أعلنت "جائزة الشيخ زايد للكتاب" أمس عن قائمتها القصيرة لفرعي "الآداب" و"أدب الطفل". وضمّت الأعمال الروائية الثلاث التي تتنافس على "الآداب" عملين صدرا عن دار "الساقي" للكاتبين اللبنانيين عباس بيضون عن روايته "خريف البراءة" و"أحوال" لرشيد الضعيف، إلى جانب رواية الكاتبة الإماراتية "في فمي لؤلؤة" عن الدار "المصرية اللبنانية". وكانت "زايد للكتاب" قد منحت لدار "الساقي" جائزة "النشر والتقنيات الثقافية" العام الماضي.
وكانت "جائزة الرواية العربية" قد أعلنت قبل أيام عن قائمتها القصيرة وضمّت ستة أعمال من بينها اثنتان صادرتان عن دار "الساقي" وهما "زرايب العبيد" للكاتبة نجوى بن شتوان، و"موت صغير" للكاتب السعودي محمد حسن علوان، إضافة إلى رواية "السبيليات" للكاتب الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل عن دار "نوفا بلس"، و"أولاد الغيتو - اسمي آدم" للكاتب اللبناني إلياس خورى عن دار "الآداب"، و"مقتل بائع الكتب" للكاتب العراقي سعد محمد رحيم عن دار "سطور"، و"في غرفة العنكبوت" للكاتب المصري محمد عبد النبي عن دار "العين".
دار "الساقي" التي أسستها الراحلة ميّ غصوب، كانت إحدى أهم الدور العربية في حياة غصّوب، وكانت عناوينها الأولى تدل على توجّه مختلفة تماماً عن الطريق الذي اتخذته الدار حين أسستها غصوب التي رحلت في 2007. أصبح من الواضح أن هناك أسماء معينة ولبنانية بشكل خاص وتكاد تكون من لون سياسي معين، تنشر لدى الدار كل أو معظم إصداراتها، ومن بينهم حازم صاغية ورشيد الضعيف وحسن داوود وعباس بيضون وأدونيس، وهم كتّاب لا خلاف على قيمتهم وأهميتهم الأدبية، فالسؤال حول الدار وليس حولهم.
وفي الوقت نفسه، تعاني الدار من شيزوفرينيا سببها السوق والكسب، فهناك خط آخر مواز ينشر لكتاب وكاتبات، ولا سيما من منطقة الخليج العربي وبشكل خاص من السعودية، وهو خط تجاري فاقع، إذ إن معظم إنتاجه ينتمي لروايات هزيلة فنياً وأدبياً وثقافياً؛ فإن كنت تبحث عن رواية خليجية ضعيفة ستجدها منشورة في دار "الساقي" بكل سرور، لا بل وبطبعة رابعة وخامسة، لننظر إلى هذه العناوين "أريد رجلا" للسعودية نور عبد المجيد (خمس طبعات)، "دريب الغاويات" للإماراتية سعاد العريمي، و"امرأتان" للسعودية هناء حجازي، "نساء المنكر" للسعودية سمر المقرن، والقائمة طويلة جداً لـ"كتّاب" يملكون النقود للنشر ولا يملكون الموهبة، لكن أحداً لم يصارحهم بعد.
بالطبع لن تلتفت الجوائز لهذه الأمور، فالجوائز نفسها لا تخرج عن قاعدة السوق هذه، ويدخل في أسباب منحها لهذا أو ذاك أمور كثيرة ليس أولها الأدب والمستوى الفني.
وليس في هذا المقال حسد لـ "الساقي" على جوائزها ولا ترشيحاتها لا سمح الله، لكنه لفت النظر إلى معضلات ثقافية في صلب عملية النشر العربية، ويلفت انتباه القائمين على الجوائز كذلك أن هناك دور نشر تعمل بصمت ورقي منذ عقود وكذلك دور نشر جدية ظهرت في السنوات القليلة الماضية.