وتخشى الرياض من سفر المعتقلين بعد الإفراج عنهم إلى الخارج، خصوصاً من يحملون جوازات سفر أجنبية ودفعوا مبالغ طائلة مقابل إطلاق سراحهم، ومن ثم مطالبتهم بحقوقهم، ما قد يجرّها إلى محاكمات خارجية.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"العربي الجديد"، جاء شرط عدم السفر أساسياً للوصول إلى تسويات مع المعتقلين، الذين يواجهون منع مغادرة البلاد لفترة تراوح بين سنة وثلاث سنوات كحدٍ أقصى، وهو شرط يضفي مزيداً من الضبابية على عمل اللجنة المنوطة بالتحقيق.
ويرى مراقبون أن قرار المنع من مغادرة السعودية يعد انتهاكاً صريحاً للتسوية التي تمت بين السلطات وعدد من الموقوفين.
ويعتقد متابعون أن قرار المنع من السفر سيمتد إلى فترة غير معروفة إلى حين الانتهاء من التحقيقات، أو "ربما حتى وصول ولي العهد، محمد بن سلمان، إلى الحكم"، مؤكدين أن بن سلمان يخشى من "حدوث تشويش قبل وصوله إلى العرش".
ويُعتقد أنه في حال الموافقة على رفع قضايا ضد السعودية في الخارج، فإن الرياض ملزمة حينها بسداد ما تم الاستحواذ عليه في حال إدانتها قضائياً، أو دفع مبالغ كبيرة للمشتكين في إطار "تسويات".
وبات مؤكداً أن العديد من المحتجزين في فندق "ريتز كارلتون" يحملون الجوازات الكندية والفرنسية، فضلاً عن جنسيات إسبانيا والبرتغال وغيرهما، وهو ما لم تأخذه الرياض بعين الاعتبار عند اعتقالهم، كما أنه كان سبباً في التحرك الفرنسي والضغط على السلطات السعودية للسماح لرئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، بالمغادرة، لأنه يحمل الجنسية الفرنسية.
وفي سياق متصل، علم "العربي الجديد" أن السعودية تستعد لإطلاق دفعة جديدة من المعتقلين، لتضاف إلى دفعة العشرين معتقلاً ممن أفرج عنهم قبل أيام. ويتوقع أن يتم الإفراج عن العشرات من الموقوفين في قضايا الفساد، بعد التوصل إلى تسويات معهم تحول دون محاكمتهم أو توجيه التهم إليهم.
غير أنّ صحفا محلية سعودية أفادت بأن المملكة أفرجت عن 23 من نحو 200 شخصية محتجزة بعد أن توصلوا إلى اتفاقات مع السلطات في الرياض. ولم يذكر التقرير أسماء من تشملهم الاتفاقات الذين يشلكون على ما يبدو أول مجموعة كبيرة يُفرج عنها.
وأظهر مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة الاتصالات السعودية سعود الدويش وهو يبلغ المهنئين بأنه عومل بشكل لائق. وقال "الشؤون الخاصة (وحدة تابعة للبلاط الملكي) جايبين لنا مفطحات (طبق من اللحم المسلوق) ليل نهار. المعاملة كانت طيبة".
ويعتبر مراقبون أن الرقم الذي أعلن عنه الأمير محمد بن سلمان، في أحد لقاءاته الصحافية في وقت سابق، لا يمت للواقع بصلة، إذ قال إن 90 في المائة من الموقوفين توصلوا إلى تسويات فعليّة مع الحكومة، وهو ما لم تتم ترجمته على أرض الواقع، لأن عدد من يتوقع الإفراج عنهم في نهاية الأسبوع الحالي قد يصل إلى 73 شخصا، في أكبر تقدير، أي ما نسبته 10 في المائة من العدد الإجمالي (700 معتقل)، ما يضع الرقم المعلن على المحك.
ويحتل الوزراء النصيب الأكبر من الموافقين على التسوية، يتصدّرهم وزير المالية السابق إبراهيم العساف، ورئيس مجلس إدارة الاتصالات السعودية سعود الدويش، ورجل الأعمال المعروف صالح كامل، والأمير تركي بن خالد، بينما يبقى العديد من رجال الأعمال والأمراء رهن الاعتقال، بعد مرور قرابة شهرين على توقيفهم، من دون معرفة مآل التحقيقات ونتائجها.
من جانب آخر، يرفض الأمير الوليد بن طلال إجراء محاكمة محلية له، ويطالب بمحاكمة علنية دولية، يتخللها وجود شهود من رجال أعمال أوروبيين، لتفنيد التهم الموجهة إليه.
وكانت أنباء قد سرت بنقل رجل الأعمال الشهير إلى المستشفى بعد تدهور صحته، بسبب الإرهاق الذي أصابه.
ونفّذت السعودية حملة اعتقالات واسعة شملت أكثر من 700 أمير ورجل أعمال وشخصيات عمومية، بتهم فساد، في خطوة تتعلق، بحسب متابعين، بمستقبل الحكم في السعودية.