وزير الفلاحة التونسي:بلادنا حققت الاكتفاء الذاتي الزراعي باستثناء الحبوب

11 ابريل 2016
وزير الفلاحة التونسي سعد الصديق (العربي الجديد)
+ الخط -
أكد وزير الفلاحة التونسي سعد الصديق أن تونس وصلت إلى الاكتفاء الذاتي في المنتج الزراعي باستثناء الحبوب، وأشار في مقابلة لـ " العربي الجديد" إلى أن القطاع الفلاحي التونسي يشغل  حالياً 17% من اليد العاملة ويمثل 10% من الاقتصاد، وهنا نص المقابلة:

*كم يبلغ عدد المشاريع الزراعية غير المنجزة في تونس في سنة 2015 وما هي المشاريع المقرر إنجازها في 2016؟
عدد المشاريع المقرر تنفيذها وقيد الإنجاز يقدر بالعشرات إن لم نقل بالمئات، موزعة على مختلف المناطق وتحت إشراف المندوبيات الجهوية للفلاحة، مع العلم أن فترة إنجاز المشاريع تختلف من حيث المدة المطلوبة، حيث نجد بعض المشاريع الذي يتطلب أشهراً للإنجاز ومشاريع تتطلب سنوات.
وقد وصلنا في 2015 إلى نسبة تعهد بين 100% و114% لنتجاوز ما هو مدرج في ميزانية 2015، ونسبة الدفع تجاوزت الـ 100% وفي بعض الجهات وصلنا إلى حدود 125%. وبالتالي إذا ما تجاوزت نسبة الدفع قيمة الاعتمادات المرصودة فهذا يشير إلى السرعة في نسق الإنجاز ويمكننا من تلافي تأخير إنجاز بعض مشاريع خلال السنوات الماضية خاصة منها الكبرى التي تعطلت منذ سنوات ليتم استئناف أشغالها واستكمال البعض منها.
ونذكر على سبيل المثال سدّ المالح بمحافظة بنزرت، تم استكماله وكذا سدّ التين وسدّ سراط المتوقع إنهاء أعماله في نهاية العام الحالي. إضافة إلى مشروع المحاور لمياه الشرب الذي انطلقت أشغاله منذ 2009 بكلفة 84 مليون دينار ومن المرجح أن ينتهي في صيف 2016. طبعا إضافة إلى سدّ قفصة الذي تعطلت أشغاله سنتين تقريباً وعادت من جديد.

*ما هي أسباب تعطل بعض المشاريع الكبرى؟
أسباب التعطيل في أغلبها عقارية، حيث نجد صعوبة في التفاوض مع المواطنين وسكان المناطق الفلاحية في إيجاد صيغة لاستغلال جزء من أراضيهم لفائدة المشاريع. وقد تعطل العديد من المشاريع بعدما وضع المواطنون شروطاً تعجيزية أمامنا منها زيادة سعر المتر المربع من الأراضي الفلاحية الجبلية وطلب تشغيل أفراد من العائلة في مؤسسات الدولة. وهذه الأمور اضطرتنا إلى توقيف المشاريع وأحياناً مراجعة مسار المشاريع خاصة فيما يتعلق بالقنوات المائية.
تطور إنجاز المشاريع التي كانت معطلة بنسبة 95% وهو ما دفعنا إلى تقرير مشاريع فلاحية جديدة مع ميزانية 2016 التي تطورت بقيمة 1996 مليون دينار، أي بزيادة مائة بالمائة مقارنة بميزانية 2015. وهذه الميزانية مرصودة لمجموعة من المشاريع الفلاحية الكبرى على غرار مشاريع السدود ومياه الشرب و18 مشروعاً مندمجاً في مختلف الجهات الداخلية للبلاد وهدفها تحقيق التنمية الفلاحية بجملة من العناصر المتكاملة على غرار إنشاء المناطق السقوية وتحسين مياه الشرب والمسالك الفلاحية وتربية الماشية.
في الوقت ذاته تقوم اللجان المختصة في الوزارة بتحضير دراسات المشاريع المزمع إنجازها والتي ستشمل محافظتي الكاف وسليانة ومن المقرر أن تكون دراسات هذه المشاريع حاضرة مع نهاية 2016 لإدراجها ضمن مخطط التنمية لإنجازها خلال السنوات المقبلة.


*كيف يكون التنسيق بين وزارتكم وباقي الوزارات لإنجاز هذه المشاريع؟
التنسيق يكون على مستويين، تنسيق فني يكون مع وزارة التجهيز والإسكان ووزارة البيئة لبحث تحقيق التوازن بين مشاريع كل وزارة حتى لا تأتي مشاريع على حساب أخرى أو تعطل مشاريعنا مثلاً مشاريع وزارة التجهيز والعكس بالعكس، وهناك تنسيق على مستوى البرمجة يكون مع وزارة التنمية والتعاون الدولي لإدراج هذه المشاريع والبحث على التمويل ثم مع وزارة المالية مع انطلاق الإنجاز لتكون الاعتمادات حاضرة ومتوفرة. وهناك تنسيق أيضاً مع وزارة الخارجية فيما يتعلق بالتمويل الخارجي لبعض المشاريع الكبرى على غرار السدود ومشاريع مياه الشرب.

*ما هي نسبة مساهمة الاستثمارات الفلاحية في الاقتصاد الوطني؟
هي نسبة متغيرة من سنة إلى أخرى حسب المواسم، وهي حالياً بحدود 9% إلى 10% من حجم الناتج الوطني.

*ما هي سياسة وزارتكم لحماية الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي؟
بالنسبة للأمن الغذائي على مستوى المنتجات لدينا الاكتفاء الذاتي في كل المواد باستثناء الحبوب المرتبطة بمسألة سقوط الأمطار وتغيّرها من منطقة إلى أخرى ومن سنة إلى أخرى. وبالتالي إنتاج الحبوب يؤمن 80% من الحاجات الاستهلاكية في أحسن الحالات، وتنخفض النسبة إلى 40% في بعض السنوات. ولكن تونس تحقق الاكتفاء الذاتي من الألبان واللحوم الحمراء والبيضاء والخضر والغلال حيث تتم تغطية 95% من الحاجات الاستهلاكية إن لم نقل 100%. نذكر على سبيل المثال السنة الماضية حين سجلنا فائضاً في إنتاج الألبان إلى حدّ إتلاف بعض الكميات، وكذا حققنا تغطية في استهلاك اللحوم البيضاء والبيض بنسبة 100% وغيرها من المنتوجات كالتمور وزيت الزيتون...

*ولكن يوجد شكاوى كثيرة مرتبطة بعدم تصريف الإنتاج، وبالتالي إتلاف المحاصيل الفلاحية على غرار الألبان والتمور سنوياً، ما تعليقك؟
مصطلح إتلاف أعتقد أنه مضخم، ليس هناك إتلاف لمحاصيل كبيرة وذات جودة عالية، ما تم إتلافه السنة الماضية من كميات الألبان هي كميات عادية، وكذا بالنسبة إلى التمور وغالبيتها ذات جودة متدنية من الصنف الثالث، ورغم ذلك نحن كوزارة لدينا تحدّ خصوصا مع التمور التي تشهد ارتفاعاً في الإنتاج من 223 ألف طن في الموسم الماضي إلى 246 ألف طن هذا الموسم. وبالتالي نسعى للبحث عن أسواق جديدة لتصدير هذا المنتج خلال الفترة المقبلة.
وفي الموسم الماضي صدرنا 100 ألف طن من التمور بقيمة 462 مليون دينار، وفي هذه السنة سجلنا زيادة بنسبة 7% في عملية التصدير، ما دفعنا إلى البحث عن أسواق جديدة لتصدير هذه السلعة الفلاحية على غرار أسواق جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا وإندونيسيا وأسواق أفريقيا. وبالتالي إذا نجحنا في الدخول إلى هذه الأسواق بضمان الجودة خاصة، فإن موضوع الوفرة سيتم حله، خصوصاً أننا نشهد نسقاً تصاعدياً في الإنتاج، بحيث يمكن أن يصل هلال 7 إلى 8 سنوات إلى حدود 700 و800 ألف طن من الإنتاج سنوياً.
بالنسبة للألبان ووفرة إنتاجها، نعمل بالتنسيق مع وزارتي التجارة والصناعة لوضع استراتيجية في موضوع التجفيف، وذلك بهدف تفعيل معمل التجفيف وبحث تدخل الدولة من حيث توزيع الفائض من الإنتاج على المدارس والعائلات المعوزة، وكذلك نعمل على التشجيع على التصدير خاصة بعد فقدان السوق الليبية وتراجع القطاع السياحي التونسي خلال الفترة الماضية. وقد رصدنا منحة بقيمة 115 مليما على كل لتر من الحليب يتم تصديره وذلك للتشجيع على التصدير. علماً أنه في حال تحسن الأوضاع في ليبيا لا يعود هناك مشاكل في تصدير الألبان على اعتبار أن ليبيا تستوعب كميات كبيرة من الألبان التونسية. وبالنسبة للأجبان نشتغل الآن على السوق الروسية التي أبدت استعدادها لاستيعاب واستيراد الأجبان التونسية.



*لماذا لا تستجيبون إلى مطالب بعض الفلاحين بفتح السوق الجزائرية لتصدير الألبان التونسية؟
هذا مطلب بعض الفلاحين في محافظات الشمال الغربي التونسي، على غرار جندوبة وبسالم، وهناك لجان تعمل على هذا الموضوع. ولكن فعلياً ليست هناك اتفاقات لتصدير الألبان إلى السوق الجزائرية ولكن ثمة بوادر لإمكانية التصدير إلى هذه السوق ولكن لم تتبلور بعد.

*ماهي استعداداتكم لتلافي وفرة إنتاج الطماطم المعدّة للتصدير خاصة مع ارتفاع حجم إنتاجها؟
انطلقنا منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي وبالتعاون مع وزارة الصناعة في تحديد المساحات المبرمجة لزراعة الطماطم المعدّ للتصدير وحددت بـ 17 ألف هكتار والبحث عن أسواق لترويج المخزون الحالي المقدر بحدود 35 ألف طن.
لدينا لجنة وزارية ثلاثية بين وزارة الفلاحة ووزارتي الصناعة والتجارة لبحث إيجاد حلول لموضوع وفرة الإنتاج.

*هل سيتم تركيز نقاط بيع من المنتج إلى المستهلك خلال شهر رمضان المقبل؟
نحن لدينا نقطة بيع في وزارة الفلاحة للبيع من المنتج إلى المستهلك ومن المقرر إعادة تجربة نقاط البيع في مختلف جهات البلاد خلال شهر رمضان المقبل.

*كيف يمكن قراءة معادلة وفرة الإنتاج مقابل الارتفاع المتواصل للأسعار في تونس؟
طبعا الموضوع مرتبط بالوسطاء ومسالك التوزيع، حيث يبيع الفلاح المنتج بسعر منخفض ليصل إلى المواطن بسعر مرتفع وذلك لتعدد مراحل نقل المنتج والدخلاء المتحكمين في عملية التوزيع. وهذا ما يجعل سعر البيع يرتفع وهو ما يتطلب عملاً كبيراً لإعادة صياغة الحلقة الرابطة بين المنتج والمستهلك.

*ما هو حجم مساهمة القطاع الفلاحي في سوق العمل التونسية؟
قطاع الفلاحة يشغل حوالي 17% من القوة العاملة، والقطاع السقوي يشغل 27%، وبالتالي ما نسعى إليه هو خلق حوافز لاستقطاب أكثر ما يمكن من اليد العاملة والمستثمرين. انطلاقاً من توفير القرض العقاري وتوفير مستلزمات العمل كالآبار والمسالك الفلاحية، ونعمل من خلال مجلة الاستثمار الفلاحي على مراجعة المنح الفلاحية الممنوحة للمستثمرين في القطاع الفلاحي بمختلف الأصناف الثلاثة "أ، ب، ج". وكذا العمل على خلق حوافز أخرى للمستثمرين الشبان خاصة على مستوى التمويل الذاتي، وستتكفل الدولة حسب مجلة الاستثمارات الجديدة بتوفير التمويل الذاتي في حدود 10%.
كما نسجل ندرة وغلاء في اليد العاملة الفلاحية وسيكون التوجه المستقبلي لوزارة التشغيل والتكوين المهني إقرار منظومة تكوين في المجال الفلاحي منذ التعليم الابتدائي لإطلاق يد عاملة مختصة.
وكذلك نعمل على توفير الضمانات الاجتماعية للفلاحين والبحارة، وكان هذا الأمر موضوع اتفاق السنة الماضية بين الاتحاد العام التونسي للشغل، منظمة الأعراف ووزارة الشؤون الاجتماعية، ليتم إقرار منظومة تأمين اجتماعي للعاملين في القطاع الفلاحي خاصة وأن تهرب الشباب من هذا القطاع سببه موسمية العمل وغياب التغطية الاجتماعية.

تعريف:
الوزير سعد الصديق، حاصل على شهادة في الهندسة الريفية من المعهد الوطني للعلوم الفلاحية في تونس، وشهادة مهندس أول مياه من المدرسة الوطنية للهندسة الريفية والمياه والغابات في باريس. شغل عدة مناصب في الهندسة الريفية والتنمية الفلاحية. وكذا شغل مناصب في الإدارات العامة الفلاحية