منذ سنوات يقتني الخمسيني المغربي عبد الله الحطاري، بخاخ الربو من الصيدلية القريبة من بيته في دوار قاميجة بمدينة المحمدية غربي المغرب، لتخفيف آلام المرض التنفسي الذي يعاني منه جسدياً وحتى مادياً بسبب نفقات الأدوية المتزايدة كما يقول، محملا المصانع الكيميائية في محيط المحمدية المعروفة بمدينة الورد أو عاصمة الزهور مسؤولية مرضه وجيرانه بأمراض تنفسية مزمنة بسبب تلويثها هواء مدينتهم منذ سنوات مديدة، قائلا "تكفي نظرة واحدة على منازل المدينة لتجد كثيرا من أدوية وبخاخات الربو وباقي علاجات الأمراض التنفس والحساسية".
الزهور الذابلة
باتت مدينة المحمدية مدينة لـ"الزهور الذابلة" في ظل انتشار الأمراض التنفسية والصدرية بين للسكان، كما تصفها الناشطة البيئية والجمعوية سلمى بنشعيبة لـ"العربي الجديد"، موضحة أن المدينة تعد قطبا صناعيا محاذيا للعاصمة الاقتصادية للمملكة الدار البيضاء، غير أن المشاكل الصحية والبيئية المنتشرة بين السكان ترجع إلى عدة سنوات مضت بدءا من محطة تكرير البترول "سامير" التي ضخت الغازات السامة في هواء المدينة، وإن كان ضررها قد توقف منذ شهر أغسطس/آب من عام 2015 لأسباب مالية واقتصادية.
والمنبع الثاني من التلوث، بحسب المتحدثة، هو معمل الصناعات البتروكيماوية "سنيب" الذي يقذف غازات ثاني أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت في الهواء، والثالث هو المحطة الحرارية لتوليد الكهرباء التابعة للمكتب الوطني للكهرباء، التي ترمي مخلفاتها الملوثة في بحر أولاد حميمون أحد الشواطئ القريبة من المحمدية.
وأضافت الناشطة بأن قدر مدينة المحمدية أن تكون محاطة بمعامل ومصانع كيماوية تخنق أنفاس السكان وتودي بصحتهم إلى التهلكة، خاصة الأمراض التنفسية مثل الربو وحساسية الجهاز التنفسي.
اقــرأ أيضاً
مخلفات بيئية
تؤثر مخلفات هذه المعامل على البيئة بشكل واضح للعيان، إذ يمكن مشاهدة غازات سوداء كثيفة تتعالى في السماء بسبب هذه المعامل، كما يقول أيمن فوضيلي باحث الدكتوراه حول البيئة في المحمدية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ويكمل المتحدث بأن الغازات المنبعثة من معامل الصناعات الحرارية والبتروكيماوية تلوث هواء مدينة المحمدية بشكل ظاهر للعيان، مشيرا إلى وجود أزيد من 70 مليغراما من ثاني أكسيد الكبريت (ينطلق في الغلاف الجوي من معامل تكرير النفط والمصانع ومحطات توليد الكهرباء التي تستهلك الفحم أو النفط) في المتر المكعب من الهواء بالمحمدية ما ينتج عنه أمراض تنفسية مزمنة ومؤلمة.
وتكشف دراسة قامت بها الوزارة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة في عام 2016، بتعاون مع وزارة الصحة، حول تأثير التلوث الهوائي على الصحة بالمحمدية، إلى وجود 70.5 مليغراماً من غاز ثاني أكسيد الكبريت في المتر المكعب من الهواء بما يعني نسبة تلوث مرتفعة، إذ إن متوسط القيمة المسموح بها في أربع وعشرين ساعة 20 مكروغراماً/م3 وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وبالتالي تزداد مؤشرات حدوث نوبات الربو بنسبة 41.3 في المائة، ومؤشرات حدوث السعال الجاف الليلية بـ 53.9 في المائة.
بينما تصب المحطة الحرارية الموجودة في المنطقة الصناعية بمحاذاة المحمدية مخلفاتها في بحر أولاد حميمون، ولا سيما مادة الفيول الثرية بمادة الكبريت، الشيء الذي يؤثر على سلامة بلح البحر الذي يشكل قوت ساكنة دواوير لشهب والرحاحلة ووردة، ويعرضهم للتسمم وأمراض هضمية خطرة، كما أضاف فوضيلي.
اقــرأ أيضاً
أضرار صحية
صنفت منظمة الصحة العالمية جودة الهواء في المدن المغربية في مستوى "غير مطمئن" في آخر تحديث لقاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية عن تلوث الهواء في مايو/أيار الماضي وجاءت مدينة الدار البيضاء في المركز الثاني بنسبة 43 ميكروغراما للجسيمات الملوثة المكونة من الكبريتات والنترات والأمونيا وكلوريد الصوديوم والكربون والغبار المعدني والماء في المتر المكعب من بين 10 مدن مغربية شملها التحديث، بينما يبلغ متوسط القيمة المسموح بها في أربع وعشرين ساعة 25 مكروغراماً/ م3، الأمر الذي يلمسه سكان المحمدية التي لا تبعد سوى 15 كيلومترا عن الدار البيضاء، كما يقول الأربعيني سمير، المستخدم السابق في معمل تكرير البترول، والذي طلب عدم ذكر اسمه كاملا حتى يتحدث بصراحة تامة على حد قوله، بعد أن غادر العمل قبل سبع سنوات مخلفا مسيرة 15 عاما من العمل، بسبب تدهور صحته بشكل بالغ، إذ عانى من الربو، وباتت صحته رهينة ببخاخ الربو، بسبب استنشاقه اليومي للمواد النفطية والكيمائية، بالرغم من الاحتياطات المهنية التي كان يعمد إليها تفاديا لمضاعفات صحية.
وتعود الناشطة بنشعيبة لتبين أن عددا من الأطفال في الدواوير والأحياء التي توجد في جوار هذه المصانع أصبحوا مرضى بالربو ويلازمون أدوية "فنتولين" التي تساعد على فتح الشعب التنفسية بالصدر، مردفة أن جولة في صيدليات المدينة تؤكد هذا المعطى، فضلا عن إصابة بعضهم بالسرطان.
الإصابة بالسرطان تؤكدها السيدة خدوج السطاتية إحدى قاطنات دوار الرحاحلة بمنطقة ولاد حميمون ضواحي المحمدية، التي تقول إن زوجها المتوفى أصيب بسرطان الرئة، زيادة على تكاليف حمله كل مرة إلى مركز علاج هذا الداء الخبيث بمدينة الدار البيضاء، ما عجل بوفاته قبل أربع سنوات.
تلتقط الناشطة خيط الحديث من سابقتها لتؤكد أن المحمدية لا تتوفر على مستشفى جامعي متكامل الاختصاصات مثل مستشفى ابن سينا بالرباط، ولا وجود لمركز خاص بعلاج سرطانات الرئة وغيرها، بالرغم من أن المدينة معرضة أكثر من غيرها لهذه الأمراض جراء تفاقم التلوث الهوائي فيها، ما يجعل ساكنتها تنتظر الموت البطيء " وفق تعبيرها.
ويقول طبيب الأمراض التنفسية بحي العالية في المحمدية حميد الكراط في هذا الصدد لـ"العربي الجديد" إن تلوث الهواء في المحمدية، والذي يظهر أحيانا من خلال غبار أسود يلف سماء المدينة، ويتم لمسه فوق السيارات وفي أسطح البيوت، لا شك في أنه يؤدي إلى أمراض تنفسية، تصل إلى حد الربو المزمن.
وأوضح الطبيب إلى أن عيادته تمتلئ بمرضى الجهاز التنفسي والربو بشكل غير عادي، وبأن زهاء 60 في المائة من مرضاه هم من فئة الأطفال والمراهقين إلى حدود 18 عاما الذين ولدوا ويقطنون بجانب الشريط الصناعي".
واسترسل بأن هذا التلوث مسؤول عن إصابات الربو خاصة عند الأطفال والصغار، بسبب ارتفاع نسبة الجسيمات السامة في الهواء.
اقــرأ أيضاً
الرحيل عن المدينة
معطى مثير تسبب فيه التلوث، كشفه منير السغاري، مروج عقاري في المحمدية لـ"العربي الجديد" إذ هاجر عدد من سكان المحمدية مدينتهم، مبرزا أنه بقدر ما تحولت المدينة إلى محج للعمال من باقي مناطق البلاد للاشتغال فيها بسبب تفشي البطالة، بقدر ما يتم ملاحظة نزوح للسكان الذين يعرفون بحقيقة التلوث نحو مدن مجاورة.
وسجل المتحدث حركة "الهجرة" من المحمدية إلى غيرها من المدن المجاورة مثل بوزنيقة أو الدار البيضاء أو حتى المنصورية، لمن لديهم مهن غير مرتبطة بضرورة الوجود في المدينة، فيما يبقى فيها من لديه ارتباطات مهنية أو تجارية أو عائلية لا محيد عنها إلى حين إشعار آخر".
واسترسل الخبير العقاري بأنه لاحظ هذه الحركية من النزوح من المحمدية ونواحيها إلى مدن أخرى من خلال تقلص الإقبال على شراء الشقق أو الأراضي داخل المدينة أو نواحيها بنسبة 40 في المائة، وهو نفس الحال بشأن إيجار المنازل، فيما لاحظ ارتفاعا لنسبة عروض بيع المنازل من طرف أصحابها رغبة في الرحيل إلى وجهات أخرى.
ملاحظات هذا المقاول العقاري تؤكدها إحصائيات رسمية لعدد سكان المغرب قامت بها المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة حكومية تعنى بالتخطيط والإحصاء، إذ جاء في إحصاء 2004 أن عدد سكان المحمدية يصل إلى 249.805 نسمة، ليتقلص العدد في إحصاء 2014 الأخير إلى 208.612 نسمة، ما يعني تقلصا لساكنة المدينة بـ41.193 نسمة خلال عشر سنوات.
رد على الاتهامات
ترد إدارة المحطة الحرارية بالمحمدية على شكاوى السكان والجمعيات بالتلوث من خلال جواب على أسئلة "العربي الجديد" أكدت فيه أنها منخرطة بشكل أساسي في صون البيئة كحق من الحقوق الدستورية، وبأنها تعمل على طمر النفايات الناتجة عن احتراق الفحم بالمحطة، فضلا عن تجفيف آلاف الأطنان من رماد الفحم كل سنة.
من جانبه، أفاد محمد ركاب المدير سابق لشركة "سنيب" بأن هذه المنشأة الصناعية باتت صديقة للبيئة ولا تعاديها، باعتبار أنها تشتغل وفق معايير الحفاظ على البيئة المحيطة، بدليل حيازتها على جوائز دولية في هذا المضمار، موردا أن الشركة تعتمد منذ سنوات على تكنولوجيا إيكولوجية نظيفة، من قبيل الاشتغال بالهيدروجين غير الملوث للبيئة، وإنهاء العمل بالزئبق في المحطة، مع معالجة ما يتم قذفه من سوائل في بحر حميمون.
وسبق لكاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة التي تقودها نزهة الوفي، أن حاولت احتواء شكاوى واتهامات السكان والنشطاء بتلوث هواء المحمدية، وانتشار غبار أسود في الأجواء، عبر إنشاء لجنة في مايو/أيار من العام الماضي لتقصي الحقائق في الغبار الأسود والبقع السوداء المنتشرة في شواطئ المدينة، ومعاينة مدى احترام المحطة الحرارية لمعايير البيئة المطلوبة، غير أنه إلى حدود اليوم لم تظهر بعد نتائج التحقيق، وفق نشطاء البيئة في المحمدية.
الزهور الذابلة
باتت مدينة المحمدية مدينة لـ"الزهور الذابلة" في ظل انتشار الأمراض التنفسية والصدرية بين للسكان، كما تصفها الناشطة البيئية والجمعوية سلمى بنشعيبة لـ"العربي الجديد"، موضحة أن المدينة تعد قطبا صناعيا محاذيا للعاصمة الاقتصادية للمملكة الدار البيضاء، غير أن المشاكل الصحية والبيئية المنتشرة بين السكان ترجع إلى عدة سنوات مضت بدءا من محطة تكرير البترول "سامير" التي ضخت الغازات السامة في هواء المدينة، وإن كان ضررها قد توقف منذ شهر أغسطس/آب من عام 2015 لأسباب مالية واقتصادية.
والمنبع الثاني من التلوث، بحسب المتحدثة، هو معمل الصناعات البتروكيماوية "سنيب" الذي يقذف غازات ثاني أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت في الهواء، والثالث هو المحطة الحرارية لتوليد الكهرباء التابعة للمكتب الوطني للكهرباء، التي ترمي مخلفاتها الملوثة في بحر أولاد حميمون أحد الشواطئ القريبة من المحمدية.
وأضافت الناشطة بأن قدر مدينة المحمدية أن تكون محاطة بمعامل ومصانع كيماوية تخنق أنفاس السكان وتودي بصحتهم إلى التهلكة، خاصة الأمراض التنفسية مثل الربو وحساسية الجهاز التنفسي.
مخلفات بيئية
تؤثر مخلفات هذه المعامل على البيئة بشكل واضح للعيان، إذ يمكن مشاهدة غازات سوداء كثيفة تتعالى في السماء بسبب هذه المعامل، كما يقول أيمن فوضيلي باحث الدكتوراه حول البيئة في المحمدية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ويكمل المتحدث بأن الغازات المنبعثة من معامل الصناعات الحرارية والبتروكيماوية تلوث هواء مدينة المحمدية بشكل ظاهر للعيان، مشيرا إلى وجود أزيد من 70 مليغراما من ثاني أكسيد الكبريت (ينطلق في الغلاف الجوي من معامل تكرير النفط والمصانع ومحطات توليد الكهرباء التي تستهلك الفحم أو النفط) في المتر المكعب من الهواء بالمحمدية ما ينتج عنه أمراض تنفسية مزمنة ومؤلمة.
وتكشف دراسة قامت بها الوزارة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة في عام 2016، بتعاون مع وزارة الصحة، حول تأثير التلوث الهوائي على الصحة بالمحمدية، إلى وجود 70.5 مليغراماً من غاز ثاني أكسيد الكبريت في المتر المكعب من الهواء بما يعني نسبة تلوث مرتفعة، إذ إن متوسط القيمة المسموح بها في أربع وعشرين ساعة 20 مكروغراماً/م3 وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وبالتالي تزداد مؤشرات حدوث نوبات الربو بنسبة 41.3 في المائة، ومؤشرات حدوث السعال الجاف الليلية بـ 53.9 في المائة.
بينما تصب المحطة الحرارية الموجودة في المنطقة الصناعية بمحاذاة المحمدية مخلفاتها في بحر أولاد حميمون، ولا سيما مادة الفيول الثرية بمادة الكبريت، الشيء الذي يؤثر على سلامة بلح البحر الذي يشكل قوت ساكنة دواوير لشهب والرحاحلة ووردة، ويعرضهم للتسمم وأمراض هضمية خطرة، كما أضاف فوضيلي.
أضرار صحية
صنفت منظمة الصحة العالمية جودة الهواء في المدن المغربية في مستوى "غير مطمئن" في آخر تحديث لقاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية عن تلوث الهواء في مايو/أيار الماضي وجاءت مدينة الدار البيضاء في المركز الثاني بنسبة 43 ميكروغراما للجسيمات الملوثة المكونة من الكبريتات والنترات والأمونيا وكلوريد الصوديوم والكربون والغبار المعدني والماء في المتر المكعب من بين 10 مدن مغربية شملها التحديث، بينما يبلغ متوسط القيمة المسموح بها في أربع وعشرين ساعة 25 مكروغراماً/ م3، الأمر الذي يلمسه سكان المحمدية التي لا تبعد سوى 15 كيلومترا عن الدار البيضاء، كما يقول الأربعيني سمير، المستخدم السابق في معمل تكرير البترول، والذي طلب عدم ذكر اسمه كاملا حتى يتحدث بصراحة تامة على حد قوله، بعد أن غادر العمل قبل سبع سنوات مخلفا مسيرة 15 عاما من العمل، بسبب تدهور صحته بشكل بالغ، إذ عانى من الربو، وباتت صحته رهينة ببخاخ الربو، بسبب استنشاقه اليومي للمواد النفطية والكيمائية، بالرغم من الاحتياطات المهنية التي كان يعمد إليها تفاديا لمضاعفات صحية.
وتعود الناشطة بنشعيبة لتبين أن عددا من الأطفال في الدواوير والأحياء التي توجد في جوار هذه المصانع أصبحوا مرضى بالربو ويلازمون أدوية "فنتولين" التي تساعد على فتح الشعب التنفسية بالصدر، مردفة أن جولة في صيدليات المدينة تؤكد هذا المعطى، فضلا عن إصابة بعضهم بالسرطان.
الإصابة بالسرطان تؤكدها السيدة خدوج السطاتية إحدى قاطنات دوار الرحاحلة بمنطقة ولاد حميمون ضواحي المحمدية، التي تقول إن زوجها المتوفى أصيب بسرطان الرئة، زيادة على تكاليف حمله كل مرة إلى مركز علاج هذا الداء الخبيث بمدينة الدار البيضاء، ما عجل بوفاته قبل أربع سنوات.
تلتقط الناشطة خيط الحديث من سابقتها لتؤكد أن المحمدية لا تتوفر على مستشفى جامعي متكامل الاختصاصات مثل مستشفى ابن سينا بالرباط، ولا وجود لمركز خاص بعلاج سرطانات الرئة وغيرها، بالرغم من أن المدينة معرضة أكثر من غيرها لهذه الأمراض جراء تفاقم التلوث الهوائي فيها، ما يجعل ساكنتها تنتظر الموت البطيء " وفق تعبيرها.
ويقول طبيب الأمراض التنفسية بحي العالية في المحمدية حميد الكراط في هذا الصدد لـ"العربي الجديد" إن تلوث الهواء في المحمدية، والذي يظهر أحيانا من خلال غبار أسود يلف سماء المدينة، ويتم لمسه فوق السيارات وفي أسطح البيوت، لا شك في أنه يؤدي إلى أمراض تنفسية، تصل إلى حد الربو المزمن.
وأوضح الطبيب إلى أن عيادته تمتلئ بمرضى الجهاز التنفسي والربو بشكل غير عادي، وبأن زهاء 60 في المائة من مرضاه هم من فئة الأطفال والمراهقين إلى حدود 18 عاما الذين ولدوا ويقطنون بجانب الشريط الصناعي".
واسترسل بأن هذا التلوث مسؤول عن إصابات الربو خاصة عند الأطفال والصغار، بسبب ارتفاع نسبة الجسيمات السامة في الهواء.
الرحيل عن المدينة
معطى مثير تسبب فيه التلوث، كشفه منير السغاري، مروج عقاري في المحمدية لـ"العربي الجديد" إذ هاجر عدد من سكان المحمدية مدينتهم، مبرزا أنه بقدر ما تحولت المدينة إلى محج للعمال من باقي مناطق البلاد للاشتغال فيها بسبب تفشي البطالة، بقدر ما يتم ملاحظة نزوح للسكان الذين يعرفون بحقيقة التلوث نحو مدن مجاورة.
وسجل المتحدث حركة "الهجرة" من المحمدية إلى غيرها من المدن المجاورة مثل بوزنيقة أو الدار البيضاء أو حتى المنصورية، لمن لديهم مهن غير مرتبطة بضرورة الوجود في المدينة، فيما يبقى فيها من لديه ارتباطات مهنية أو تجارية أو عائلية لا محيد عنها إلى حين إشعار آخر".
واسترسل الخبير العقاري بأنه لاحظ هذه الحركية من النزوح من المحمدية ونواحيها إلى مدن أخرى من خلال تقلص الإقبال على شراء الشقق أو الأراضي داخل المدينة أو نواحيها بنسبة 40 في المائة، وهو نفس الحال بشأن إيجار المنازل، فيما لاحظ ارتفاعا لنسبة عروض بيع المنازل من طرف أصحابها رغبة في الرحيل إلى وجهات أخرى.
ملاحظات هذا المقاول العقاري تؤكدها إحصائيات رسمية لعدد سكان المغرب قامت بها المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة حكومية تعنى بالتخطيط والإحصاء، إذ جاء في إحصاء 2004 أن عدد سكان المحمدية يصل إلى 249.805 نسمة، ليتقلص العدد في إحصاء 2014 الأخير إلى 208.612 نسمة، ما يعني تقلصا لساكنة المدينة بـ41.193 نسمة خلال عشر سنوات.
رد على الاتهامات
ترد إدارة المحطة الحرارية بالمحمدية على شكاوى السكان والجمعيات بالتلوث من خلال جواب على أسئلة "العربي الجديد" أكدت فيه أنها منخرطة بشكل أساسي في صون البيئة كحق من الحقوق الدستورية، وبأنها تعمل على طمر النفايات الناتجة عن احتراق الفحم بالمحطة، فضلا عن تجفيف آلاف الأطنان من رماد الفحم كل سنة.
من جانبه، أفاد محمد ركاب المدير سابق لشركة "سنيب" بأن هذه المنشأة الصناعية باتت صديقة للبيئة ولا تعاديها، باعتبار أنها تشتغل وفق معايير الحفاظ على البيئة المحيطة، بدليل حيازتها على جوائز دولية في هذا المضمار، موردا أن الشركة تعتمد منذ سنوات على تكنولوجيا إيكولوجية نظيفة، من قبيل الاشتغال بالهيدروجين غير الملوث للبيئة، وإنهاء العمل بالزئبق في المحطة، مع معالجة ما يتم قذفه من سوائل في بحر حميمون.
وسبق لكاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة التي تقودها نزهة الوفي، أن حاولت احتواء شكاوى واتهامات السكان والنشطاء بتلوث هواء المحمدية، وانتشار غبار أسود في الأجواء، عبر إنشاء لجنة في مايو/أيار من العام الماضي لتقصي الحقائق في الغبار الأسود والبقع السوداء المنتشرة في شواطئ المدينة، ومعاينة مدى احترام المحطة الحرارية لمعايير البيئة المطلوبة، غير أنه إلى حدود اليوم لم تظهر بعد نتائج التحقيق، وفق نشطاء البيئة في المحمدية.