تصدرت التطورات الميدانية شرق العاصمة اليمنية صنعاء، واجهة الأحداث في البلاد منذ أيام، بعد بدء قوات الشرعية موجة جديدة من العمليات العسكرية، حققت خلالها تقدماً بعد معارك عنيفة مع الانقلابيين، حيث تسعى القوات الشرعية لتحقيق اختراق نوعي نحو العاصمة. ويرى بعضهم أن التقدم مرتبط بقرار سياسي قد ينتهي إلى ضغوط سياسية على الأقل، كما حصل في مرات سابقة، في ظل الجهود الدولية التي تسعى لتفعيل اتفاق وقف إطلاق النار.
وأكدت مصادر ميدانية تابعة للشرعية وأخرى محلية، لـ"العربي الجديد"، أن قوات الجيش، بإسناد من رجال المقاومة الشعبية، حققت، خلال الأيام الماضية، تقدماً هاماً، عبر السيطرة على العديد من المواقع والمرتفعات الجبلية التي كانت واقعة تحت سيطرة مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، في مديرية نِهم. وقتل في المعارك العشرات، غالبيتهم من الانقلابيين، فيما نفذت مقاتلات التحالف سلسلة غارات جوية، دمرت تعزيزات ومواقع للانقلابيين، الذين تحدثت مصادر في المقاومة عن انسحابهم من العديد من المواقع.
وتزامن بدء التصعيد الجديد شرق صنعاء، مع زيارة مفاجئة للمنطقة من نائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر، الذي يعد صاحب النفوذ الأول على قوات الجيش المنتشرة في مأرب وأطراف صنعاء. وتقول مصادر الشرعية، إنها تسعى لاستكمال السيطرة على مديرية نِهم، بما في ذلك الوصول إلى مناطق محاذية لمديرية أرحب، حيث تتمتع القوى المؤيدة للشرعية بنفوذ قبلي. كما تسعى للوصول إلى نقيل بن غيلان، وهي أبرز نقطة، يمكن أن يمثل الوصول إليها من قوات الشرعية تطوراً نوعياً يهدد مناطق شمال العاصمة، ومنها مطار صنعاء الواقع تحت سيطرة الانقلابيين. وكانت مديرية نِهم، الواقعة شرق صنعاء، تحولت إلى ساحة معارك عنيفة، قتل خلالها الآلاف، غالبيتهم من الانقلابيين، وذلك بعد أن حققت قوات الشرعية، في ديسمبر/كانون الأول 2015، اختراقاً نوعياً، بالتقدم من جهة مأرب للزحف نحو العاصمة. وبسبب الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها المعارك في نِهم، فقد حشد الحوثيون والحلفاء مختلف قدراتهم لمنع التقدم أو إعاقته أكبر قدر ممكن، في مقابل تعزيزات ومحاولات حثيثة من الشرعية، المدعومة بمقاتلات التحالف العربي.
وليست المرة الأولى التي تكثف خلالها قوات الشرعية عملياتها للتقدم نحو صنعاء، حيث سبق وأن صعدت أكثر من مرة، إلا أن العمليات عادة ما كانت تتراجع بعد تقدم محدود. ومع ذلك، تبدو الخطورة التي يمثلها تقدم الشرعية على الانقلابيين، أخيراً، أكثر تهديداً من ذي قبل، باعتبارها تقترب شيئاً فشيئاً من العاصمة، وهو الأمر المتوقع أن يكون له تأثيرات سياسية على خريطة الولاءات القبلية، ضمن ما يُعرف بـ"قبائل الطوق"، المحيطة بصنعاء، وكذلك الولاءات العسكرية، في ظل حالة تذمر تتسع كل يوم من سيطرة الانقلابيين. ويرجع مسؤولو الشرعية، في العادة، التباطؤ في التقدم نحو صنعاء، أو التهدئة النسبية بين الفترة والأخرى، إلى أنها لا تتعلق فقط بصعوبة المعارك في سلسلة الجبال الوعرة الواقعة في نِهم، بل ترتبط كذلك بـ"قرار سياسي" من دول التحالف الداعمة للشرعية، والتي تتعرض إلى ضغوط دولية تدفع بتسوية سياسية للأزمة، والاستفادة من التقدم الميداني للضغط سياسياً على الانقلابيين، ليرضخوا إلى شروط الشرعية بالعودة إلى المفاوضات. الجدير بالذكر، أن الأمم المتحدة وعبر مبعوثها إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تقود جهوداً لتفعيل اتفاق وقف إطلاق النار، وفقاً لنتائج اجتماع اللجنة الرباعية، المؤلفة من وزراء خارجية أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات، في العاصمة السعودية الرياض، منذ أكثر من أسبوع، وخرج بالدعوة إلى تفعيل الهدنة، بعد اجتماع فني تدعو الأمم المتحدة إلى عقده في الأردن، بين ممثلي لجنة التنسيق والتهدئة المؤلفة من ممثلين عن الطرفين، والمعنية بالإشراف على الهدنة.