يعبر الثلاثيني الجزائري كمال حمدي عن امتعاضه من المشاكل الكثيرة التي صارت تنغص عمله في محله لبيع وتصليح المجوهرات بحي القصبة العتيق، وسط العاصمة، بعد انتشار ظاهرة ترويج الذهب المغشوش بشكل لافت منذ العام 2000 إثر ازدهار تجارة المعدن النفيس في "الدلالة"، أي السوق الموازية، مثلما يقول لـ"العربي الجديد".
ويستذكر كمال قدوم زبون أخيرا يعرض عليه شراء عقد من الذهب مدعيا أنه من صنع فرنسي ومن عيار 18 قيراطا، إلا أنه فوجئ بعد فحصه بأنه من عيار 9 قراريط، وهو نوع غير مصرح ببيعه في الجزائر التي لا تسمح إلا بإنتاج أو بيع الذهب ذي 18 قيراطا.
يقول كمال لـ"العربي الجديد": "الزبون قال إنه لم يكن يعلم أن العقد بيده 9 قراريط، ربما قد يكون صادقا في كلامه، لكن لا يمكن الوثوق في أي أحد، لأن هذه الحالات تحدث معنا أسبوعيا حتى لا نقول يوميا".
كيف يتم غش الذهب؟
عبر جولة ميدانية رصد معد التحقيق، غير بعيد عن محل كمال، اصطفاف العشرات من تجار الذهب المستعمل الذين يحاولون أن يغروا المارة بأثمان سلعهم "المعقولة" التي تقدر بـ5 آلاف دينار للغرام الواحد (42 دولارا)، مقابل 6 آلاف دينار (50 دولارا) للغرام في المحال المعتمدة، لكن هذه الأسواق هي الفضاء الذي يستغله مروجو الذهب المغشوش لاصطياد فرائسهم، مثلما تقول لـ"العربي الجديد"، تيزيري قبايلي، والتي كانت إحدى ضحاياهم عندما اقتنت تشكيلة من المجوهرات قبل زواجها في 2016، بعدما ظنت أن ما اشترته بثمن بخس ذهب حقيقي، لكن سرعان ما اصطدمت بالحقيقة عقب عرض هذه المجوهرات على صائغ كشف لها أن بعض مقتنياتها ليست من عيار 18 قيراطا والبعض الآخر يحتوي على قطع من النحاس، وهي حادثة تتكرر مع العديد من الزبائن، مثلما يؤكد لـ"العربي الجديد"، رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، والذي أضاف أن "أغلب زبائن تجار السوق السوداء هم من المقبلين على الزواج بسبب أسعار الذهب المعقولة في تلك السوق نوعا ما مقارنة بالأسعار المعتمدة في المحلات، وذلك رغم مخاطرها، في ظل عدم حصول المشتري على فاتورة تضمن حقه، عكس المحال المعتمدة"، لكن العشريني عادل أحمد، الذي يبيع الذهب في السوق الموازية بحي واد كنيس بالعناصر، وسط العاصمة الجزائر، ينفي في حديثه مع "العربي الجديد"، أن يكون تجار السوق الموازية هم الذين يقفون وراء ترويج الذهب المغشوش، لأنهم "في الواقع هم ضحايا مروجي هذه السلع غير المطابقة لما هو مسموح بيعه في الجزائر".
وأشار عادل إلى أنه خسر 1200 دينار في قرط اشتراه من سيدة عجوز وثق فيها لكبر سنها، إذ أكدت له أن المصوغ عيار 18 قيراطا، لكن عند فحصه لدى محل لبيع المجوهرات، تبين أنه أقل قيمة، وهي خسارة لم تحدث معه مرة واحدة بل تكررت، كما تكبدها العديد من أقرانه النشطين في السوق الموازية.
اقــرأ أيضاً
التهريب المصدر الأول
يؤكد بائعو الذهب الذين تحدثت معهم "العربي الجديد"، أنه يتم جلب المواد الأولية المستعملة في صناعة حلي الذهب المغشوش من الباحثين عن الذهب في جنوب البلاد، ففي شهر يناير/ كانون الثاني الماضي حجزت قوات الجيش 26 جهاز كشف عن المعادن، وفق ما تشير إليه إحصائية لوزارة الدفاع بحوزة "العربي الجديد"، وتجري عملية تزوير الذهب عبر الغش في وزنه ومكوناته، كما يقول زبدي، موضحا أنه يجري خلط الذهب بالنحاس، وفقا لما رصدته جمعية حماية المستهلك.
ويشير زبدي إلى أن هذه البضائع تدخل الجزائر في الغالب من التهريب عبر أفراد عاديين ليتم بيعها في الجزائر في السوق السوداء أو عرضها على الحرفيين صانعي الحلي الذين يستعملون هذا الحلي كمادة خام.
ويقول المكلف بالإعلام في الجمارك الجزائرية جمال بريكة، لـ"العربي الجديد"، إن مصالحه حجزت في مرات عديدة كميات من الذهب القادم من مختلف الدول تهربا من الرسوم الجمركية أو لأنه لا يوافق المواصفات المطلوبة لتسويقه في الجزائر.
وأشار جمال بريكة إلى أن مصالح الجمارك حجزت 3 كلغ من الذهب في 2017 تم بموجبها توقيف 15 شخصا، وتم تحرير 16 قضية، أما في 2016 فالعدد كان أكبر بحجز 62.6 كلغ أوقف بموجبها 73 شخصا، وتم تحرير 17 قضية.
وعاد بريكة في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى آخر عملية أحبطتها مصالح الجمارك وتعود إلى تاريخ 18 فبراير/ شباط الماضي، قائلا "تمكنت فرقة فحص المسافرين بالمحطة البحرية بمستغانم (غرب الجزائر)، خلال الرحلة البحرية فالنسيا - مستغانم، من حجز كمية معتبرة من المعدن الأصفر قدر وزنها بـ29 كلغ، كانت مخبأة بإحكام في تجاويف سيارة أجنبية، خاصة في السطح والواقي الأمامي للسيارة".
وتنص المادة 378 من قانون الضرائب غير المباشرة على أنه "يجب أن لا يتجاوز وزن الذهب والبلاتين والفضة والمجوهرات الموجهة للاستعمال الشخصي في كل رحلة 1 هيكتوغرام (100 غرام)، في حين أن عملية الاستيراد تتم عبر رخص تمنح للشخص الذي يحمل سجلا تجاريا.
وأوضح بريكة لـ"العربي الجديد"، أن من يقفون وراء تهريب الذهب يكونون في الغالب أصحاب محلات لبيع المجوهرات تهربا من دفع الرسوم الجمركية أو لبيعها في السوق السوداء وفيها مغشوش وغير مغشوش، وأعطى مثالا بالمجوهراتي الجزائري الذي ألقت الشرطة التركية القبض عليه أخيرا وأثارت قصته لغطا، إذ حاول تهريب 144.200 يورو إلى تركيا من أجل شراء كمية من الذهب، بحسب ما كشفت عنه الصحافة التركية.
وذكرت صحيفة "حريت ديلي نيوز" التركية أن تاجرا جزائريا يبلغ من العمر 67 عاما، أخفى 290 ورقة نقدية بقيمة إجمالية 144.200 يورو داخل أحد أعضاء جسمه، غير أنه لم يتمكن من إخراج القيمة المالية داخل الفندق في حي الفاتح بالعاصمة التركية، ليتم نقله إلى مستشفى خاص، فقام الأطباء بإبلاغ الشرطة عنه، وخلال استجوابه أفاد بأنه كان يريد شراء كمية كبيرة من الذهب، ما جعله يلجأ إلى هذه الطريقة لتهريب الأموال.
أسباب انتشار الذهب المغشوش
يربط فرحات بخاري، رئيس غرفة الحرف والمهن بولاية وهران (غربي الجزائر)، سبب انتشار الذهب المغشوش بتراجع عدد الحرفيين المحليين الذين يقومون بصناعة الذهب في الجزائر، ونقص المادة الأولية في بعض الحالات وعدم عمل السلطات على احتواء تجار السوق الموازية لإدخالهم إلى النشاط النظامي، إضافة إلى غياب تكتل ينظم الناشطين في صناعة الحلي من الذهب الذي لا يشكل موردا لاقتصاد البلاد فقط إنما موروثا ثقافيا للجزائريين يجب المحافظة عليه وحمايته من الاندثار والتشويه، وفق ما أوضحه لـ"العربي الجديد".
أما الصائغ والبائع محمد دزيري، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن السبب الأول لانتشار ظاهرة ترويج الذهب المغشوش في الجزائر يعود بالأساس إلى ارتفاع سعره في السنوات الأخيرة بشكل لافت مقابل تراجع القدرة الشرائية للمواطن بدرجة كبيرة، ما جعل المواطنين يبحثون عن الذهب الأقل سعرا حتى ولو كان في سوق مليئة بالمخاطر.
لكن الخبير الاقتصادي محمد حمدوش، يعتبر أن سعر الذهب في الجزائر معقول، موضحا في حديثه مع "العربي الجديد"، أن من أسباب انتشار الذهب المغشوش نقص المراقبة من طرف أعوان ضبط الأسعار ومكافحة الغش.
غير أن الثلاثيني ناصر رمضان، العامل بفرقة مراقبة الأسعار ومكافحة الغش التابعة لمديرية التجارة بولاية الجزائر، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن المصلحة التي يتبع لها تقوم بمهمتها وفق الإمكانات المتاحة لها، وتقوم "بخرجات" ميدانية في حال وصول شكاوى بشأن هذا الموضوع، إلا أنه يؤكد أن محاربة تسويق الذهب المغشوش تتطلب تضافر الجهود بين مصالح الضرائب والجمارك والتجارة وحتى المواطن، مع توفير الوسائل الكفيلة بتحقيق مراقبة جيدة.
تغيير النظرة الحكومية
يتوقع وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي ارتفاع الإنتاج المحلي من الذهب في العام الجاري إلى 286 كيلوغراما بعدما كان لا يزيد عن 137 كيلوغراما في عام 2016، وخلال العام الجاري حافظت الجزائر على مرتبتها الثالثة بين الدول العربية من حيث احتياطي الذهب، بعد كل من المملكة العربية السعودية ولبنان، وفق تقرير مجلس الذهب العالمي، الصادر في فبراير/ شباط الماضي، والذي حدد إجمالي احتياطات الذهب في الجزائر بـ173.6 طنا، بينما احتلت السعودية المرتبة الأولى عربيا بحجم 322.9 طنا، وحل لبنان ثانيا بكمية 286.8 طنا.
ويؤكد الخبير الاقتصادي محمد حمدوش أن القضاء على ترويج الذهب المغشوش مرتبط بتغيير السياسة الحكومية ونظرتها لملف الذهب من خلال تشجيع المواطنين على ادخار الذهب مثل ما يتم في الصين، ما يحدث رواجا يدعم اقتناء الذهب من الأسواق ويشجع الإنتاج محليا من قبل الحرفيين، وهذه العملية ستسمح للبنك المركزي باستغلال المدخرات من الذهب لرفع احتياطي الجزائر من الذهب، ما يمكن البلاد من مواجهة الأزمات المالية المقبلة في حال حدوث أزمة في العملات العالمية المعتمدة.
وإلى أن تغير الحكومة من تعاملها مع ملف الذهب وفق ما يدعو إليه محمد حمدوش، يؤكد بائع الذهب المستعمل في السوق الموازية بالجزائر الوسطى، حسام هاشمي، أن زبائنه لا زالوا يقتنون المعدن الأصفر منه ولا يبالون بمن يقولون إنه يتم ترويج ذهب مغشوش في هذه السوق، قائلا "عملنا مزدهر بسبب ارتفاع أسعار الذهب المباع في المحلات".
ويستذكر كمال قدوم زبون أخيرا يعرض عليه شراء عقد من الذهب مدعيا أنه من صنع فرنسي ومن عيار 18 قيراطا، إلا أنه فوجئ بعد فحصه بأنه من عيار 9 قراريط، وهو نوع غير مصرح ببيعه في الجزائر التي لا تسمح إلا بإنتاج أو بيع الذهب ذي 18 قيراطا.
يقول كمال لـ"العربي الجديد": "الزبون قال إنه لم يكن يعلم أن العقد بيده 9 قراريط، ربما قد يكون صادقا في كلامه، لكن لا يمكن الوثوق في أي أحد، لأن هذه الحالات تحدث معنا أسبوعيا حتى لا نقول يوميا".
كيف يتم غش الذهب؟
عبر جولة ميدانية رصد معد التحقيق، غير بعيد عن محل كمال، اصطفاف العشرات من تجار الذهب المستعمل الذين يحاولون أن يغروا المارة بأثمان سلعهم "المعقولة" التي تقدر بـ5 آلاف دينار للغرام الواحد (42 دولارا)، مقابل 6 آلاف دينار (50 دولارا) للغرام في المحال المعتمدة، لكن هذه الأسواق هي الفضاء الذي يستغله مروجو الذهب المغشوش لاصطياد فرائسهم، مثلما تقول لـ"العربي الجديد"، تيزيري قبايلي، والتي كانت إحدى ضحاياهم عندما اقتنت تشكيلة من المجوهرات قبل زواجها في 2016، بعدما ظنت أن ما اشترته بثمن بخس ذهب حقيقي، لكن سرعان ما اصطدمت بالحقيقة عقب عرض هذه المجوهرات على صائغ كشف لها أن بعض مقتنياتها ليست من عيار 18 قيراطا والبعض الآخر يحتوي على قطع من النحاس، وهي حادثة تتكرر مع العديد من الزبائن، مثلما يؤكد لـ"العربي الجديد"، رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، والذي أضاف أن "أغلب زبائن تجار السوق السوداء هم من المقبلين على الزواج بسبب أسعار الذهب المعقولة في تلك السوق نوعا ما مقارنة بالأسعار المعتمدة في المحلات، وذلك رغم مخاطرها، في ظل عدم حصول المشتري على فاتورة تضمن حقه، عكس المحال المعتمدة"، لكن العشريني عادل أحمد، الذي يبيع الذهب في السوق الموازية بحي واد كنيس بالعناصر، وسط العاصمة الجزائر، ينفي في حديثه مع "العربي الجديد"، أن يكون تجار السوق الموازية هم الذين يقفون وراء ترويج الذهب المغشوش، لأنهم "في الواقع هم ضحايا مروجي هذه السلع غير المطابقة لما هو مسموح بيعه في الجزائر".
وأشار عادل إلى أنه خسر 1200 دينار في قرط اشتراه من سيدة عجوز وثق فيها لكبر سنها، إذ أكدت له أن المصوغ عيار 18 قيراطا، لكن عند فحصه لدى محل لبيع المجوهرات، تبين أنه أقل قيمة، وهي خسارة لم تحدث معه مرة واحدة بل تكررت، كما تكبدها العديد من أقرانه النشطين في السوق الموازية.
التهريب المصدر الأول
يؤكد بائعو الذهب الذين تحدثت معهم "العربي الجديد"، أنه يتم جلب المواد الأولية المستعملة في صناعة حلي الذهب المغشوش من الباحثين عن الذهب في جنوب البلاد، ففي شهر يناير/ كانون الثاني الماضي حجزت قوات الجيش 26 جهاز كشف عن المعادن، وفق ما تشير إليه إحصائية لوزارة الدفاع بحوزة "العربي الجديد"، وتجري عملية تزوير الذهب عبر الغش في وزنه ومكوناته، كما يقول زبدي، موضحا أنه يجري خلط الذهب بالنحاس، وفقا لما رصدته جمعية حماية المستهلك.
ويشير زبدي إلى أن هذه البضائع تدخل الجزائر في الغالب من التهريب عبر أفراد عاديين ليتم بيعها في الجزائر في السوق السوداء أو عرضها على الحرفيين صانعي الحلي الذين يستعملون هذا الحلي كمادة خام.
ويقول المكلف بالإعلام في الجمارك الجزائرية جمال بريكة، لـ"العربي الجديد"، إن مصالحه حجزت في مرات عديدة كميات من الذهب القادم من مختلف الدول تهربا من الرسوم الجمركية أو لأنه لا يوافق المواصفات المطلوبة لتسويقه في الجزائر.
وأشار جمال بريكة إلى أن مصالح الجمارك حجزت 3 كلغ من الذهب في 2017 تم بموجبها توقيف 15 شخصا، وتم تحرير 16 قضية، أما في 2016 فالعدد كان أكبر بحجز 62.6 كلغ أوقف بموجبها 73 شخصا، وتم تحرير 17 قضية.
وعاد بريكة في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى آخر عملية أحبطتها مصالح الجمارك وتعود إلى تاريخ 18 فبراير/ شباط الماضي، قائلا "تمكنت فرقة فحص المسافرين بالمحطة البحرية بمستغانم (غرب الجزائر)، خلال الرحلة البحرية فالنسيا - مستغانم، من حجز كمية معتبرة من المعدن الأصفر قدر وزنها بـ29 كلغ، كانت مخبأة بإحكام في تجاويف سيارة أجنبية، خاصة في السطح والواقي الأمامي للسيارة".
وتنص المادة 378 من قانون الضرائب غير المباشرة على أنه "يجب أن لا يتجاوز وزن الذهب والبلاتين والفضة والمجوهرات الموجهة للاستعمال الشخصي في كل رحلة 1 هيكتوغرام (100 غرام)، في حين أن عملية الاستيراد تتم عبر رخص تمنح للشخص الذي يحمل سجلا تجاريا.
وأوضح بريكة لـ"العربي الجديد"، أن من يقفون وراء تهريب الذهب يكونون في الغالب أصحاب محلات لبيع المجوهرات تهربا من دفع الرسوم الجمركية أو لبيعها في السوق السوداء وفيها مغشوش وغير مغشوش، وأعطى مثالا بالمجوهراتي الجزائري الذي ألقت الشرطة التركية القبض عليه أخيرا وأثارت قصته لغطا، إذ حاول تهريب 144.200 يورو إلى تركيا من أجل شراء كمية من الذهب، بحسب ما كشفت عنه الصحافة التركية.
وذكرت صحيفة "حريت ديلي نيوز" التركية أن تاجرا جزائريا يبلغ من العمر 67 عاما، أخفى 290 ورقة نقدية بقيمة إجمالية 144.200 يورو داخل أحد أعضاء جسمه، غير أنه لم يتمكن من إخراج القيمة المالية داخل الفندق في حي الفاتح بالعاصمة التركية، ليتم نقله إلى مستشفى خاص، فقام الأطباء بإبلاغ الشرطة عنه، وخلال استجوابه أفاد بأنه كان يريد شراء كمية كبيرة من الذهب، ما جعله يلجأ إلى هذه الطريقة لتهريب الأموال.
أسباب انتشار الذهب المغشوش
يربط فرحات بخاري، رئيس غرفة الحرف والمهن بولاية وهران (غربي الجزائر)، سبب انتشار الذهب المغشوش بتراجع عدد الحرفيين المحليين الذين يقومون بصناعة الذهب في الجزائر، ونقص المادة الأولية في بعض الحالات وعدم عمل السلطات على احتواء تجار السوق الموازية لإدخالهم إلى النشاط النظامي، إضافة إلى غياب تكتل ينظم الناشطين في صناعة الحلي من الذهب الذي لا يشكل موردا لاقتصاد البلاد فقط إنما موروثا ثقافيا للجزائريين يجب المحافظة عليه وحمايته من الاندثار والتشويه، وفق ما أوضحه لـ"العربي الجديد".
لكن الخبير الاقتصادي محمد حمدوش، يعتبر أن سعر الذهب في الجزائر معقول، موضحا في حديثه مع "العربي الجديد"، أن من أسباب انتشار الذهب المغشوش نقص المراقبة من طرف أعوان ضبط الأسعار ومكافحة الغش.
غير أن الثلاثيني ناصر رمضان، العامل بفرقة مراقبة الأسعار ومكافحة الغش التابعة لمديرية التجارة بولاية الجزائر، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن المصلحة التي يتبع لها تقوم بمهمتها وفق الإمكانات المتاحة لها، وتقوم "بخرجات" ميدانية في حال وصول شكاوى بشأن هذا الموضوع، إلا أنه يؤكد أن محاربة تسويق الذهب المغشوش تتطلب تضافر الجهود بين مصالح الضرائب والجمارك والتجارة وحتى المواطن، مع توفير الوسائل الكفيلة بتحقيق مراقبة جيدة.
تغيير النظرة الحكومية
يتوقع وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي ارتفاع الإنتاج المحلي من الذهب في العام الجاري إلى 286 كيلوغراما بعدما كان لا يزيد عن 137 كيلوغراما في عام 2016، وخلال العام الجاري حافظت الجزائر على مرتبتها الثالثة بين الدول العربية من حيث احتياطي الذهب، بعد كل من المملكة العربية السعودية ولبنان، وفق تقرير مجلس الذهب العالمي، الصادر في فبراير/ شباط الماضي، والذي حدد إجمالي احتياطات الذهب في الجزائر بـ173.6 طنا، بينما احتلت السعودية المرتبة الأولى عربيا بحجم 322.9 طنا، وحل لبنان ثانيا بكمية 286.8 طنا.
ويؤكد الخبير الاقتصادي محمد حمدوش أن القضاء على ترويج الذهب المغشوش مرتبط بتغيير السياسة الحكومية ونظرتها لملف الذهب من خلال تشجيع المواطنين على ادخار الذهب مثل ما يتم في الصين، ما يحدث رواجا يدعم اقتناء الذهب من الأسواق ويشجع الإنتاج محليا من قبل الحرفيين، وهذه العملية ستسمح للبنك المركزي باستغلال المدخرات من الذهب لرفع احتياطي الجزائر من الذهب، ما يمكن البلاد من مواجهة الأزمات المالية المقبلة في حال حدوث أزمة في العملات العالمية المعتمدة.
وإلى أن تغير الحكومة من تعاملها مع ملف الذهب وفق ما يدعو إليه محمد حمدوش، يؤكد بائع الذهب المستعمل في السوق الموازية بالجزائر الوسطى، حسام هاشمي، أن زبائنه لا زالوا يقتنون المعدن الأصفر منه ولا يبالون بمن يقولون إنه يتم ترويج ذهب مغشوش في هذه السوق، قائلا "عملنا مزدهر بسبب ارتفاع أسعار الذهب المباع في المحلات".