يُفتتح عند الخامسة والنصف من مساء الأربعاء المقبل، الثامن والعشرين من الشهر الجاري في "المتحف الوطني" في عمّان المعرض الاستعادي "مهنا الدرة: رائد الفن التشكيلي الأردني الحديث" والذي يتواصل حتى الحادي والثلاثين من آذار/ مارس المقبل.
يضمّ المعرض مختارات للتشكيلي (1938)، الذي يُعد أحد مؤسسي الحركة الفنية المعاصرة في الأردن، والذي استمد أدواته ومواضيعه من البيئة التي تحيط به ومن رموزها الشعبية، منذ أن تعلّم الفن على يد عدد من الرسامين المهاجرين في العاصمة الأردنية في خمسنيات القرن الماضي؛ مثل التركي سليمان ضياء الدين والإيطالي أرماندو والروسي ألييف.
انتقل الدرة إلى روما عام 1955 حيث درس في "أكاديمية الفنون الجميلة" ليعود بعدها ويؤسس محترفه الخاص في عمّان، ويُسهم مع الفنانيْن رفيق اللحام وعلي الغول في تأسيس "رابطة الفنانين التشكيليين" عام 1977، كما تولى مسؤولية "دائرة الثقافة والفنون" عند إنشائها علم 1972، قبل أن تتحوّل إلى وزارة للثقافة، وفيها شارك مع عدد من الفنانين الأردنيين في تدريس أجيال عديدة في "معهد تدريب الفنون" التابع للوزارة.
بدأ رحلته باكراً مع التجريد متأثراً بمدرسة روما، حيث رسم في أعماله الأولى أبنية عمّان وجبالها والتي غلب عليها اللون الأزرق واشتقاقاته، وكذلك الأعمال التي تجسّد البادية الأردنية حيث المساحات الشاسعة للأرض تعانق زرقة السماء، والطقوس الشعبية من رقص ودبكة ووجوه البدو والخيام.
تمثّل ذاكرة الطفولة في مدينة الكرك حيث كان يعمل والده مدرّساً أحد المصادر الرئيسية لأعماله، ثم مدينة عمّان، ثم تأتي فكرة الارتحال نفسها التي رصدها في أكثر من عمل تبرزها اختياراته للون بعناية فائقة، حيث تتناوب الألوان الفاتحة والغامقة والباردة والحارة.
قدّم الدرة، أيضاً، مجموعة رسوم بالحبر الأسود في السبعينيات والثمانينيات اهتم فيها بالرقص التقليدي عند الشركس، ووقّع الجسدُ حضوره الخاص في أعماله عبر بحثه عن ثنائي المرئي واللامرئي في التعبير عنه حيث الرغبة ونفيها، والضوء والعتمة وكأنهما يحيلان إلى اللذة وكبتها في آن.
وعند تفحّص مجمل تجربته الممتدة لأكثر من ستين عاماً، يخلص المتابع إلى أن صاحبها كان يُخضع مفهوم الجسد وتكوينه إلى دراسة وتأمل، بالنظر إلى تطوّره ونضوجه التدريجي وتأثره بمدارس وأساليب متعددة من تعبيرية وانطباعية وتجريدية.