أكد رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية رياض حجاب، قرار المعارضة السورية تعليق مشاركتها في مفاوضات جنيف، بسبب مواصلة النظام السوري خرق الهدنة، ومحاصرة المدن، وعدم إطلاق المعتقلين.
وقال حجاب في مؤتمر صحافي عقده ظهر اليوم الثلاثاء، في جنيف، إن القرار المتخذ هو تعليق المشاركة وليس "تأجيلها" كما جاء في إعلان الهيئة أمس، نافياً أن يكون لدى الهيئة نية لمراجعة قرارها الخميس المقبل، كما أعلن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا. لكنه أوضح أن بعض أعضاء من الوفد والهيئة سيبقون في جنيف لأن لديهم عمل يقومون به مع اللجان المتخصصة بالقضايا الإنسانية، في حين سيغادر هو وأعضاء آخرون جنيف اليوم.
ودعا حجاب مجموعة الدعم السورية، ومجلس الأمن إلى الاجتماع على وجه السرعة لتقييم الموقف، وإلزام نظام بشار الأسد بالقرارات الدولية الناظمة للعملية السياسية، وبالهدنة المفترضة، وإدخال المساعدات للمناطق المحاصرة، والإفراج عن المعتقلين.
كما حث مجلس الأمن على إرسال مراقبين على الأرض لمراقبة الهدنة ومحاسبة من يخرقها.
وفي توضيحه لأسباب وخلفيات قرار تعليق المشاركة في المفاوضات، قال حجاب، إن الهيئة العليا طالبت الجميع وخاصة روسيا، بالزام النظام بقرارات مجلس الأمن، وأوضح "حصلنا على تعهدات مكتوبة وشفوية بهذا الصدد من الأمم المتحدة، على الصعيد العملي لم يحدث أي انفراج في الجانب الانساني، ولم تصل المساعدات إلى نحو 6.5% فقط من المحتاجين إليها، وفق ما تقول الأمم المتحدة نفسها، وأن معظم هذه المساعدات كانت عبارة عن مواد تنظيف".
كما أشار إلى أنه منذ الهدنة مع النظام، لم يخرج أي معتقل من سجونه، بل جرى اعتقال 2445 شخصاً منذ صدور قرار مجلس الأمن 2254، وتوفي كثير منهم تحت التعذيب.
إلى ذلك، أكد حجاب، أنه منذ بدء العملية السياسية زادت معاناة السوريين، ولم يتم رفع الحصار عن أي بلدة، بل زاد عدد البلدات المحاصرة.
وتساءل رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية "هل المجتمع الدولي والدول العظمى غير القادرين على إدخال علبة حليب يستطيعون انجاز عملية سياسية؟" ضارباً المثل بمدينة داريا قرب دمشق، وقال بخصوصها، إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وعده أكثر من مرة بإدخال المساعدات إليها، لكن ذلك لم يتم حتى الآن. نفس الأمر بالنسبة بلدة مضايا، فشلت كل الجهود لإخراج شاب عشريني من البلدة، بعد أن هبط وزنه إلى 20 كيلوغرام، وتوفي هناك.
وقال حجاب، إن رئيس النظام بشار الأسد يسجن مليوناً و700 ألف سوري، وهو بذلك تفوق على النازية، بدعم من حلفائه، روسيا وإيران والمليشيات الطائفية.
وفي إشارة منه إلى أن قرار التعليق حاسم ولا رجعة عنه، ما لم تتغير أسباب اتخاذه، تابع حجاب، أنه "جئنا إلى جنيف من أجل انتقال سياسي حقيقي في سورية، لكن يبدو أنهم فهموا تجاوبنا خطأ. لن نقبل بمفاوضات وشعبنا يعاني. لن نكون طرفاً في عملية تضيّع حقوق شعبنا وتزيد من معاناته".
وأوضح أن القرارات الدولية تقول بـ"إنشاء حكم انتقالي كامل الصلاحية، لا مكان فيه للمجرمين أمثال بشار الأسد"، معتبراً أن الجولات السابقة كانت تُستهلك بالنقاشات النظرية وهي مضيعة للوقت، ولكسر هذا الوضع، قدمنا رؤية ومقترحات متكاملة للمرحلة الانتقالية تتضمن 17 مذكرة لدي ميستورا، منها 12 تتعلق بالقضايا الإنسانية والخروقات، و3 مذكرات حول الانتقال السياسي، لكن كل ذلك لم ينجح.
وحول ما يطرح من حلول بديلة عن تشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي يتهرب منها النظام، قال حجاب، إن جميع القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها القرار 2254 عرفت كثيراً من التراجع والغموض، كذا تنفيذ بيان جنيف 2012، ولا يوجد فيها أي حديث عن حكومة موسعة أو حكومة انتقالية أو ما شابه.
وأردف حجاب في حديثه، أن "هذه من أحلام بشار، ولا نقبل بترضية بعض الدول على حساب حقوقنا. النظام لا يريد الحل السياسي، وهو يدرك أن أي حل جدي يعني نهايته".
وطمأن حجاب فصائل المعارضة السورية المسلحة، بأنه لن تكون هناك مساومة أو تنازل عن الثوابت وحقوق الشعب السوري، وشدد على أنه لا يحق لأحد التنازل بمن فيهم المبعوث الدولي، وتابع أنه "لا صفقات من راء ظهر شعبنا الذي ضحى من أجل بناء سورية الموحدة الديمقراطية".
وأطلق حجاب، وعداً، مفاده بأن "رئيس النظام بشار الأسد لن يبقى في الحكم. ولن نسامح حتى يذهب بشار إلى المحاسبة والعدالة ولن يفلت من العقاب". كما شدد على عدم التفريط بوحدة سورية، وأن الحديث عن مشاريع حول الفيدرالية وغيرها أمور من حق الشعب السوري وحده، وليس من حق فصيل أو قوى خارجية.
كما لم يفت حجاب الحديث عن الجولان السوري المحتل. وقال إن الأخير أرض سورية وستبقى سورية، مشيراً إلى أن والد بشار الأسد، هو من سلمها لإسرائيل التي ضمنت بقاءه في الحكم، كما تضمن بقاء بشار اليوم حسب تعبيره، مشيراً إلى لقاءات أجراها ماهر، شقيق بشار وزهير ابن عمه مع الإسرائيليين.
وأشار إلى الوضع في حلب، وقال إنه سيئ جداً، حيث يعمل النظام على محاصرة المدينة التي يقطنها 600 ألف مواطن سوري، محذراً من أن ذلك سيكون كارثة إنسانية.
وطالب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية، القوى الدولية، وخاصة الولايات المتحدة، التي وصفها بـ"صديقة للشعب السوري"، بتوفير السلاح لقوى المعارضة لردع النظام الذي تدعمه روسيا وإيران بلا حدود، مشيراً إلى أنه منذ إعلان الهدنة جرى منع تقديم السلاح للفصائل بحجة وقف إطلاق النار.
وحول البدائل المطروحة أمام المعارضة السورية في حال انغلاق باب المفاوضات، قال حجاب، إن هناك الكثير من البدائل التي ستنهي النظام.
لكن بعض المحللين يرون أن وفد المعارضة بات اليوم في وضع صعب، وأن انسحابه من المفاوضات سيكون هدية مجانية تقدم للنظام الذي ربما هدف إلى دفعها من خلال استفزازاته في جنيف وفي الميدان لهذا الخيار، لكي يتحلل من الضغوط والالتزامات.