منذ السبعينات من القرن الماضي برز دور الجاليات العربية في الغرب ونشاطها المميّز في مجمل القضايا العربية، وفي القضية الفلسطينية تحديداً كقضية جامعة بين الجاليات العربية.
ليس مشهداً غير مألوف أن لا تفرّق النشاطات المتعلقة بقضية فلسطين بين مغربي وشامي، حتى في غمرة التركيز على "الإرهاب"، ففي القضية الفلسطينية بدا الجميع متحداً، تجمعه نصرة الحق في مواجهة لوبيات صهيونية متنفّذة كانت تجعل من صورة الفلسطيني والعربي مجرد "متوحّش ومتعطش للدماء".
ساهم العمال العرب المهاجرون في البدايات في إبراز الصورة الأخرى للقضية الفلسطينية التي غيّبتها اقتباسات غولدا مائير وهي تنكر وجود الشعب الفلسطيني كليّة. هؤلاء العمال والنقابيون كان لهم دور بارز في مساندة إخوتهم من الفلسطينيين، ولو بمقدار تغيير بسيط ومتراكم عن ذلك الظلم التاريخي الذي وقع على شعب فلسطين، وهو دور لا يمكن إنكار آثاره ومساهماته التي كانت تشهدها كبريات المدن الأوروبية والأميركية.
ومثلما كان لمهاجري دول المغرب العربي في فرنسا دورهم في فضح ممارسات الاحتلال، فإن منافي المثقفين العرب، من هؤلاء الذين لم يتخلوا عن عمقهم وثقافتهم الإنسانية، شهدت حراكاً وتفاعلاً مع مواطني بلدان المهجر، مستمدة من صمود وتضحيات الشعب الفلسطيني وثورته أدوات دحض الرواية الخرافية للحركة الصهيونية.
فالحرب على غزة في الصيف الماضي أظهرت أن مكانة القضية الفلسطينية ليس كما يشيع البعض بأنه قد تراجعت في المغتربات العربية، بل هي أكثر عمقاً وتجذراً. فمن لندن إلى باريس وبرلين وكوبنهاغن وستوكهولم وحتى الأميركيتين، كانت الفعاليات والنشاطات مؤشراً على دور تلك الجاليات، وايضاً على مركزية القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأساسية في ضمير الجاليات العربية، التي أصبحت اليوم أكثر فاعلية ووعياً.