يخشى الأكاديمي الإثيوبي ميكائيلي ولد مريام، الأستاذ بمدرسة فردريك باردي للدراسات الدولية بجامعة بوسطن الأميركية، من خطر التهديدات الإرهابية، وتحديدا من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وحركة الشباب، إذ ينشط التنظيمان في الصومال، كما يقول، مضيفا أن إقليم أوغادين الإثيوبي (يعرف بالصومال الغربي)، هو من المناطق التي قد تخترقها مجموعات مثل حركة الشباب أو داعش، ومن السهل نسبياً أن تعمل هناك في ظل التداخل الإثني المشترك.
ويتركز تنظيم داعش في الجزء الشمالي من الحدود الإثيوبية الصومالية المشتركة، وتحديدا في إقليم بونتلاند، وفق تأكيد الدكتور ولد مريام، في حديث لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن لدى "داعش" شبكات وخلايا نائمة، قد تمكنه من اختراق إثيوبيا من أي مكان على طول الحدود بين الدولتين، وهو ما يقتضي الحذر، لأن التنظيم مدعوم من فروع داعش التي تعمل في أفريقيا.
اقــرأ أيضاً
تهديدات داعش وحركة الشباب
أوقفت السلطات الإثيوبية 12 عنصرا من حركة الشباب وأعضاء من "داعش" في مناطق مختلفة من البلاد، بحسب ما كشفه نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات في قيادة الجيش الإثيوبي، الجنرال برهانو جُلا، في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وجرى إلقاء القبض على عناصر خلية خطيرة ينتمون لحركة الشباب وتنظيم الدولة، كانوا يخططون لشن هجمات على أماكن حيوية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحسب ما أكده جهاز الأمن والمخابرات الإثيوبي في 21 من سبتمبر الماضي، مبينا أن قائد الخلية يدعى محمد عبد الله دولوث، وتم اعتقاله بعد دخوله إلى البلاد قادما من جيبوتي.
ويؤكد باحث ومحلل سياسي إثيوبي عمل محاضرا في قسم العلاقات الدولية بجامعة أديس أبابا (رفض ذكر اسمه حتى لا يتم فهم إفادته على منحى عرقي)، أن حركة الشباب تشكل تهديدا أكثر خطورة على إثيوبيا، إذ لا يزال التنظيم فاعلا في مواجهة الضغط العسكري الذي تفرضه عليه بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (الأميصوم)، وقوات الأمن الفيدرالية والإقليمية الصومالية، فضلا عن هجمات الطائرات الأميركية بدون طيار، كما يقول لـ"العربي الجديد".
لكن البروفيسور تيرجي اوستوبو، الأستاذ المشارك ورئيس قسم الأديان والمدير المؤسس لمركز الدراسات الإسلامية العالمية بجامعة فلوريدا الأميركية، لديه وجهة نظر مغايرة، إذ إن حركة الشباب ضعفت على مدار الأعوام الماضية، وداعش الصومال تنظيم صغير عدديا، بيد أنه يقول لـ"العربي الجديد": "من المقلق أن يحاول التنظيمان اختراق إثيوبيا، لكن من غير المحتمل أن تتمكن مجموعاتهما من تجنيد الكثير من الأتباع في البلاد".
ويتمدد تنظيم داعش في أفريقيا بعد القضاء على نفوذه في سورية والعراق، وسبق أن دعا التنظيم أمير حركة الشباب المجاهدين في الصومال إلى مبايعته على غرار حركة بوكو حرام النيجيرية، كما حرَّض الحركة على شنّ المزيد من الهجمات داخل كينيا وتنزانيا وإثيوبيا قبل أن يتوتر الوضع بينهما بسبب رفض الشباب مبايعة التنظيم. وتراوح أعداد عناصر حركة الشباب ما بين 6 و8 آلاف عنصر في الصومال، بينما لا يتعدى عدد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) 300 عنصر، بحسب الدكتور استيج جارلي هانسن، الذي يعمل مع مؤسسة توني بلير ضمن مشروع معني باحتواء التطرف، وأحد أبرز الخبراء في شؤون الحركات الإسلامية في شرق أفريقيا، مؤكدا على استغلال حركة الشباب لامتداداتها في جيبوتي وصوماليلاند من الناحية اللوجستية للتمدد والانتشار.
كيف تسللت عناصر التنظيمين إلى إثيوبيا؟
تسللت عناصر حركة الشباب إلى الأراضي الإثيوبية عبر مدينة هرجيسا، عاصمة إقليم صوماليلاند (أعلن انفصاله عن الصومال في منتصف عام 1991)، وإقليم أوروميا، بالقرب من الحدود مع كينيا، فيما تسللت عناصر تنظيم داعش من مدينة بوصاصو، عاصمة إقليم بونتلاند (أُعلن كيانا إداريا مستقلا في 1998 عن الحكومة الفيدرالية)، الواقع شمال شرق الصومال، بقيادة المدعو محمد جهاد بوديل، الذي تم اعتقاله في الإقليم الصومالي بإثيوبيا، بحسب بيان جهاز الأمن والمخابرات الصادر في 21 سبتمبر الماضي.
ونشر تنظيم داعش في الصومال، الذي أسسه مقاتلون منشقون عن حركة الشباب الصومالية في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، مقطعا مصورا مدته 3 دقائق في أغسطس/ آب الماضي، أعلن فيه عن اعتزامه إصدار منشورات جهادية باللغة الأمهرية التي تعتبر اللغة الرسمية في إثيوبيا.
وعلى الرغم من أن حركة الشباب هي أكثر الجماعات الإرهابية قوة في منطقة القرن الأفريقي، إلا أن معهد هيرال (مركز أبحاث مختص في التهديدات الأمنية في القرن الأفريقي في مقديشو)، يقيّم داعش بأن لديه القدرة على اجتذاب المواطنين الإثيوبيين المحتملين إلى المجال الجهادي، لأن الشباب حركة صومالية، في حين يحافظ داعش على طابعه العالمي، وفق ما أوضحه لـ"العربي الجديد"، حسين شيخ علي، مؤسس ورئيس معهد هيرال، ومستشار الأمن القومي الفيدرالي في الصومال.
وتوفر الاضطرابات في المناطق الإثيوبية على الحدود مع الصومال، وعدم الاستقرار السياسي والإداري النسبي في كل من الإقليم الصومالي وإقليم أوروميا، بيئة مواتية لهذه الأنواع من التنظيمات، بحسب المحاضر السابق في جامعة أديس أبابا. لكن الجنرال جلا يقول إن داعش والشباب جندا عناصر من جميع أنحاء البلاد. ورغم أن الحدود بين إثيوبيا والصومال ليست طويلة، إلا أن التحكم فيها وضبطها يجري بشكل ضعيف من كلا الجانبين، بحسب المحاضر السابق في جامعة أديس أبابا.
ثغرات محتملة
توجد في إقليمي أوغادين وأوروميا بإثيوبيا المكونات المحتملة التي قد تستغلها الجماعات الإرهابية، بسبب الفقر والحكم الهش، وفق ما قاله شيخ علي. وهو ما يؤكده البروفيسور هاري فيرهوفن، خبير شؤون القرن الأفريقي في جامعة أوكسفورد، قائلا لـ"العربي الجديد": "الفقر المدقع والبطالة وعدم الرضا العام عن قوات الأمن الإثيوبية ونهجها القاسي في كثير من الأحيان تجاه النظام العام والسلامة، تعني وجود خزان من الشباب الإثيوبي الساخط، خاصة أن الإصلاحات التي قام بها رئيس الوزراء الحالي أبي أحمد منذ وصوله إلى السلطة في العام 2018، انعكست في شكل قلاقل داخل القطاع الأمني بالبلاد، في ظل التوتر بين مكونات الائتلاف الحاكم"، وهو ما قد تستغله التنظيمات الإرهابية، وفق مصادر التحقيق، ويوضح المحاضر السابق في جامعة أديس أبابا، أن التغييرات الأخيرة في إثيوبيا وعدم الاستقرار السياسي، إلى جانب الدلائل التي تشير إلى ضعف قوات الدفاع الوطني الإثيوبي (الجيش) وجهاز الأمن الوطني والمخابرات بسبب عمليات التطهير التي ترتبط بتدهور العلاقات بين أطراف الجبهة الحاكمة، لها تأثير على إمكانية استغلال تلك الظروف من قبل داعش والشباب.
وإلى جانب التهديد الإرهابي القادم من الصومال على يد داعش والشباب، فإن خطر التيارات الدينية الإثيوبية التي تتبنى تفسيرات متشددة ومتطرفة يجب مواجهته حتى لا يشكل حاضنة لانتشار الحركتين، في ظل الانفتاح الذي تشهده أديس أبابا، خاصة أن حركة الشباب وتنظيم داعش لهما تاريخ في استثمار التوترات الدينية والعرقية الموجودة أصلا في البلاد، بحسب ورقة للبروفيسور يوناس أديي أديتو، الأستاذ المساعد للأمن الدولي وبناء السلام بمعهد الدراسات الأمنية في جامعة أديس أبابا، التي قدمها للمعهد الأوروبي للسلام (مؤسسة مستقلة تعمل كشريك مع دول الاتحاد الأوروبي في تطوير استراتيجيات حل الصراعات ومنعها من خلال الحوار والوساطة)، في يوليو/ تموز 2019.
هل أديس أبابا قادرة على التعامل مع التهديدات؟
كيف ينعكس التنافس بين داعش والشباب في الصومال على محاولات اختراق إثيوبيا؟ يجيب البروفيسور فيرهوفن: "بما أن داعش يتنافس مع حركة الشباب ويسعى لإزاحة الأخيرة في الصومال، فإن إغراء محاولات ضرب إثيوبيا بطريقة كبيرة أمر واضح، وسيكون مصدراً هائلاً للدعاية التي يعتمدها التنظيم، الأمر الذي قد يمنحه مساحة نفوذ جديدة، ومجنّدين جُدُدا، ويمكنه ذلك من تحقيق ما فشلت فيه حركة الشباب. ضرب العدو اللدود في الصميم"، مضيفا أن إثيوبيا موطن لكثير من القوميات، وبعضها يعاني بشدة من التهميش، الذي يمكن استغلاله من قبل عناصر متطرفة، سواء كانوا من مثيري القلاقل، أو حركة الشباب أو ربما داعش.
وتمكن جهاز الأمن الإثيوبي حتى العام 2018 من إبطال جميع التهديدات الإرهابية المحتملة من الصومال، بسبب تنفيذه تكتيكات قاسية، مثل التدخل العسكري المباشر في الصومال، كما سبق وحدث في عام 2006، أو شن الهجمات أو الاغتيالات أو تجنيد مليشيات محلية داخل الصومال، غير أن التطورات الأخيرة في السياسة والاقتصاد والأمن، وزلزال الإصلاحات التي وقعت في البلاد قد تخلق فرصا جديدة محتملة، يمكن أن تستغلها مجموعات مثل داعش أو الشباب، بحسب شيخ علي.
لكن ولد مريام يؤكد أن إثيوبيا كانت فعالة تاريخياً في إدارة التهديدات التي تشكلها الجماعات الجهادية المتشددة في الصومال، رغم جدية الخطر هذه المرة، مضيفا أنه سيتعين على إثيوبيا أن تراقب عن كثب تحولات الوضع في الصومال، من أجل ضمان تحييد هذه التهديدات قبل دخولها إلى الأراضي الإثيوبية.
ويتركز تنظيم داعش في الجزء الشمالي من الحدود الإثيوبية الصومالية المشتركة، وتحديدا في إقليم بونتلاند، وفق تأكيد الدكتور ولد مريام، في حديث لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن لدى "داعش" شبكات وخلايا نائمة، قد تمكنه من اختراق إثيوبيا من أي مكان على طول الحدود بين الدولتين، وهو ما يقتضي الحذر، لأن التنظيم مدعوم من فروع داعش التي تعمل في أفريقيا.
تهديدات داعش وحركة الشباب
أوقفت السلطات الإثيوبية 12 عنصرا من حركة الشباب وأعضاء من "داعش" في مناطق مختلفة من البلاد، بحسب ما كشفه نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات في قيادة الجيش الإثيوبي، الجنرال برهانو جُلا، في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وجرى إلقاء القبض على عناصر خلية خطيرة ينتمون لحركة الشباب وتنظيم الدولة، كانوا يخططون لشن هجمات على أماكن حيوية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحسب ما أكده جهاز الأمن والمخابرات الإثيوبي في 21 من سبتمبر الماضي، مبينا أن قائد الخلية يدعى محمد عبد الله دولوث، وتم اعتقاله بعد دخوله إلى البلاد قادما من جيبوتي.
ويؤكد باحث ومحلل سياسي إثيوبي عمل محاضرا في قسم العلاقات الدولية بجامعة أديس أبابا (رفض ذكر اسمه حتى لا يتم فهم إفادته على منحى عرقي)، أن حركة الشباب تشكل تهديدا أكثر خطورة على إثيوبيا، إذ لا يزال التنظيم فاعلا في مواجهة الضغط العسكري الذي تفرضه عليه بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (الأميصوم)، وقوات الأمن الفيدرالية والإقليمية الصومالية، فضلا عن هجمات الطائرات الأميركية بدون طيار، كما يقول لـ"العربي الجديد".
لكن البروفيسور تيرجي اوستوبو، الأستاذ المشارك ورئيس قسم الأديان والمدير المؤسس لمركز الدراسات الإسلامية العالمية بجامعة فلوريدا الأميركية، لديه وجهة نظر مغايرة، إذ إن حركة الشباب ضعفت على مدار الأعوام الماضية، وداعش الصومال تنظيم صغير عدديا، بيد أنه يقول لـ"العربي الجديد": "من المقلق أن يحاول التنظيمان اختراق إثيوبيا، لكن من غير المحتمل أن تتمكن مجموعاتهما من تجنيد الكثير من الأتباع في البلاد".
ويتمدد تنظيم داعش في أفريقيا بعد القضاء على نفوذه في سورية والعراق، وسبق أن دعا التنظيم أمير حركة الشباب المجاهدين في الصومال إلى مبايعته على غرار حركة بوكو حرام النيجيرية، كما حرَّض الحركة على شنّ المزيد من الهجمات داخل كينيا وتنزانيا وإثيوبيا قبل أن يتوتر الوضع بينهما بسبب رفض الشباب مبايعة التنظيم. وتراوح أعداد عناصر حركة الشباب ما بين 6 و8 آلاف عنصر في الصومال، بينما لا يتعدى عدد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) 300 عنصر، بحسب الدكتور استيج جارلي هانسن، الذي يعمل مع مؤسسة توني بلير ضمن مشروع معني باحتواء التطرف، وأحد أبرز الخبراء في شؤون الحركات الإسلامية في شرق أفريقيا، مؤكدا على استغلال حركة الشباب لامتداداتها في جيبوتي وصوماليلاند من الناحية اللوجستية للتمدد والانتشار.
كيف تسللت عناصر التنظيمين إلى إثيوبيا؟
تسللت عناصر حركة الشباب إلى الأراضي الإثيوبية عبر مدينة هرجيسا، عاصمة إقليم صوماليلاند (أعلن انفصاله عن الصومال في منتصف عام 1991)، وإقليم أوروميا، بالقرب من الحدود مع كينيا، فيما تسللت عناصر تنظيم داعش من مدينة بوصاصو، عاصمة إقليم بونتلاند (أُعلن كيانا إداريا مستقلا في 1998 عن الحكومة الفيدرالية)، الواقع شمال شرق الصومال، بقيادة المدعو محمد جهاد بوديل، الذي تم اعتقاله في الإقليم الصومالي بإثيوبيا، بحسب بيان جهاز الأمن والمخابرات الصادر في 21 سبتمبر الماضي.
وعلى الرغم من أن حركة الشباب هي أكثر الجماعات الإرهابية قوة في منطقة القرن الأفريقي، إلا أن معهد هيرال (مركز أبحاث مختص في التهديدات الأمنية في القرن الأفريقي في مقديشو)، يقيّم داعش بأن لديه القدرة على اجتذاب المواطنين الإثيوبيين المحتملين إلى المجال الجهادي، لأن الشباب حركة صومالية، في حين يحافظ داعش على طابعه العالمي، وفق ما أوضحه لـ"العربي الجديد"، حسين شيخ علي، مؤسس ورئيس معهد هيرال، ومستشار الأمن القومي الفيدرالي في الصومال.
وتوفر الاضطرابات في المناطق الإثيوبية على الحدود مع الصومال، وعدم الاستقرار السياسي والإداري النسبي في كل من الإقليم الصومالي وإقليم أوروميا، بيئة مواتية لهذه الأنواع من التنظيمات، بحسب المحاضر السابق في جامعة أديس أبابا. لكن الجنرال جلا يقول إن داعش والشباب جندا عناصر من جميع أنحاء البلاد. ورغم أن الحدود بين إثيوبيا والصومال ليست طويلة، إلا أن التحكم فيها وضبطها يجري بشكل ضعيف من كلا الجانبين، بحسب المحاضر السابق في جامعة أديس أبابا.
ثغرات محتملة
توجد في إقليمي أوغادين وأوروميا بإثيوبيا المكونات المحتملة التي قد تستغلها الجماعات الإرهابية، بسبب الفقر والحكم الهش، وفق ما قاله شيخ علي. وهو ما يؤكده البروفيسور هاري فيرهوفن، خبير شؤون القرن الأفريقي في جامعة أوكسفورد، قائلا لـ"العربي الجديد": "الفقر المدقع والبطالة وعدم الرضا العام عن قوات الأمن الإثيوبية ونهجها القاسي في كثير من الأحيان تجاه النظام العام والسلامة، تعني وجود خزان من الشباب الإثيوبي الساخط، خاصة أن الإصلاحات التي قام بها رئيس الوزراء الحالي أبي أحمد منذ وصوله إلى السلطة في العام 2018، انعكست في شكل قلاقل داخل القطاع الأمني بالبلاد، في ظل التوتر بين مكونات الائتلاف الحاكم"، وهو ما قد تستغله التنظيمات الإرهابية، وفق مصادر التحقيق، ويوضح المحاضر السابق في جامعة أديس أبابا، أن التغييرات الأخيرة في إثيوبيا وعدم الاستقرار السياسي، إلى جانب الدلائل التي تشير إلى ضعف قوات الدفاع الوطني الإثيوبي (الجيش) وجهاز الأمن الوطني والمخابرات بسبب عمليات التطهير التي ترتبط بتدهور العلاقات بين أطراف الجبهة الحاكمة، لها تأثير على إمكانية استغلال تلك الظروف من قبل داعش والشباب.
وإلى جانب التهديد الإرهابي القادم من الصومال على يد داعش والشباب، فإن خطر التيارات الدينية الإثيوبية التي تتبنى تفسيرات متشددة ومتطرفة يجب مواجهته حتى لا يشكل حاضنة لانتشار الحركتين، في ظل الانفتاح الذي تشهده أديس أبابا، خاصة أن حركة الشباب وتنظيم داعش لهما تاريخ في استثمار التوترات الدينية والعرقية الموجودة أصلا في البلاد، بحسب ورقة للبروفيسور يوناس أديي أديتو، الأستاذ المساعد للأمن الدولي وبناء السلام بمعهد الدراسات الأمنية في جامعة أديس أبابا، التي قدمها للمعهد الأوروبي للسلام (مؤسسة مستقلة تعمل كشريك مع دول الاتحاد الأوروبي في تطوير استراتيجيات حل الصراعات ومنعها من خلال الحوار والوساطة)، في يوليو/ تموز 2019.
هل أديس أبابا قادرة على التعامل مع التهديدات؟
كيف ينعكس التنافس بين داعش والشباب في الصومال على محاولات اختراق إثيوبيا؟ يجيب البروفيسور فيرهوفن: "بما أن داعش يتنافس مع حركة الشباب ويسعى لإزاحة الأخيرة في الصومال، فإن إغراء محاولات ضرب إثيوبيا بطريقة كبيرة أمر واضح، وسيكون مصدراً هائلاً للدعاية التي يعتمدها التنظيم، الأمر الذي قد يمنحه مساحة نفوذ جديدة، ومجنّدين جُدُدا، ويمكنه ذلك من تحقيق ما فشلت فيه حركة الشباب. ضرب العدو اللدود في الصميم"، مضيفا أن إثيوبيا موطن لكثير من القوميات، وبعضها يعاني بشدة من التهميش، الذي يمكن استغلاله من قبل عناصر متطرفة، سواء كانوا من مثيري القلاقل، أو حركة الشباب أو ربما داعش.
وتمكن جهاز الأمن الإثيوبي حتى العام 2018 من إبطال جميع التهديدات الإرهابية المحتملة من الصومال، بسبب تنفيذه تكتيكات قاسية، مثل التدخل العسكري المباشر في الصومال، كما سبق وحدث في عام 2006، أو شن الهجمات أو الاغتيالات أو تجنيد مليشيات محلية داخل الصومال، غير أن التطورات الأخيرة في السياسة والاقتصاد والأمن، وزلزال الإصلاحات التي وقعت في البلاد قد تخلق فرصا جديدة محتملة، يمكن أن تستغلها مجموعات مثل داعش أو الشباب، بحسب شيخ علي.
لكن ولد مريام يؤكد أن إثيوبيا كانت فعالة تاريخياً في إدارة التهديدات التي تشكلها الجماعات الجهادية المتشددة في الصومال، رغم جدية الخطر هذه المرة، مضيفا أنه سيتعين على إثيوبيا أن تراقب عن كثب تحولات الوضع في الصومال، من أجل ضمان تحييد هذه التهديدات قبل دخولها إلى الأراضي الإثيوبية.