ينتمي المناضل والكاتب الفلسطيني صبحي غوشة (1929 – 2019) الذي رحل أمس الثلاثاء في عمّان، إلى جيل بدأ يتشكّل وعيه مع النكبة عام 1948، فانخرط مبكراً بالحياة العامة والعمل المدني والسياسي، وكذلك في الكتابة عن الهموم الوطنية والقومية.
ولد الراحل في القدس المحتلة، ودرس الطب في "الجامعة الأمريكية" ببيروت وتخرج عام 1953، وبدأ عمله طبيباً في وكالة الإغاثة في البلدة القديمة، وفي عيادته الخاصة، كما أسّس وترأس "جمعية المقاصد الخيرية" عام 1954، وأنشأ كذلك مستشفى المقاصد الخيرية، وفاز بعضوية بلدية القدس عام 1959، وعضوية مجلس أمانة القدس عام 1963.
التحق بصفوف المقاومة الفلسطينية بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، واعتقلته قوات الاحتلال وحوكم أمام محاكمها العسكرية، ثم أفرج عنه وتمّ إبعاده بسبب حالته الصحية عام 1971، فسافر إلى الكويت حيث عمل في وزارة الصحة حتى عام 1990، فانتقل إلى عمّان حيث افتتح عيادته الخاصة.
أصدر غوشة مجموعتين قصصتين هما "شمسنا لن تغيب" (1986)، و"الشمس من النافذة العالية: وجوه في رحلة النضال والسجن" (1988)، والتي يغلب على نصوصهما مناخات العمل الفدائي والعديد من الأحداث البارزة في التاريخ الفلسطيني المعاصر.
في عام 2001، نشر عمله الأبرز بعنوان "القدس.. الحياة الاجتماعية في القرن العشرين" الذي أعيدت طباعته عدّة مرات، وهو كتاب موسوعي صدر في إطار "مشروع كتابة تأريخ القدس الشامل" الذي تشرف عليه الشاعرة والباحثة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي.
خصّص غوشة في كتابه فصلاً لكل مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية، مستعرضاً علاقة المقدسيين بالعمران والطقوس الشعبية ومراسم الخطبة والزواج والولادة وألعاب الأطفال ووسائل الترفيه والعزاء، ومكانة القدس كمركز من مراكز العلم في فلسطين، حيث ضمّت العديد من المدارس الدينية والمنتديات الأدبية والفكرية، والمكتبات، الحياة الدينية لأهلها، ومفصّلاً أيضاً المهن والصناعات الشعبية التي سادت في القرن الماضي.
كما تحدّث الكتاب عن العلاج الشعبي والتداوي بالأعشاب، والأزياء التراثية وارتباط كلّ منها بالمناسبات الاجتماعية، وثقافة الطعام، وقدّم مسرداً لبعض الكلمات والمصطلحات الدارجة في اللهجة اليومية العامية لأهل القدس.
ترك غوشة عدّة مخطوطات منها "بوابة الدموع. القدس تتهود فما العمل؟" (مشترك مع نواف الزرو)، و"أضيء شمعة" (مجموعة مقالات)، و"أيام حلوة مرة. الأوضاع الديموغرافية في القدس" (مجموعة مقالات).