لماذا تفشل الجوائز الأدبية العربية في صناعة قيمة، تتجاوز المبالغ المالية التي تمنحها لفائزيها وبعض الرواج الذي تقدّمه للكتب ويستفيد منه الناشرون؟
القيمة هي ما يصنع المصداقية، والمصداقية نسبية بالطبع، لكن لنعترف بأن أدنى مراجعة صريحة ومنصفة وحتى متفائلة لواقع الجوائز الأدبية العربية في 2015 وما سبقه من أعوام؛ ستُظهر أن معظمها لم يصنع الحد الأدنى من المصداقية، قبل أن نتحدّث عن صناعة القيمة والقيم الثقافية.
مُثلَّث العلاقة بين الثقافة والمال والسلطة أوضح ما يكون في مسألة الجوائز الأدبية. مثلّثٌ تُشكِّل حركته وزوايا إضاءته حقيقة العلاقة بين الأطراف الثلاثة؛ من الذي يكرِّم الآخر ومن الذي ينحني للآخر. عربياً، ثمة خلل بنيوي في العلاقة بين أطراف المثلّث، أقل ما يقال فيه إنه يُمعن في إضعاف الثقافة.
أقصى ما تقبله ثقافة تحترم نفسها انحناء المال والسلطة لها باعتبارها -أي الثقافة- ممثلة لقيم الناس وتاريخهم، وأكثر المشاهد بؤساً انحناء الثقافة أمام المال والسلطة.
أما حين يصبح الأمر تكريماً من السلطة لنفسها وإحضار الثقافة لكي تنحني الأخيرةُ أمامها، فهذا هو البؤس بعينه، بؤس الثقافة والسياسة أيضاً.
هذا ميدان يعجّ بالرمزيات ولا مفرّ من قراءة ما بين سطوره. وإذا كانت الثقافة العربية تزعم بأنها تتحدث باسم شعوب مُضامة، فأضعف الإيمان ألا تقبل بالضيم في عقر دارها.
اقرأ أيضاً: الناشر صامتاً