ركّز رموز مدرسة فرانكفورت اهتمامهم على فهم قدرات المجتمعات الرأسمالية على احتواء القوى المعارضة ضدّها ودمجها في المجتمع من خلال تحويلها إلى بنى استهلاكية، ومنهم تيودور أدورنو الذي وجّه تنظيراته إلى العقل المستبد والإقصائي في مركز الحضارة الغربية.
وضع عالم الاجتماع الألماني (1903 – 1969) العديد من المؤلفات والمقالات البارزة في الثقافة وفلسفة الجمال والنقد، ومنها: "الديالكتيك السلبي"، و"جدل التنوير"، و"لسفة الموسيقى الجديدة"، "المجتمع ونقد الثقافة"، و"النظرية الجمالية".
"بين الواقعية واليوتوبيا: تأملات في أدورنو" عنوان الندوة التي ينظّمها "معهد آي سي آي برلين للاستقصاء الثقافي" في العاصمة الألمانية عند السادسة والنصف من مساء اليوم الأربعاء بالاشتراك مع "مركز مارك بلوك"، ويتحدّث خلالها كلّ من أستاذة الفلسفة في "جامعة هومبولدت" راحيل جايجي، وأستاذ التاريخ في "جامعة أمابيل ب. جيمس" بيتر غوردون.
تقف الندوة عند "السنوات الأخيرة التي شهدت صعود الزعماء السياسيين الاستبداديين، وكذلك السلوكيات العنيفة والسلطوية لدى العديد من المجموعات في مختلف البلدان، والتي تشير إلى وجود دينامية من الامتثال والخضوع وأعراض أخرى قام بتشخيصها ثيودور دبليو أدورنو عام 1949 في كتابه "الشخصية الاستبدادية"، بحسب بيان المنظّمين.
ويشير غوردون، بحسب البيان نفسه، إلى أن أدورنو لم يقصد في هذا الكتاب عزل نمط نفسي محدد بل التقط التأثيرات الذاتية للنظام الاجتماعي غير العقلاني، والتي تمثّل الإمكانية الفاشية للسياق الثقافي الحديث ككل، الذي حاول اكتشافه في العمل.
كما يناقش الباحثان الأسباب التي دفعت العديد من المحللين إلى الاستشهاد بكتاباته عندما يستحضرون التحولات الحالية للديمقراطية (ومنها انتخاب ترامب وصعود الشعبوية والليبرالية)، دون أن يشيروا بالضرورة إلى عمل أدورنو بالتفصيل.
ويرى أدورنو أن الشخصية الاستبدادية تتميز بالولاء الأعمى للمعتقدات التقليدية المتعلقة بالخطأ والصواب، والخضوع والانقياد المطلقين للسلطة كدليل على الاعتراف بها وتبجيلها، وتُظهر عدوانية حيال جميع الذين لا يتفقون معها، ووجهات نظر سلبية تجاه البشرية بشكل عام، والاعتقاد بحلّ مسائل في غاية التعقيد عبر أطروحات مبسّطة، والميل إلى إسقاط مشاعر الإحباط والغضب على الآخر.