أعلن نواب من المعارضة التونسية، مقاطعتهم الاحتفالات التي ستقام في قصر قرطاج، والتي تأتي بمبادرة من رئاسة الجمهورية، بمناسبة العيد الخامس للثورة، الموافق ليوم 14 يناير/كانون الأول.
ووقعت أحزاب المعارضة، يوم أمس على بيان مقاطعة الاحتفالات بالذكرى الخامسة للثورة، ممثلة في "الجبهة الشعبية"، و"حركة الشعب"، و"التيار الديموقراطي"، و"صوت الفلاحين"، بالإضافة إلى عدد من النواب المستقلين، وشدد الموقعون على "عدم تلبيتهم دعوة رئاسة الجمهورية بهذا الخصوص".
واعتبرت الأحزاب المقاطعة للاحتفال، أنّ "مثل هذه المناسبات أصبحت تشبه كثيراً ما كان يقوم به الرئيس المخلوع، بن علي، في احتفالات7 نوفمبر/تشرين الثاني، إذ يتم تجميع الناس وإقامة مآدب الطعام"، ويأتي هذا الرفض للتعبير أيضاً، "عن استيائهم الشديد من الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية في تونس، لأنها زادت تدهوراً" حسب الموقعين على قرار المقاطعة.
وقال الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي لـ"العربي الجديد"، "إنّ لديهم عدداً من التحفظات على المسار الذي انتهجته تونس اجتماعياً وسياسياً"، مبيناً أنّ "وجود فشل واضح في الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة، وأنه بعد 5 أعوام عليها لا يمكن قبول مزيد التراجع".
اقرأ أيضاً: "نداء تونس" يعوض نوابه المستقيلين ليحافظ على الأغلبية
وأضاف المغزاوي، أنّه "لولا الشهداء، وجرحى الثورة، لما كانت الأحزاب في مجلس نواب الشعب، ولا هؤلاء يحكمون تونس، في المقابل فإن مطالب الجهات الفقيرة، والمهمشة، ومطالب الشباب العاطل، ظلت تراوح مكانها على الرغم من أنها من أبرز أهداف الثورة".
وذكر المغزاوي، أن هناك استياء كبيراً، وخيبة أمل من أداء السلطة في تونس، وكذلك من التعديل الوزاري الذي حصل، أخيراً، ومن الأسماء التي طرحت في تركيبة الحكومة، كما أنّ لديهم عدة تحفظات عن طريقة الاحتفال بعيد الثورة.
وأوضح المتحدث ذاته، أن الاحتفال الحقيقي، يجب أن "يذكر التونسيين بمبادئ الثورة ويرسم لهم مستقبلاً أفضل، ويكون احتفالاً وفيّاً لدماء الشهداء، وعليه سيكون شعبياً، وفي الشارع، وليس في قصر قرطاج".
واعتبر الأمين العام للتيار الديمقراطي، محمد عبو، أنّ الاحتفال بعيد الثورة مسألة ضرورية، وعلى التونسيين والأجيال القادمة إحياء هذه المناسبة.
وقال عبو لـ"العربي الجديد"، إنّ الثورة هي، أيضاً، تحرر من الاستبداد، وإن هذا لن يحدث دون تطورات اجتماعية، واقتصادية. وأضاف، "لكن للأسف جزء كبير من الشعب التونسي يشعر بالاستياء، ولا يشعر بفرحة الاحتفال بالثورة".
اقرأ أيضاً: البرلمان التونسي يصادق على حكومة الصيد المعدلة
وصرح الأمين العام للتيار الديمقراطي، أنّ "التعديل الوزاري الأخير والإجراءات المرتعشة، ومواصلة سياسة التهميش، وغياب الرغبة الحقيقية في الإصلاح، بالإضافة إلى مقاومة الفساد، في ظل إصرار رئاسة الجمهورية التونسية على المضي قدماً في مشروع قانون المصالحة الاقتصادية ... في ظل كل ما سبق، لا بدّ من مقاطعة الاحتفالات بعيد الثورة الخامس في قصر قرطاج إلى حين القيام بإصلاحات جوهرية".
وأوضح عبو، أنّهم مع احترام مؤسسات الدولة، ولكن الاحتفال الحقيقي بالثورة سيكون في أماكن أخرى وفي المحافظات المهمشة ومع عموم التونسيين وليس في قصر قرطاج.
من جهته، يرى النائب عن الجبهة الشعبية، عمار عروسية، أن "تفاقم الأزمة الاقتصادية، والاعتصامات المطلبية الحاصلة في تونس، وشعور عموم الناس بالغضب، أمام كل هذا، يصبح الاحتفال بلا قيمة ولا معنى له".
وأشار عروسية في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الاحتفال الحقيقي سيكون من خلال "نصرة الشعب المظلوم والدفاع عن مطالبه من أجل القوت، والعدالة الاجتماعية".
في السياق ذاته، قال النائب عن صوت الفلاحين، فيصل التبيني لـ"العربي الجديد"، إنّهم "لا يريدون احتفالات شكلية، وصورية، كتلك التي كان يقوم بها الرئيس المخلوع بن علي، والتي هي في الحقيقة إهدار للمال العام، وإنما نريد احتفالات حقيقية، تكون مع الطبقات الفقيرة والمحرومة من التشغيل والتنمية".
اقرأ أيضاً: بعد الانفصال.. معارك تنتظر أجنحة "نداء تونس"
واعتبر التبيني، أن إحضار عائلات شهداء، وجرحى الثورة، "مجرد توظيف سياسي لا غير، لالتقاط الصور وليس لمشاركتهم الألم والحزن". وأضاف النائب، أنهم يقاطعون وسيقاطعون مثل هذا التوظيف وهذه الاحتفالات.
وأورد التبيني في تصريحه، أنّ المحتفلين اليوم بعيد الثورة، هم "فقط من غنموا المكاسب، وتحصلوا على المناصب، أما المحافظات الداخلية فإنها لم تحقق أي أهداف تذكر، والدليل وجود معطلين عن العمل، والفقراء مازالوا منسيين، بل زادت معاناتهم".
وانتقد التبيني، عودة وجوه من المنظومة القديمة إلى الصدارة، ووضعها في مناصب وزارية، مبيناً أنه يجب أن "تحدث ثورة جديدة في تونس، من أجل تصحيح المسار، ولإنقاذ البلاد من الأوضاع التي تعيشها".
اقرأ أيضاً: وزراء جدد في حكومة الصيد يجرون عليه انتقادات البرلمانيين