الجاليات العربية في أوروبا: جزر معزولة في حدود مفتوحة
د. أحمد قاسم حسين
إيطاليا، فلورنسا
لا يخلو أي بلد اليوم في الاتحاد الأوروبي من المهاجرين العرب، الذين قصدوا أوروبا إما بحثًا عن فرصة عمل وتحسين ظروف حياتهم، أو بقصد الدراسة في جامعاتها. وكثير من هؤلاء استقر بهم المطاف في النهاية بالعمل في جامعات ومشافي وشركات أوروبية عديدة، وقد اجتاحت القارة العجوز، كما يحلو للعديد تسميتها، موجة كبيرة من الشباب العربي المهاجر، وكذلك العائلات الفتية الهاربة من ويلات الحرب والدمار الذي عصف بعدد من دول الوطن العربي بعد الثورات التي واجهت بطش وقمع لايحتمل دفع بهم بالبحث عن مكان أكثر أمنا واستقرار.
وينتظم هؤلاء المهاجرون في مؤسسات وجمعيات الفضاء المدني الذي يعيشون فيه، وغالبا ما يتم انتسابهم الى ما يعرف بـ"الجاليات العربية"، المسجلة وفق القوانين والقواعد المتبعة في دول الاتحاد الأوروبي، التي تعطي لكل خمس أفراد حق تشكيل جمعية مدنية، وحرية ممارسة أعمالها الموضحة في دستورها.
والواقع أن ازدياد أعداد المهاجرين العرب إلى الاتحاد الأوروبي الذي يشكل فضاء مفتوح الحدود تسهل الحركة، والعمل المدني فيه يتطلب العمل من قبل رؤساء الجاليات العربية على تنظيم مؤتمرًا عاما على مستوى الاتحاد الأوروبي، وتحقيق نوع من التنسيق والتواصل والتشبيك في العمل والوقوف على معاناة عدد كبير من المهاجرين، والخروج بتوصيات عامة تسهم في دفع عجلة التكامل والاندماج الحقيقي لأبناء الجاليات العربية، أو على أقل تقدير التنسيق فيما بينها وإصدار نشرة معلومات أو صفحة الكترونية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. ويكون هدفها، من بين أخريات، عرض أهم المواقع والجمعيات والمؤسسات العربية العاملة في أوروبا ونشاطاتها والخدمات التي تقدمها. لاسيما أن هناك عدد كبير من أبناء الوطن العربي من يسعى لإكمال دراساته العليا، على سبيل المثال، في احدى الجامعات الأوروبية، وعدد كبير من رجال الاعمال والتجار ممن هم بحاجة لدليل عمل اقتصادي أيضا، يساهم في تسهيل تجارتهم واعمالهم، فضلًا عن معاناة المهاجرين الذين ينتقلون بين دول الاتحاد الأوروبي ويتعرضون لعمليات النصب والاحتيال خلال رحلتهم للوصول الى دول الشمال الأوروبي.
إن الحاجة باتت ماسة لنوع من التنظيم الأكثر فعالية بين الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا وهي مسؤولية كل رؤساء الجمعيات والجاليات العربية، و إلا ستبقى جزرا مفصولة متباعدة.