يسائل كتاب "الهجرة في المغرب: الطريق المسدود؟"، الذي صدر بالفرنسية مؤخّراً عن منشورات "أون توت لاتر" بمشاركة مجموعة من الكتّاب والصحافيين وبإشراف وتحرير هشام حذيفة وكنزة الصفريوي، أوضاع المهاجرين في المغرب. وقد أقيم حفل إطلاق العمل أمس في "المعهد الثقافي الفرنسي" بالدار البيضاء بحضور المحررين.
يجمع الكتاب تسعة استقصاءات وصور ومقابلات مع المهاجرين وتحقيقات حول آليات الهجرة إلى المغرب، بتوقيع تسعة مؤلفين، منهم ستة صحافيين محترفين وثلاثة متدربين مستفيدين من برنامج التدريب "Openchabab"، وبدعم من مؤسسة "هاينريش بول".
يتناول العمل عن 12000 إلى 15000 مهاجر غير شرعي دخلوا إلى المغرب أو استقرّوا فيه؛ حيث لا يوجد رقم دقيق بسبب غياب الإحصائيات الرسمية، وفقاً للكتاب الذي يذهب إلى دراسة المشاكل التي تظهر في مسألة المهاجرين والتي يصعب معالجتها من وجهة نظر سياسية وإنسانية وأمنية.
أُجريت المسوحات والتحقيقات في مناطق مختلفة: طنجة، والناظور، ووجدة، والرباط، والدار البيضاء والمدن التي تُعد بوابات حدودية مع الجزائر، إلى جانب سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا، وغيرها من المدن، وتناول الكتاب قصص المهاجرين من الصحارى والمهاجرين المغاربة الذي يموتون في البحر المتوسط بينما يحاولون عبوره إلى أوروبا.
كما تطرّقت التحقيقات إلى كل ما يتعلق بالمشاكل المرتبطة بحقيقة أن سياسة الهجرة في المغرب لا يجري تطويرها، فعمل الصحافيون على المهاجرين القصّر، واللاجئين، وأطباء الصحراء الجنوبية الذين يعملون في المستشفيات، والنساء اللائي يعملن كخادمات في المنازل، وعودة ظهور الكنائس لتلبية حاجات المهاجرين المسيحيين، وحدود سياسات الهجرة وما تجلبه إلى حياة هؤلاء المهاجرين إلى المغرب.
يقول حذيفة، في مقابلة معه، إن المغاربة الذين يحاولون الهجرة إلى الخارج يفعلون ذلك لعدة أسباب، على رأسها البحث عن العيش بكرامة والوصول إلى خدمات عامة جيدة في التعليم والصحة. بالمقابل، يقارن بينهم وبين المهاجرين إلى المغرب الذين لا بد أن يوفر لهم الحد الأدنى من الكرامة، والحصول على الخدمات المناسبة؛ لافتاً إلى أن الدولة تخفق في تلبية احتياجات مواطنيها الذين يختارون الهجرة، وتخفق في استقبال المهاجرين، وهذان أمران يسيران في نفس الاتجاه، ولا يتناقضان.
حول عنوان الكتاب، ولماذا يعد المشاركون مسألة الهجرة إلى المغرب طريقاً مسدوداً، يقول حذيفة: "تأتي علامة الاستفهام في العنوان من حقيقة أنه يجب الاعتراف بأن المغرب هو البلد الوحيد على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط الذي بدأ عملية تنظيمية للمهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى إلى جانب المهاجرين السوريين. لكن عندما نرى حدود هذه السياسة، عندما نرى أن المهاجرين حتى لو كان لديهم تصريح إقامة لا يمكنهم العمل؛ عندما نرى كل حدود سياسة الهجرة هذه لا يمكننا إلا القول إنها ستصبح مأزقاً إذا لم نفعل ما يتطلبه الأمر للخروج من هذا الوضع".
يتناول الكتاب قصص هؤلاء الذين أتوا، في البداية، إلى المغرب ليتمكنوا من العبور إلى أوروبا والذين وجدوا أنفسهم في النهاية يعيشون فيه، وقد أصبحت الخطة ب هي الخطة أ، كيف تتعامل معهم المؤسسة الرسمية المغربية وكيف يمكن تطوير أوضاعهم من خلال تطوير سياسات الهجرة في البلاد.