أستاذة تاريخ الفن في "جامعة شمال تكساس"، وأنيكا لينسن أستاذة الفن العالمي في "جامعة باركلي"، والباحثة سارة روجرز.
انتقت الباحثات وثائق (يُنقل معظمها إلى الإنكليزية لأول مرة) تمتد في تاريخها بين عامي 1882 و1987 أي على مدى أكثر من مئة عام، وهي فترة حدث فيها الكثير حيث تعود إلى زمن الحكم العثماني وتمرّ بحقبة الاستعمار فالنضال ضدّه، وتبلور القومية العربية، والتقلّبات السياسية الكبرى، من حروب في المنطقة، وتحوّلات اقتصادية وديمغرافية، وصولاً إلى إبراز ظهور الحركة النسوية وغيرها مما كان له من تأثير كبير على الفن.
تضم الوثائق ما يشبه قاعدة بيانات للمدارس الفنية والفنانين حيث يقدّم مادة متنوعة، منها بيانات فنية، ومقالات، وأوراق قدمت في ندوات ومؤتمرات، ويوميات، ورسائل، و"كتالوغات" معارض. وعن ذلك تقول لينسن في تقديم الكتاب "حصلنا على مصادر أكثر مما حصل عليه أحد من قبل"، وقد شارك في جمع وترجمة العمل الضخم قرابة خمسين باحثاً ومترجماً.
كما أجريت مقابلات مع فنانين عرب في نيويورك وعمّان بشأن المعلومات التي جمعتها الباحثات، وجرى خلال المقابلات طرح سؤال على كل الفنانين وهو: "ماذا قرأت وأنت في العشرين وغيّر ذلك في ممارستك الفنية؟".
كان التركيز في العمل على الوثائق والنصوص التي تمثّل مصدر جدل في هذه الفترة، أو كان لها تأثير في المدارس الفنية والممارسات التشكيلية العربية، أكثر من جمع نصوص نقدية أو تاريخية فقط أو نصوص تأويلية، ولم يجر التدخل كثيراً لوضع القارئ غير المتخصّص في السياق التاريخي والاجتماعي والثقافي والسياسي، ولكن تركت الفرصة للنصوص أن تتحدث عن نفسها.
يعتبر الكتاب الأول من نوعه الذي يجمع هذه الوثائق في عمل واحد، فهذا الجهد غير متوفر حتى في اللغة العربية، نظراً للحاجة إلى توفير الوقت والدعم المادي المؤسسي، ففي حالة هذا الكتاب وفّر المتحف النيويوركي الدعم لاستكمال مشروع بدأت الباحثات التفكير فيه منذ عام 2009، وانطلقن في تنفيذه عام 2012، ليصبح الكتاب الثامن من سلسلة "موما" للوثائق التأسيسية والتي صدر منها كتب عن الفن السويدي، والصيني، والبرازيلي، والأرجنتيني، والياباني، والفنزويلي، والشرق أوروبي.