وسخرت الدراسة، التي أعدّها البرفسور يورام شفايتسر، والدكتور عوفر فنتور، من نمط المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر، مشيرة إلى أن "الرئيس دونالد ترامب يكتفي بنشر التغريدات على حسابه على تويتر للتعبير عن دعمه للنظام المصري في حربه على (داعش) في سيناء".
وطالبت الدراسة الولايات المتحدة "بتقديم دعم جوهري، ومن ضمنه مدّ الجيش المصري بوسائل قتالية ومعلومات استخباراتية ورفده باستشارات ميدانية، استناداً إلى التجربة والخبرات التي راكمتها الولايات المتحدة خلال حربها على داعش في ساحات أخرى". وحثّت الدراسة نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على عدم إبداء أية حساسية وقبول المساعدات الخارجية، مشددة على أن "إسرائيل مستعدة لتجاوز حدّ المساعدات الحالي، الذي تقدمه لمصر في حربها في سيناء".
وأوضحت الدراسة أن الاستثمار الإسرائيلي في مساعدة النظام المصري الحالي على مواجهة "ولاية سيناء" هو "استثمار في مواجهة عدو مشترك للطرفين"، مستدركة بأن "على النظام المصري وشركائه الدوليين ألاّ يكتفوا بالمواجهة العسكرية والاستخبارية ضد هذا التنظيم"، إذ شددت على أهمية القيام باستثمارات "استراتيجية" في مجال تطوير البنى التحتية والاقتصادية والمدنية في سيناء، معتبرة أن "مثل هذه الاستثمارات ستقنع الجماهير السيناوية بالوقوف إلى جانب الدولة والنظام". وأكّدت الدراسة أنّ "تجاهل النظام لحاجات ومتطلبات الحياة الأساسية للأهالي في سيناء، أوجد حالة من الاغتراب بينهم وبين الدولة المصرية".
وبحسب معدي الدراسة، فإنه إلى جانب الشق الاقتصادي والاستثماري، يتوجّب على النظام المصري أن يشنّ "مواجهة قانونية وثقافية وفكرية مكثفة"، لا سيما ضدّ ما وصفته بـ"التفاسير المتطرفة للنصوص الدينية". ومن الناحية العسكرية، دعت الدراسة النظام إلى "تبنّي استراتيجية مغايرة" في مواجهة "ولاية سيناء"، تتضمن إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تتولى مواجهته، إلى جانب ضمان تحقيق أكبر قدر من التنسيق بينها. وشددت بشكل خاص على وجوب تحقيق أكبر قدر من التعاون بين جهاز الاستخبارات العسكرية الذي يتولّى مهمة تنفيذ الأنشطة الاستخباراتية في المواجهة وبين سائر الأجهزة.
كذلك، دعت الدراسة إلى استقدام وحدات مصرية خاصة للمشاركة في العمليات في سيناء، معتبرةً أنّ تحدي جلب المعلومات الاستخباراتية الدقيقة مهم جداً بالنسبة لنظام السيسي في مواجهته "ولاية سيناء"، على اعتبار أن المعلومات الدقيقة تساعد الجيش المصري على عدم التعرّض للأبرياء، محذرةً من أن "استهداف المدنيين يزيد من استعداد الجماهير المصرية في سيناء للتعاون مع التنظيمات الإرهابية".
وحثّت الدراسة السلطات المصرية على تحسين العلاقة مع القبائل البدوية في سيناء، من أجل إقناعها بمدها بالمعلومات الاستخباراتية الدقيقة عن تحركات "ولاية سيناء" بسبب أهمية هذه المعلومات. ورأت في المذبحة التي استهدفت مسجد "الروضة"، "فرصة" لتعزيز العلاقة بين النظام والقبائل بسبب ردة الفعل السلبية على ما أقدم عليه منفذوها.
وتساءلت الدراسة عمّا إذا كان النظام المصري الحالي معنيّاً حقاً بإحداث تحوّل في نمط مواجهته للتنظيم، بحيث يعتمد استراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والثقافية والقانونية، ولا تعتمد فقط على الجانب العسكري، موضحةً أنّ إلحاق الهزيمة بتنظيم "ولاية سيناء" حالياً "يعد متطلباً حيوياً جدا للعالم، بشكل لا يقل عمّا كانت عليه الأمور عندما كان التنظيم في أوج قوته في العراق وسورية".
واعتبرت الدراسة أنّ منطقة شمال سيناء باتت تعدّ المنطقة التي يتوجّب أن تدور فيها المواجهة العالمية ضد تنظيم "داعش"، لا سيما بعد هزيمته في العراق وسورية، منوهةً بأنّ قادة ونشطاء التنظيم معنيون بنقل المواجهة إلى أمكنة أخرى، وضمنها مصر. كذلك، اعتبرت أن المذبحة التي نفذت ضد المصلين في مسجد "الروضة" في بلدة "بئر العبد" تسببت في إحراج النظام المصري أمام الرأي العام الداخلي وأمام العالم، مشيرةً إلى أنّ مثل هذه المذبحة "ستؤثر على مصير اتفاق التعاون الأمني الذي توصّلت إليه الأجهزة الأمنية المصرية مع حركة حماس"، والذي بموجبه ستقوم الأخيرة بتشديد إجراءات تأمين الحدود المشتركة، مقابل تخفيف مصر مظاهر الحصار على القطاع.
وبحسب الدراسة، فإنه على الرغم من الجهود العسكرية الكبيرة التي بذلها النظام المصري، فإن "ولاية سيناء" يواصل عملياته في شبه الجزيرة بشكل متواصل، ويستهدف بشكل خاص عناصر الشرطة والجيش، لافتةً إلى أنّ العمليات التي نفّذها التنظيم في 2017 أصبحت أكثر قوة وذات نتائج أقسى.