"القصة بالنسبة لنا ليست مأكلا ولا سكنا وطعاما، بل هي أعمق بكثير من مجرد هجرة نحو الغرب. دوافعها كثيرة، لكنك مهما ابتعدت فأنت جزء من هم وطني عام". بهذه الكلمات يعبر فايز عن معنى أن تكون فلسطينيا مهاجرا أو لاجئا في كولومبيا بالقارة اللاتينية. ومثل فايز تجد كلام "أحلام" المهجرة من العراق نحو البرازيل.
في شتى أنحاء العالم ستجد في الشتات الفلسطيني تفاصيل نكبته وذكريات مخيمه. هؤلاء ليسوا فقط ممن عرف اللجوء حديثا، من مخيم ما إلى مدينة ما. إنك أمام جاليات قديمة كما الحال في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية وأستراليا وبعض دول أوروبا كبريطانيا. وأخرى حديثة معظمها من مخيمات اللجوء، عاشت لجوءا آخر بعد سلسلة من التضييق والملاحقات في شتات الطوق العربي.
الحالة الفريدة في تاريخ الشتات الفلسطيني، أنه شتات متكرر. طاقات كثيرة وكبيرة حملها هؤلاء الشباب الذين غادروا نحو شتات آخر، وارتفع عدد الفلسطينيين إلى مئات الآلاف موزعين على القارات، وخصوصا أوروبا والأميركتين.
يقول سيد خليل المقيم في سان أنطونيو بالولايات المتحدة منذ سنوات:" في أميركا نجاحات الفلسطينيين كثيرة وكبيرة، هؤلاء يعتبرون فلسطينيين أميركيين لم يتخلوا عن قضيتهم. أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية جدية جدا، فقد ذكرت مجلة فورتشن الأميركية في 2005 أن 25 مليارديرا هم من أصل فلسطيني. وعلى صعيد التحصيل العلمي نسبتهم كبيرة جدا. لكن ما ينقص الجالية الفلسطينية هو التأطير الفعال للتأثير في السياسات الأميركية مع بقية العرب الأميركيين. إذ لا تكفي الجهود الفردية، وأخيرا بدأت الأصوات ترتفع حقا لتشكيل شيء مؤسساتي يمثل الشتات بطريقة غير تقليدية، وخصوصا بين الشباب".
هذا عدا عن الجاليات الفلسطينية الكبيرة في أميركا اللاتينية، والتي لا تقل حجما ونفوذا عن غيرها.
إلى دول الاتحاد الأوروبي، وعلى مدار السنوات الماضية، حضر أكثر من 30 ألف فلسطيني وبين هؤلاء صحفيون وفنانون ومخرجون وأطباء ومهندسون وطلاب جامعيون أجبرتهم ظروفهم في مخيمات سوريا على الخروج نحو الدول المحيطة ثم إلى أوروبا. وهؤلاء يشكلون رديفا إلى جانب المجتمعات الفلسطينية القائمة، سواء في السويد أو ألمانيا وفرنسا.
وبالرغم من حالة التشتت التي عاشها هؤلاء في رحلتهم نحو بلدان اللجوء، إلا أنهم يبحثون أيضا عن حالة أخرى لتأطير طاقاتهم كشتات يعتبر مشكلة فلسطين الأساسية مشكلتهم كلاجئين يحق لهم العودة إلى وطنهم.
لا يختلف كثيرا المسرحي الفلسطيني في السويد منصور السلطي، القادم من مخيم اليرموك في 2012 عن سيد خليل في السؤال عن "الأطر التي يجب خلقها ليكون للشتات الفلسطيني دوره وتمثيله الحقيقيان. فبين هؤلاء طاقات كبيرة ومشتتة بات لزاما التوجه نحو حالة أخرى بين الشباب".