يتزايد الاهتمام بتقديم فعاليات ثقافية عربيّة في عدد من البلدان الأوروبيّة، ومنها ألمانيا التي تحتضن سنوياً "مهرجان الفيلم العربي" في برلين. المدينة نفسُها شهدت في شباط/ فبراير الماضي إطلاق الدورة الأولى من "أيّام الأدب العربي الألماني". ولا يقتصر هذا الاهتمام على العاصمة الألمانية وحدها، إذ جرى إقامة برامج في مدن أخرى، تشتمل على عرض أعمالٍ من العالم العربي، أو لبعض من فنّانيه الذين لجؤوا إلى أوروبا خلال السنوات الأخيرة.
غالباً ما تُنظِّم هذه التظاهرات مؤسّسات عربية، لكنها تحظى بدعم أوروبي، وإن بدت الأهداف مختلفةً عند طرفَي المعادلة، إذ يهدف المنظّمون إلى إبراز ثقافتهم وإبداعاتهم وإلقاء الضوء على الأزمات والحروب في المنطقة العربية وإيصال انشغالاتهم إلى متلّقٍ آخر، بينما يسعى الداعمون إلى مناقشة ظواهر محدّدة؛ مثل اللجوء أو التطرّف، واحتواء أسبابها وتداعياتها.
في هذا السياق، تنطلق فعاليات الدورة الثانية من "مهرجان آفاق للفيلم والموسيقى" مساء الجمعة المقبل في برلين، وتتواصل لثلاثة أيام، بتنظيم من "المنصّة الإبداعية العربية الأوروبية" (AECP)؛ البرنامج الخاص متعدّد التخصّصات الذي يهدف إلى "تحفيز فنّانين أوروبيين وعرب وعدد من المؤسّسات، لتميكنهم من إنتاج الفن والثقافة والمعرفة"، بحسب بيان للمنظّمين.
تُفتتح التظاهرة بحفل للفنّانة المغربية المقيمة في الولايات المتّحدة مليكة زارا، والتي كانت بداياتها مع موسيقى الجاز والغوسبل والسول، قبل أن تمزجها بطبوعٍ أمازيغية وعربية؛ مثل الكناوة، وهي تجمع بين الكتابة والتلحين والغناء؛ حيث تتناول في بعض أعمالها أحوال المهاجرين في الغرب.
في الليلة، ذاتها يُعرض فيلم "الرحلة" (2017) للمخرج العراقي محمد الدرّاجي، والذي تدور أحداثه في محطّة قطارات ببغداد مليئة برجال الشرطة وبعض جنود المارينز الأمريكيّين الذين يُفتّشون كلَّ من يشتبهون فيه، حيث تتراجع إحدى الفتيات عن تفجير نفسها وسط جنود الاحتلال بعد صراعٍ داخلي عاشته حول أولويات ما يجب أن تقومه به في حياتها من جهة، ولرؤيتها أطفالاً في المكان من جهة أخرى.
كما تشارك في المهرجان الفنّانة الفلسطينية كاميليا جبران التي قدّمت، منذ الثمانينيات، العديد من الأعمال الغنائية، وغنّت قصائد لشعرء مثل حسين البرغوثي ومحمود درويش وعبد اللطيف عقل وطلال حيدر وسيّد حجاب وسلمان مصحالحة وحسن نجمي.
ويُعرَض فيلم "وليلي" (2017) للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، والذي ينتقد الأوضاع الاجتماعية في المغرب؛ مثل البطالة والفقر والفوارق الاجتماعية التي تعود في الغالب إلى الفساد، وفيلم "نحبك هادي" (2016) للمخرج التونسي ممحمد بن عطية.