"الملك والجيش والدين" ثالوث من المحظورات التي تسببت في منع عشرات الكتب من دخول المغرب فترات طويلة. قائمة واسعة من الكتب لا تزال ممنوعة من دخول البلد بسبب انتقادها الملك أو الجيش أو حتى عدم توافقها مع المذهب المالكي الذي تتبناه المملكة العتيدة. مؤخرا أدركت السلطات المغربية أن منع الكتب والمجلات التي تمس مقدسات المملكة (الملك والجيش والوحدة الترابية والدين)، لم يعد مجديا في ظل الثورة الرقمية، إذ "أصبح من السهل جدا تحميل كل الكتب الممنوعة في دقائق". كما يقول الخبير القانوني المتخصص في قضايا النشر كريم أعزان لـ"العربي الجديد" إن "السلطات تقدم الهدايا للكتب التي تصادرها"، مضيفا "عندما يتم منع أي كتاب من دخول المغرب، يلجأ الجميع إلى الإنترنت بدافع الفضول، وينتهي الكاتب بأن يصبح مشهورا".
"العربي الجديد" توثق لائحة أخطر الكتب في المغرب في الجزء الثالث من ملف "التهمة كتاب".
كتب عن الملك
"أمير المؤمنين.. الملكية والنخبة السياسية المغربية" كتاب ألفه الباحث الأميركي جون واتربوري. طبعته العربية لم تر النور بالمغرب، ولم يسمح لها بالتداول في السوق لسنوات طويلة. يعتبره الباحثون في العلوم السياسية مرجعا مهما لفهم تاريخ الحياة السياسية المغربية، وآليات تحركها وطبيعة الفاعلين فيها.
يقول أستاذ العلوم السياسية محمد الغالي لـ"العربي الجديد" إن الفصل الذي "أزعج السلطات كثيرا خلال عهد الحسن الثاني؛ هو الذي يكشف فيه واتربوري طريقة تحكم الملك الراحل في النخبة السياسية".
ويضيف الغالي أن الكتاب يجرد ست أدوات يتحكم بواسطتها الملك في النخب وهي: "صلاحية الملك في توزيع المنافع السياسية والمادية للسلطة ما يسمح له بمراقبة فعلية للإدارة، والتحكم في وزارة الداخلية والأمن بكل مستوياته، مثل الدرك والقوات المساعدة والجيش، والديوان الذي يشكل حكومة الظل التي تراقب بدقة أنشطة الحكومة الرسمية. ومن أدوات التحكم كذلك العدالة، وأخيرا الدعاية والصحافة".
"صديقنا الملك" كتاب ألفه الفرنسي جيل بيرو عن الملك الراحل الحسن الثاني. يقول بيرو إنه "فتحة صغيرة إلى تابوت الظلام"، لأنه يرصد "حياة العاهل السرية، وكل ما شهده عهده من مؤامرات واعتقالات وتعذيب للسجناء وقسوة على المناضلين اليساريين وأسرار أخرى".
دخل هذا الكتاب إلى المغرب وانتشر بفضل المهاجرين المغاربة الذين أرسلوه مصورا بواسطة الفاكس، قبل أن يصبح متوفرا على الإنترنت.
"السجينة" كتاب عبارة عن قصة لعائلة الجنرال القوي محمد أوفقير، الذي قاد انقلابا ضد الحسن الثاني عام 1972. وبعد مقتله (أو انتحاره كما تقول السلطات) اعتقلت السلطات عائلته وقضت 20 عاما في السجن.
الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية لـ"مليكة أوفقير" (ابنة الجنرال الراحل) تحكي فيه ألاعيب القدر وتجيب عن سؤال كيف يتحول الاقتراب من أهل الجاه إلى محرقة، وكيف تنقلب حياة الترف والبذخ في لحظة إلى اليتم والفقد والعذابات في السجون، فيما يرصد الكتاب أفراد عائلة أوفقير الذين أفرج عنهم في 1991 بعد ضغط دولي، بينما تم رصد الظروف القاسية لسجن ذات العائلة في كتب أخرى، مثل: "طفولة في سجون الحسن الثاني" لسكينة أوفقير (ابنته) وكتاب "الضيوف" لرؤوف أوفقير (ابنه)، بالإضافة إلى "حدائق الملك" لفاطمة أوفقير زوجة الجنرال.
"محمد السادس سوء الفهم الكبير" كتاب ألفه الصحافي علي عمار يتحدث فيه عن 10 سنوات من حكم الملك محمد السادس، من خلال ما عاشه عمار مع أوساط القصر الملكي قبيل وفاة الملك الحسن الثاني.
الكتاب يحتوي على تقييمات شخصية تثير الجدل، خاصة وأنه يكشف أول مرة الكثير من التفاصيل الصغيرة وينقل أسرار بعض الجلسات الحميمية.
قال عنه الأمير هشام (ابن عم الملك) إنه "لم يأت بجديد، بل إنه يتمادى ويغالي باستعمال مفردات السباب والإساءة إلى الناس التي لا تفلح في التغطية على خواء المضمون".
لعلي عمار أيضا كتاب آخر ألفه بالتعاون مع الصحافي الفرنسي جون بيير تيكوا، بعنوان "باريس - مراكش" يتطرق لخبايا النخب المغربية الفرنسية.
"الملك المفترس" كتاب من تأليف الصحافيين الفرنسيين إيريك لورون -مؤلف كتاب "ذاكرة ملك" عن الحسن الثاني- وزميلته كاترين غارسييه -مؤلفة الكتاب الشهير "حاكمة قرطاج" (عن زوجة زين العابدين بن علي)-، ظل الكتاب ضمن قائمة أكثر الكتب مبيعا في فرنسا لمدة أسابيع. وعلى الرغم من عدم دخول نسخته الورقية للمغرب بشكل معلن، إلا أنه تسلل وسط أمتعة المسافرين، أو عبر خيوط شبكة الإنترنت، متحديا الرقابة التي منعت مُقتطفات منه بعد ذلك عندما دخل إلى المغرب.
يتحدث الكتاب عن "ثروة ملك المغرب محمد السادس، وعلاقات تحكمه في السياسة عبر الاحتكار في الاقتصاد".
"يوميات أمير منبوذ" كتاب أصدره مؤخرا الأمير مولاي هشام العلوي (ابن عم الملك محمد السادس). ويحكي هشام الملقب "بالأمير الأحمر" ويعيش حاليا في الولايات المتحدة ،عن بعض ذكريات الطفولة والشباب داخل العائلة المالكة، لكنه يوجه بالأساس انتقادات شديدة لطبيعة عمل النظام المغربي.
في لقاء مع الإذاعة الفرنسية "أوروبا 1" قال الأمير هشام: "كثيرا ما يسألني الناس ما يعنيه أن تكون أميرا منبوذا (...) الكتاب نفسه قد يكون محظورا. وفي المغرب يمكن لدركي أن يطلب منك نسخة، لأنه سيكون مهتما ويريد قراءة الكتاب، لكن لن تجرؤ أي مكتبة على طلب كميات منه خوفا من الخضوع للمراجعة الضريبية".
"محمد السادس وراء الأقنعة" أحدث كتاب نُشر عن حياة الملك محمد السادس. ألفه الصحافي المغربي عمر بروكسي بفرنسا، وينتقد "بشدة" الملك، ويتناول مواضيع شخصية جدا مثل "خجله أو حالته الصحية بالإضافة إلى انتقاد سياسي لطريقة حكمه".
ويعرض في كتابه حصيلة قاسية جدا للسنوات الخمس عشرة الأولى من حكم الملك الذي اعتلى العرش في 1999.
يقول أستاذ العلوم السياسية محمد الغالي إن "السلطات لم تعد تفرض الرقابة الشديدة على الكتب التي تتناول حياة الملك"، مشيرا إلى أن الحكومة حرصت بعد خروج كتاب "يوميات أمير منبوذ" على التأكيد أنها لن تمنع تسويقه في المغرب. وأضاف الغالي: "الحظر لم يعد يُجدي بل يدفع الناس لاقتناء الشيء الممنوع. لقد فهمت السلطات اللعبة".
كتب عن الجيش
"ضباط صاحب الجلالة" كتاب عن الجيش الذي يسمى في المغرب بـ"المؤسسة الصماء"، وظل على مدى عقود جهازا غامضا تلفه الكثير من الأسرار وهالة من التقديس، ولا يحق للمغاربة الاطلاع على ما يدور في صفوفه. لكن الضابط المحجوب الطوبجي كسر هذه القاعدة بكتاب صادم أماط اللثام عما أسماه الكاتب في اتصال مع "العربي الجديد "جوانب الفساد داخل أقبية الجيش، وما يدور بين الرؤوس الكبيرة من صراع حول الثروة".
ويؤكد الطوبجي، الذي أصدر بعد هروبه إلى فرنسا كتابه المثير للجدل "ضباط صاحب الجلالة"، أن الجنرالات الذين تحدث عنهم بالأسماء في كتابه -وهم ثلاثة- "يتحكمون في صفقات السلاح. إنهم من يتعاقد مع شركات بيع السلاح في أميركا وأوروبا ويأخذون عمولاتهم بملايين الدولارات".
"مذكرات جندي مغربي" هو من تأليف الضابط السابق في الجيش الملكي المغربي "عبد الله عيسو". الكتاب يقدم معطيات تورط الجيش في فضائح خطيرة، فحسب شهادة هذا الجندي، فإن "الجيش متورط في تجارة المخدرات".
غير أن الكاتب يظل في دائرة الجدل، فقد منحته إسبانيا صفة لاجئ سياسي منذ 2002. ويعتبره البعض في المغرب "جاسوسا لإسبانيا".
يقول ضابط سابق في الجيش المغربي اتصل به "العربي الجديد" وفضل عدم ذكر اسمه إن "الكتاب لم يشر ولو مرة واحدة إلى إيجابيات الجيش. الكتاب متحامل ومليء بكل ما هو سلبي".
ويقول الخبير القانوني المغربي كريم أعزان إن "عدد الكتب التي تقوم بمنعها الجهات المسؤولة يعتبر ضعيفا"، مؤكدا أن هذا المنع "صحي" في دولة يحكمها القانون".
ويضيف أن "الجيش مؤسسة تحفظ الأمن القومي للبلد، وأية بلبلة يكون مصدرها أناس تم طردهم من الجيش، لأنهم وقعوا تحت خطابات جوفاء ولا يفرقون بين الجيش والعمل السياسي".
من جهته، يقول القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم عبد العزيز أفتاتي في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إن مؤسسة الجيش "تقع تحت مجهر السلطة التشريعية وأتحدى من يأتي بوثائق فسائد ويمدني بها ولا أكشفها في البرلمان".
كتب عن الدين
في 1979 قاد آية الله الخميني الثورة التي أسقطت الشاه في إيران. ولم يتأخر النظام الجديد في التعبير عن تطلعه لتصدير الثورة واجتثاث عروش أخرى. وفي هذا السياق، كفر الملك الحسن الثاني الإمام الخميني في خطاب رسمي، ومنع حينذاك دخول كتب الشيعة إلى المغرب.
مرت سنوات وخف الحظر قليلا، لكن في 2009 قطع المغرب علاقاته بإيران مجددا، متهما إياها بمحاولة التغلغل في المغرب ونشر المذهب الشيعي في المملكة. قامت السلطات وقتها باقتحام المكتبات ومصادرة كتب الشيعة وإتلافها ومنع خولها إلى البلد.
يقول كريم أعزان إن "السلطات اعتمدت على قانون الصحافة والطباعة والنشر وترويج الكتب، إذ ينص الفصل 29 على أنه يمكن أن يمنع وزير الاتصال، بموجب مقرر معلل أن تدخل إلى المغرب الجرائد أو النشرات الدورية أو غير الدورية المطبوعة خارج المغرب التي تتضمن مسا بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو الوحدة الترابية، أو تتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك أو بالنظام العام".
وينص نفس الفصل على أنه "إذا وقع عن قصد عرض الجرائد أو النشرات الممنوعة للبيع أو توزيعها أو إعادة طبعها، عوقب عن ذلك بحبس لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات وبغرامة يتراوح قدرها بين 1.200 و 50.000 درهم" (ما بين 140 دولارا و5500 دولار).