ومنذ أن انتقل إلى هذا المجال، قدّم للأذن العربية عشرات الألحان التي أداها مطربون من "الجيل الذهبي للأغنية العربية" كما يصفهم في إحدى مقابلاته، ويقصد صالح عبد الحي وليلى مراد وفتحية أحمد المعروفة بمطربة القطرين، وشهرزاد ورجاء عبده ونجاة علي وغيرهم.
"دار الأوبرا المصرية" تستعيد ذكرى الموسيقار الراحل بمناسة مرور 31 عاماً على وفاته، من خلال تنظيم ثلاث حفلات في القاهرة والإسكندرية ودمنهور بدأت مساء أمس وتتواصل اليوم.
لُقّب صدقي بـ"نحات الموسيقى"، فهو حين تخرّج من كلية الفنون التطبيقية في القاهرة عام 1935، هيأ نفسه على أن يكون مثّالاً، وهو صاحب العمل الشهير "تمثال المرأة المصرية" الذي أنجزه عام 1936، وتمثال محمدين النوبي الذي اشتراه الملك فؤاد الأول، وكان ذلك بالتزامن مع دراسته في معهد الموسيقى الذي تخرج منه عام 1937.
لم ينشأ صدقي في بيت فني، بل كان والده ضابط أمن بعيداً كل البعد عن الفن، لكنه كان متذوّقاً للموسيقى، واشترى الـ"غرامافون" عام 1926 مع أسطوانات لفتت سمع وشغف صدقي، فتعلّق بهذه الآلة.
يعتبر صدقي أن أغنية "إن كنت أسامح وأنسى الأسية" التي لحّنها محمد القصبجي لـأم كلثوم في منتصف العشرينات، هي الأغنية التي سمعها من ذلك الغرامافون، وجعلته يتعلق بالموسيقى ويبدأ في البحث عن أعمال أخرى لملحّنها.
لكن الأثر الكبير والمختلف عليه، كان لـ سيد درويش، وكان قد اكتشفه بالصدفة من خلال أحد أصدقائه المغني محمد عبد الوهاب حلمي، والذي أصبح يرافقه في حفلاته ليغني معه كورس من أغاني سيد درويش.
ظلّ صدقي متأثراً بالموسيقى و"سمّيعاً"، ونحاتاً يقتني الأثرياء منحوتاته، إلى أن بدأت الحرب العالمية الثانية، وكسد سوق الفن، وطلب منه صديقه بالصدفة أن يجرب التلحين لبرنامج إذاعي بعنوان "وفاء النيل"، فكانت هذه أول خطوة يضعها في طريق التلحين، وأصبح ملحن معظم البرامج الإذاعية، وبعض الأعمال المسرحية الاستعراضية، من بينها "ألف ليلة وليلة".
أما أول علاقته بغناء نجوم الفن والسينما، فكان من خلال تلحين أغاني فيلم "ليت الشباب" عام 1948، وكانت بطلته رجاء عبده. وكذلك "المية والهوا" و"رايداك" لليلى مراد، وتوالت ألحانه لأغنيات السينما حتى وصلت إلى تلحين 42 فيلماً.
وإن كان صدقي قد دخل إلى التلحين من باب الصدفة، فإنه ترك خلفه خمسة آلاف لحن ذاعت وأصبحت جزءاً أساسياً من ذاكرة الموسيقى العربية.