ينتمي الشاعر والناقد المصري محمد أبو دومة (1944 – 2018) الذي رحل أول أمس السبت بعد صراع مع المرض إلى جيل السبعينيات، واتسمت قصيدته باتكائها على تراث صوفي ولغة سردية توظّف حكايات الصعيد الجواني (جنوبي مصر) وأساطيره في ثوب حداثوي.
ولد الراحل في قرية كوم غريب قرب مدينة سوهاج، ونشأ في عائلة احتفظت بمكانتها الدينية على مرّ الأجيال حيث يتحدث عن تأثير تلك النشأة في شهادة له "أنا شاعر لا أصلح لغير الشعر في هذه الدنيا.. أبصرِني درويشاً أو صعلوكاً أو ما شئت لكني شاعر، عاشق، صوفي، شيخ طريقة صاحب أوراد وتباريح وقصائد. إنني اخترت نيابة مشيخة السادة الرفاعية عن محافظة سوهاج بعد رحيل أبي وشيخي سيد ياسين لكنني لست هو.. لست الرجل الذي أفنى عمره في العبادة والمجاهدة..".
نال أبو دومة شهادة جامعية في الآداب متخصّصاً في اللغات الشرقية، ثم انتقل إلى هنغاريا حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب المقارن عام 1986، وقد أجاد اللغات الإنكليزية والفارسية والمجرية.
عمل مترجماً ومصنفاً للمخطوطات الفارسية والتركية لسنوات طويلة، ثم شغل منصب رئيس قسم المقتنيات الفارسية والتركية في "دار الكتب المصرية"، كما عمل مديراً لتحرير مجلتي "القاهرة" و"الكتاب"، وكذلك أستاذاً في كلية الدراسات العربية في "جامعة المنيا".
يشير أبو دومة إلى مرجعيات قصيدته في إحدى مقابلاته، فيقول "أستلهم التراث في كل إبداعاتي سواء المرتبطة بالسياسة أو العشق، فالتراث لدي انتماء فني وفكري وعلمي وديني، وأستفيد منه في كل شعري، لأنه يجب أن يكون هناك انتماء للتراث في كل نصوصي الشعرية".
صدر له عدّة مجموعات؛ من بينها "المآذن الواقعة على جبال الحزن" (1978)، و"السفر في أنهار الظمأ" (1980)، و"الوقوف على حد السكين" (1983)، و"أتباعد عنكم فأسافر فيكم" (1987)، و"تباريح أوراد الجوى" (1990)، و"الذي قتلته الصبابة والبلاد" (1998)، و"إنها حمحمة الجواد الرهين" (2010).
ومن أبرز دراساته النقدية "علاقة التشابه والتأثر في الأدب الفلسفي الفارسي، العربي، المجري"، و"فن المسرح"، كما ترجم كتاباً بعنوان "نصوص من المسرح المجري الحديث".