في منتصف أغسطس/آب الماضي، ماتت اللاجئة السورية في الأردن ياسمين طعاني (22 عاماً)، بعد أقل من ثمانية أشهر على اكتشاف إصابتها بسرطان الرحم، إذ لم تتوفر لها فرصة للعلاج، بعد أن قوبلت حالتها بالرفض من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ممثلة بشريكها الطبي في الأردن جمعية العون الصحي، لعدم انطباق معايير الاستفادة من خدمة العلاج المجاني الذي توفره المفوضية على حالة ياسمين، وهو ما تصفه شقيقتها بـ"التميز والاستخفاف بمعاناة الراحلة"، ليضاف إلى مئات من حالات الرفض التي تزيد من غضب اللاجئين، في وقت تحوم شبهات فساد تقدر بملايين الدنانير حول ملف علاج المرضى من اللاجئين السوريين في الأردن.
محرومون من العلاج
تقول أم بشار، شقيقة ياسمين، "اكتشفت إصابة ياسمين بالسرطان أول عام 2015، كانت شقيقتي تتألم بشكل كبير، ولم نكن نعرف السبب، لكن الطبيب أخبرنا أنها مصابة بالسرطان، وطلب صورة رنين مغناطيسي حتى يقيم حالتها"، لكن الصورة وبعد أن وافقت المفوضية، ممثلة بشريكها الطبي على تحمل تكلفتها بعد الرفض مرتين متتاليتين، لم تجر للمريضة سوى منتصف يناير/نيسان 2015.
تتابع بحسرة لـ "العربي الجديد" "بعدما وافق العون الصحي على تحمل كلفة الصورة، كان معنا تقرير طبي بأن حالة ياسمين مستعجلة، لكن قسم الأشعة في المستشفى حدد الموعد بعد ستة أشهر للصورة"، وهو موعد رأت شقيقتها أنه "يكفي حتى تموت وليس للعلاج"، بعد الرجاء والواسطة وافق المشفى على تقريب الموعد شهرين.
خلال مدة الانتظار كانت اللاجئة التي وصلت إلى الأردن نهاية عام 2013 والمسجلة لدى مفوضية اللاجئين، تموت ببطء نتيجة المرض الذي تبين لاحقاً أنه انتشر في جسدها، تقول شقيقتها "كانت طوال الوقت بتصرخ من الوجع، وكنا نعطيها مسكنات، أين الملايين المقدمة من أجل علاج اللاجئين".
بعد انقضاء أشهر الانتظار أجريت الأشعة لياسمين، وبناءً عليها أوصى الطبيب المعالج باستئصال الرحم وجزء من الأمعاء، لتبدأ العائلة رحلة البحث عن جهة تتكفل بالعلاج، بعد أن رفضت المفوضية التكفل به، تقول شقيقتها أم بشار "ما حد وافق على علاجها ولما طلب الطبيب تعمل خزعه، تبرع واحد من المحسنين بعملها على حسابه بعد ما كتب عن حالتها على فيسبوك"، لكن بعد أقل من أسبوع على إجراء الخزعة ماتت ياسمين، لعدم حصولها على حقها بالعلاج، لتترك العشرينية حسرة في قلب العائلة التي هربت من الموت على يد النظام السوري، لتموت بالمرض.
اقرأ أيضا: المساعدات المنهوبة [1- 4]..المصروفات الإدارية تلتهم دعم النازحين السوريين
الهرب من الموت في الأردن
الموت الذي يلاحق اللاجئين السوريين في الأردن نتيجة عدم تكفل المفوضية بعلاجهم هو الذي دفع اللاجئ المريض بالسرطان طعمه القبط (50 عاماً) للسفر إلى تركيا في 4 يناير/كانون الثاني الماضي، بناءً على تعهد من جهات طبية هناك بعلاجه مجاناً.
القبط أرجع مغامرة السفر، والتي خلف فيها وراءه عائلة مكونة من 7 أفراد، إلى عدم تكفل المفوضية بعلاجه في الأردن، بعد أن اكتشف مرضه بسرطان الدم في أكتوبر/تشرين الأول 2015، ورفضت المفوضية ممثلة بشريكها الطبي في الأردن التكفل بعلاجه، قبل أن توافق في مطلع ديسمبر/كانون الأول على تحمل كلف إقامته في المشفى دون أثمان العلاج البالغة آلاف الدنانير، وهو الوقت الذي فاقم مرضه ليتبين أصابته بفشل كلوي. يقول طعمه لـ"العربي الجديد" "ليس لدي قدرة على دفع ثمن العلاج، الأدوية غالية (..) لو بقيت في الأردن سأموت".
اقرأ أيضا: المساعدات المنهوبة [2-4]..العمل الإغاثي لا يلبي حاجات نازحي لبنان
شبهات فساد قيد التحقيق
ماتت ياسمين، وسافر طعمه ناشداً العلاج، وتتواصل معاناة كثيرين، "كل ذلك يأتي بالتزامن مع شبهات فساد تقدر بملايين الدنانير بدأت تثار حول ملف علاج المرضى السوريين في الأردن"، كما يقول عضو البرلمان النائب سمير عويس الذي فجر القضية خلال جلسة رقابية عقدت في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ قال إن "برنامج علاج السوريين يشهد فساداً كبيراً وتلاعباً بفواتير العلاج التي ترسل إلى المفوضية".
عويس قال لـ"العربي الجديد" إن فساد برنامج علاج اللاجئين السوريين يقدر بملايين الدنانير، مشيراً إلى أن الفساد يكمن بفواتير العلاج التي تدفعها المفوضية والتي تتضاعف كلف العلاج فيها عدة مرات، وقال "الكلف الهائلة في الفواتير تبرز في الخدمات العلاجية والإدارية التي تفوق كلفة العلاج بثلاثة أضعاف وأكثر في بعض الأحيان".
ويعزز ما كشفه النائب الأردني، الاتهامات ذاتها التي يكررها اللاجئون في الأردن، حول ارتفاع فواتير علاجهم مقارنة بفواتير الأردنيين، رغم القرار الصادر عن رئاسة الوزراء الأردنية بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، والقاضي بمعاملة اللاجئين السوريين معاملة الأردنيين غير المؤمنين، من ناحية كلف العلاج، التي تنظمها لائحة الأجور الطبية المعتمدة.
وثق "العربي الجديد" تكلفة فاتورة علاجية للاجئ سوري بلغت قيمتها الإجمالية مائة دينار أردني، لكن تفاصيل الفاتورة تشير إلى أن كلفة العلاج بلغت 25 ديناراً أردنياً فقط، فيما المبلغ المتبقي ظهر في الفاتورة بدل خدمات إدارية وفندقية قدمها المشفى للمريض.
التحقيق في القضية
في أعقاب كشف النائب عن قضية الفساد، قررت الحكومة الأردنية فتح تحقيق موسع في القضية، وفتح التحقيق فعلياً من قبل هيئة مكافحة الفساد، حسب ما أبلغ مصدر مسؤول "العربي الجديد"، لكنه تحقيق يحاط بسرية بالغة. وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "التحقيق في القضية حساس جداً، ونتائجه تتعلق بسمعة الأردن الخارجية، خاصة أمام الدول المانحة".
وفيما يبدي الأردن حرصاً زائداً على سمعته الدولية، يقول عويس الذي يرأس لجنة احترام القانون الإنساني الدولي التابعة لاتحاد البرلمان الدولي " سمعة الأردن في الخارج في ما يتعلق بملف اللاجئين سيئة (..) خلال حضوري للاجتماعات يبادر رؤساء الوفود إلى اتهام الأردن بسرقة الأموال المخصصة للاجئين"، متعهداً بعدم انتظار "التحقيق الرسمي الذي تجريه الحكومة إلى ما لا نهاية".
ويؤكد أن الفساد الأكبر، يتمثل في علاج المرضى من اللاجئين، كاشفاً عن تسليمه نسخة عن ملف "ضخم" للحكومة لإجراء التحقيق في القضية التي تتورط فيها جهات رسمية، إضافة إلى الشريك الطبي المعتمد من قبل المفوضية. وقال عويس "الأموال التي ذهبت نتيجة الفساد تكفي لعلاج جميع اللاجئين المرضى الذين لا يجدون علاجاً بحجة عدم توفر الموازنة".
اقرأ أيضا: الضباط الجهاديون.. لماذا ينضمّ العسكريون إلى التنظيمات المسلّحة (1/2)
إجراءاتنا شفافة
بلغت فاتورة علاج اللاجئين السوريين في الأردن، خلال العام الماضي 23 مليون دولار، حسب إحصائيات المفوضية، التي يؤكد الناطق باسمها محمد الحواري أن الخدمات العلاجية تشمل جميع اللاجئين المسجلين لدى المفوضية والبالغ عددهم 634 ألف لاجئ، في وقت تحصي الحكومة الأردنية وجود أكثر من مليون وأربعمائة ألف لاجئ في المملكة.
ويقول "العلاج يشمل جميع الأمراض بناءً على تقييم، وفقاً للمعايير المعتمدة من المفوضية لتحديد ما إذا كانت الحالة المرضية منتفعة أم غير منتفعة"، مشيراً إلى أن التقييم مسؤولية الشريك الطبي (جمعية العون الصحي)، فيما يؤكد العون أن تقييم الحالات المرضية يتم انسجاماً والمعايير التي تحددها المفوضية، من خلال لجنة طبية خاصة بتقييم الحالات المرضية.
وتنحصر معايير المفوضية لتحديد الانتفاع من عدمه بتوفر الدعم المالي، وحالة المريض وإمكانية العلاج، ويسلم الحواري بصعوبة علاج جميع المرضى بقوله "توجد موازنة محددة لعلاج المرضى، كيف نستطيع علاج جميع الحالات في الأردن؟".
وحول شبهات الفساد التي أثارها النائب عويس، والتي فتحت الحكومة تحقيقاً فيها، يقول الحواري "التحقيق شأن أردني"، مشدداً على شفافية الإجراءات التي تتبعها المفوضية في تنفيذ جميع برامجها ومن بينها برنامج العلاج. ويضيف "يوجد حساب يودع فيه الممولون الأموال، وتقوم المفوضية بدعوة الداعمين بشكل دوري للاطلاع على حسابات البرنامج ليعلموا أين ذهبت الأموال التي قدموها"، مؤكداً وجود لجنة رقابة داخلية في المفوضية "تعترض في حال ورود تسعيرات علاج مرتفعة، كما تعترض على حالات رفض مرضى يستحقون العلاج".
مبادرات طوعية
بسبب ضعف برنامج علاج المرضى من اللاجئين السوريين الذي تديره المفوضية، انطلقت عشرات المبادرات الطوعية الهادفة إلى تقديم المساعدة للمرضى الذين صنفوا "غير منتفعين".
الناشطة في فريق ثابت التطوعي رشا الخالدي، تشير إلى تعامل الفريق منذ انطلاقه مع مئات الحالات المرضية التي لم يتوفر لها علاج، ويقوم عمل الفريق على نشر الحالات المرضية عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ليصار إلى تأمين كلف العلاج من خلال المتبرعين.
وبحسب الخالدي فإن تقييم الحالات المرضية التي تنشر من خلال الفريق يتم بناءً على تقارير طبية رسمية، وغالباً ما تكون حالات لمرضى رفض علاجهم من قبل المفوضية لأسباب متعددة سواء من اللاجئين داخل المخيمات أو خارجها، على أن يتم توجيه المتبرع لتسديد كلف العلاج مباشرة للمشفى الذي يعالج فيه المرضى، بهدف تعزيز المصداقية، تؤكد "هؤلاء المرضى سيتركون للموت في حال عدم توفر العلاج.. دورنا أن نساعدهم بقدر المستطاع".
محرومون من العلاج
تقول أم بشار، شقيقة ياسمين، "اكتشفت إصابة ياسمين بالسرطان أول عام 2015، كانت شقيقتي تتألم بشكل كبير، ولم نكن نعرف السبب، لكن الطبيب أخبرنا أنها مصابة بالسرطان، وطلب صورة رنين مغناطيسي حتى يقيم حالتها"، لكن الصورة وبعد أن وافقت المفوضية، ممثلة بشريكها الطبي على تحمل تكلفتها بعد الرفض مرتين متتاليتين، لم تجر للمريضة سوى منتصف يناير/نيسان 2015.
تتابع بحسرة لـ "العربي الجديد" "بعدما وافق العون الصحي على تحمل كلفة الصورة، كان معنا تقرير طبي بأن حالة ياسمين مستعجلة، لكن قسم الأشعة في المستشفى حدد الموعد بعد ستة أشهر للصورة"، وهو موعد رأت شقيقتها أنه "يكفي حتى تموت وليس للعلاج"، بعد الرجاء والواسطة وافق المشفى على تقريب الموعد شهرين.
خلال مدة الانتظار كانت اللاجئة التي وصلت إلى الأردن نهاية عام 2013 والمسجلة لدى مفوضية اللاجئين، تموت ببطء نتيجة المرض الذي تبين لاحقاً أنه انتشر في جسدها، تقول شقيقتها "كانت طوال الوقت بتصرخ من الوجع، وكنا نعطيها مسكنات، أين الملايين المقدمة من أجل علاج اللاجئين".
بعد انقضاء أشهر الانتظار أجريت الأشعة لياسمين، وبناءً عليها أوصى الطبيب المعالج باستئصال الرحم وجزء من الأمعاء، لتبدأ العائلة رحلة البحث عن جهة تتكفل بالعلاج، بعد أن رفضت المفوضية التكفل به، تقول شقيقتها أم بشار "ما حد وافق على علاجها ولما طلب الطبيب تعمل خزعه، تبرع واحد من المحسنين بعملها على حسابه بعد ما كتب عن حالتها على فيسبوك"، لكن بعد أقل من أسبوع على إجراء الخزعة ماتت ياسمين، لعدم حصولها على حقها بالعلاج، لتترك العشرينية حسرة في قلب العائلة التي هربت من الموت على يد النظام السوري، لتموت بالمرض.
اقرأ أيضا: المساعدات المنهوبة [1- 4]..المصروفات الإدارية تلتهم دعم النازحين السوريين
الهرب من الموت في الأردن
الموت الذي يلاحق اللاجئين السوريين في الأردن نتيجة عدم تكفل المفوضية بعلاجهم هو الذي دفع اللاجئ المريض بالسرطان طعمه القبط (50 عاماً) للسفر إلى تركيا في 4 يناير/كانون الثاني الماضي، بناءً على تعهد من جهات طبية هناك بعلاجه مجاناً.
القبط أرجع مغامرة السفر، والتي خلف فيها وراءه عائلة مكونة من 7 أفراد، إلى عدم تكفل المفوضية بعلاجه في الأردن، بعد أن اكتشف مرضه بسرطان الدم في أكتوبر/تشرين الأول 2015، ورفضت المفوضية ممثلة بشريكها الطبي في الأردن التكفل بعلاجه، قبل أن توافق في مطلع ديسمبر/كانون الأول على تحمل كلف إقامته في المشفى دون أثمان العلاج البالغة آلاف الدنانير، وهو الوقت الذي فاقم مرضه ليتبين أصابته بفشل كلوي. يقول طعمه لـ"العربي الجديد" "ليس لدي قدرة على دفع ثمن العلاج، الأدوية غالية (..) لو بقيت في الأردن سأموت".
اقرأ أيضا: المساعدات المنهوبة [2-4]..العمل الإغاثي لا يلبي حاجات نازحي لبنان
شبهات فساد قيد التحقيق
ماتت ياسمين، وسافر طعمه ناشداً العلاج، وتتواصل معاناة كثيرين، "كل ذلك يأتي بالتزامن مع شبهات فساد تقدر بملايين الدنانير بدأت تثار حول ملف علاج المرضى السوريين في الأردن"، كما يقول عضو البرلمان النائب سمير عويس الذي فجر القضية خلال جلسة رقابية عقدت في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ قال إن "برنامج علاج السوريين يشهد فساداً كبيراً وتلاعباً بفواتير العلاج التي ترسل إلى المفوضية".
عويس قال لـ"العربي الجديد" إن فساد برنامج علاج اللاجئين السوريين يقدر بملايين الدنانير، مشيراً إلى أن الفساد يكمن بفواتير العلاج التي تدفعها المفوضية والتي تتضاعف كلف العلاج فيها عدة مرات، وقال "الكلف الهائلة في الفواتير تبرز في الخدمات العلاجية والإدارية التي تفوق كلفة العلاج بثلاثة أضعاف وأكثر في بعض الأحيان".
ويعزز ما كشفه النائب الأردني، الاتهامات ذاتها التي يكررها اللاجئون في الأردن، حول ارتفاع فواتير علاجهم مقارنة بفواتير الأردنيين، رغم القرار الصادر عن رئاسة الوزراء الأردنية بتاريخ 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، والقاضي بمعاملة اللاجئين السوريين معاملة الأردنيين غير المؤمنين، من ناحية كلف العلاج، التي تنظمها لائحة الأجور الطبية المعتمدة.
وثق "العربي الجديد" تكلفة فاتورة علاجية للاجئ سوري بلغت قيمتها الإجمالية مائة دينار أردني، لكن تفاصيل الفاتورة تشير إلى أن كلفة العلاج بلغت 25 ديناراً أردنياً فقط، فيما المبلغ المتبقي ظهر في الفاتورة بدل خدمات إدارية وفندقية قدمها المشفى للمريض.
التحقيق في القضية
في أعقاب كشف النائب عن قضية الفساد، قررت الحكومة الأردنية فتح تحقيق موسع في القضية، وفتح التحقيق فعلياً من قبل هيئة مكافحة الفساد، حسب ما أبلغ مصدر مسؤول "العربي الجديد"، لكنه تحقيق يحاط بسرية بالغة. وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "التحقيق في القضية حساس جداً، ونتائجه تتعلق بسمعة الأردن الخارجية، خاصة أمام الدول المانحة".
وفيما يبدي الأردن حرصاً زائداً على سمعته الدولية، يقول عويس الذي يرأس لجنة احترام القانون الإنساني الدولي التابعة لاتحاد البرلمان الدولي " سمعة الأردن في الخارج في ما يتعلق بملف اللاجئين سيئة (..) خلال حضوري للاجتماعات يبادر رؤساء الوفود إلى اتهام الأردن بسرقة الأموال المخصصة للاجئين"، متعهداً بعدم انتظار "التحقيق الرسمي الذي تجريه الحكومة إلى ما لا نهاية".
ويؤكد أن الفساد الأكبر، يتمثل في علاج المرضى من اللاجئين، كاشفاً عن تسليمه نسخة عن ملف "ضخم" للحكومة لإجراء التحقيق في القضية التي تتورط فيها جهات رسمية، إضافة إلى الشريك الطبي المعتمد من قبل المفوضية. وقال عويس "الأموال التي ذهبت نتيجة الفساد تكفي لعلاج جميع اللاجئين المرضى الذين لا يجدون علاجاً بحجة عدم توفر الموازنة".
اقرأ أيضا: الضباط الجهاديون.. لماذا ينضمّ العسكريون إلى التنظيمات المسلّحة (1/2)
إجراءاتنا شفافة
بلغت فاتورة علاج اللاجئين السوريين في الأردن، خلال العام الماضي 23 مليون دولار، حسب إحصائيات المفوضية، التي يؤكد الناطق باسمها محمد الحواري أن الخدمات العلاجية تشمل جميع اللاجئين المسجلين لدى المفوضية والبالغ عددهم 634 ألف لاجئ، في وقت تحصي الحكومة الأردنية وجود أكثر من مليون وأربعمائة ألف لاجئ في المملكة.
ويقول "العلاج يشمل جميع الأمراض بناءً على تقييم، وفقاً للمعايير المعتمدة من المفوضية لتحديد ما إذا كانت الحالة المرضية منتفعة أم غير منتفعة"، مشيراً إلى أن التقييم مسؤولية الشريك الطبي (جمعية العون الصحي)، فيما يؤكد العون أن تقييم الحالات المرضية يتم انسجاماً والمعايير التي تحددها المفوضية، من خلال لجنة طبية خاصة بتقييم الحالات المرضية.
وتنحصر معايير المفوضية لتحديد الانتفاع من عدمه بتوفر الدعم المالي، وحالة المريض وإمكانية العلاج، ويسلم الحواري بصعوبة علاج جميع المرضى بقوله "توجد موازنة محددة لعلاج المرضى، كيف نستطيع علاج جميع الحالات في الأردن؟".
وحول شبهات الفساد التي أثارها النائب عويس، والتي فتحت الحكومة تحقيقاً فيها، يقول الحواري "التحقيق شأن أردني"، مشدداً على شفافية الإجراءات التي تتبعها المفوضية في تنفيذ جميع برامجها ومن بينها برنامج العلاج. ويضيف "يوجد حساب يودع فيه الممولون الأموال، وتقوم المفوضية بدعوة الداعمين بشكل دوري للاطلاع على حسابات البرنامج ليعلموا أين ذهبت الأموال التي قدموها"، مؤكداً وجود لجنة رقابة داخلية في المفوضية "تعترض في حال ورود تسعيرات علاج مرتفعة، كما تعترض على حالات رفض مرضى يستحقون العلاج".
مبادرات طوعية
بسبب ضعف برنامج علاج المرضى من اللاجئين السوريين الذي تديره المفوضية، انطلقت عشرات المبادرات الطوعية الهادفة إلى تقديم المساعدة للمرضى الذين صنفوا "غير منتفعين".
الناشطة في فريق ثابت التطوعي رشا الخالدي، تشير إلى تعامل الفريق منذ انطلاقه مع مئات الحالات المرضية التي لم يتوفر لها علاج، ويقوم عمل الفريق على نشر الحالات المرضية عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ليصار إلى تأمين كلف العلاج من خلال المتبرعين.
وبحسب الخالدي فإن تقييم الحالات المرضية التي تنشر من خلال الفريق يتم بناءً على تقارير طبية رسمية، وغالباً ما تكون حالات لمرضى رفض علاجهم من قبل المفوضية لأسباب متعددة سواء من اللاجئين داخل المخيمات أو خارجها، على أن يتم توجيه المتبرع لتسديد كلف العلاج مباشرة للمشفى الذي يعالج فيه المرضى، بهدف تعزيز المصداقية، تؤكد "هؤلاء المرضى سيتركون للموت في حال عدم توفر العلاج.. دورنا أن نساعدهم بقدر المستطاع".