في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الفكرية والسياسية والنقد المسرحي وكتب الفنون، صدرت بعضها بالعربية، وأيضاً بالفرنسية والإنكليزية.
■ ■ ■
بترجمة عمرو عثمان، صدر مؤخراً عن "الشبكة العربية للأبحاث والنشر" كتاب "قصور الاستشراق: منهج في نقد العلم الحداثي" لـ وائل حلاق. يتضمن الكتاب مداخلة نقدية لكتاب "الاستشراق" لإدوارد سعيد الذي تعامل مع الاستشراق بوصفه مشروعاً سياسياً، الأمر الذي يُخفي بعداً بنيوياً أهم وأعمق وفقاً لحلاق. يقدّم الكتاب دراسة لأصول المعرفة الحديثة وأساس ما نفهمه وندركه كأفراد حداثيين يعيشون في العالم، ويعتبر المؤلف أن فهم هذه الأصول يعني فهم الطريقة التي ننظر بها الآن إلى العالم وأن يفهم كل فرد منا هويته.
يتتبّع حسن أبو هنية في كتابه "الجهادية العربية - اندماج الأبعاد: النكاية والتمكين بين الدولة الإسلامية وقاعدة الجهاد"، الصادر مؤخراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، نشأة الأيديولوجيا الجهادية العالمية وتطورها، ونشأة الجهادية العربية وأسباب ازدهارها وتنافسها في تمثيل الهوية الإسلامية السنّية، وتطور تنظيم ما يسمّى "الدولة الإسلامية" وارتقائه، وتنظيم "قاعدة الجهاد" في العالم العربي وخريطة تمدّده. كما يحاول المؤلف الوقوف على علل جاذبية الجهادية العربية الراهنة وأسباب انتشارها، واستشراف مستقبلها.
عن منشورات "الهيئة العامة لقصور الثقافة"، صدر مؤخراً كتاب "الرمز والوعي الجمعي.. دراسات في سوسيولوجيا الأديان" لـ أشرف منصور. ينطلق العمل من إشكالية تتعلق بالتعامل مع الوحي، حيث إن النزعات المتشددة في مختلف الأديان تلحّ على مسألة كونه "نزل من السماء"، غير أن منطق البحث في العصور الحديثة يركّز على أن تقبّله يتم في الأرض، وأيضاً ضمن مجتمع معيّن في مرحلة تاريخية بعينها وفي إطار جغرافي معلوم، وجميع هذه العناصر تؤثّر بالضرورة في تلقّي الوحي، ومن هنا فإن دراسة الدين باتت تمر من دراسة المجتمع.
عن دار "تايمز وهدسون" صدر حديثاً كتاب "طريقة جديدة للنظر: تاريخ الفن في 57 عملاً" للناقد الفني الأميركي كيلي غروفيير، وفيه يطرح الكاتب سؤالاً أساسياً ينطلق منه عند قراءة كل عمل، وهو: ما الذي يجعل من عمل فني عملاً عظيماً؟ يطرح الكاتب رؤية جديدة للنظر إلى أعمال أوروبية سلّمت الثقافة الغربية أنها أعمال عظيمة، ليعيد تقييمها بعيداً عن الآراء الموروثة حولها والتفسيرات التقليدية المتداولة. كان غروفيير قد أصدر سابقاً كتاباً بعنوان "مئة عمل فني تعرّف عصرنا" وفيه نقد للفن المعاصر ومعنى العمل الفني اليوم.
صدر حديثاً عن دار "شهريار" كتاب "الدراسات الثقافية: التمفضل الهيمنة والصراع" والذي يضم خمس مقالات أساسية لستيوارت هول إلى جانب حوار معه، نقلها إلى العربية المترجم العراقي محمد مفضل. الكتاب يتناول تطوّر الدراسات الثقافية والسياق التاريخي والسياسي والفكري لها، وتؤسس المقالات المتضمّنة فيه لفهم جديد للصراع الأيديولوجي وعلاقته بالعوامل الاقتصادية والطبقية واللغة وآليات الخطاب والهيمنة. يعدّ هول أحد أهم الباحثين والمفكرين في حقل الدراسات الثقافية، لا سيما ضمن الفضاء الأنغلوسكسوني.
بعنوان "المسرح التونسي وعوائق التجاوز" صدر مؤخراً ضمن منشورات وزارة الثقافة في تونس، الجزء الأول من الأعمال الكاملة للناقد التونسي أحمد حاذق العرف بتقديم من محمد المي. يجمع الكتاب مقالات العرف حول المسرح، والتي تعود إلى ستينيات القرن الماضي، وفيها تظهر ملامح حركة انتمى لها الناقد التونسي عُرفت بـ"حركة الطليعة الأدبية"، وقد مثّلت الكتابة المسرحية إحدى أبرز تجلياتها. إلى جانب النقد المسرحي، كان للعرف كتابات حول الأدب والسينما والنقد الثقافي، إضافة إلى كتابات إبداعية خصوصاً في القصة القصيرة.
عن منشورات "شارل ماسان" في فرنسا، صدر مؤخراً كتاب "باريس في أغانٍ" وهو عمل مشترك أنجزه الباحثان ستيفان هيرشي وبيير نيكو اللذان يحاولان إعادة تركيب تاريخ باريس في النصف الثاني من القرن العشرين من خلال قراءة معمّقة في نصوص الأغاني مثل أعمال جو داسان، وإيف مونتون، وشارل ترينيه، وداليدا. يشير المؤلفان إلى أن هذه النصوص تحمل دلالات تاريخية وأنثروبولوجية لا تقلّ عن أعمال أدبية كثيرة مثل الروايات والشعر، كما أنها ترسم تطوّر السلوكيات في الغرب والعلاقة التي كان الفنانون يعقدونها مع الأماكن العامة.
صدرت حديثاً عن دار "الساقي" ترجمة لرواية "هندباء برية" للروائي الياباني ياسوناري كاواباتا، وهي عمله الأخير الذي رحل قبل أن يكمله. نقل الرواية إلى العربية جولان حاجي. يخوض كاواباتا تجربة سردية غرائبية في مسألة الجنون والعقل، ويبني حكايته كلها على المرض النفسي لشابة يطلق عليه "عماء الجسد"، وتقوم الحكاية على حوار الأم وخطيب الفتاة بعد أن أودعاها مصحة للأمراض النفسية. الحوار يوحي بأن الاثنين أيضاً يتأرجحان بين الجنون والصواب، وأن العالم الذي تتحرك فيه الشخصيات قابل لأن يكون مصحة نفسية كبيرة.