يأتي ذلك في وقت ارتفع فيه منسوب التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية لتخفيف حدة التوتر بين الطرفين، إذ أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي عزمه إرسال فريق إلى طهران وواشنطن "للمساعدة في تهدئة التوتر".
في هذه الأثناء، رأى الرئيس الإيراني، في كلمة ألقاها لدى زيارته منطقة حدودية مع تركيا، بمناسبة افتتاح سدّ "كرم آباد" في محافظة آذربايجان الغربية، أن قدرة بلاده أجبرت الإدارة الأميركية على التراجع عن التهديد بشنّ حرب ضدها، معتبراً أنه "بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض أنه ينبغي على الشعب الإيراني أن يخاف منا، عاد الرئيس الأميركي ليعتذر بضغط من البنتاغون، ويقول إنه لا يريد الحرب مع إيران، وهذا يظهر قوة شعبنا".
وأكد روحاني، وفقاً لما نقل موقعه الإلكتروني، أن "الشعب الإيراني لن يرضخ للضغوط التي أحدثت له ظروفاً صعبة"، موضحاً أن بلاده تعيش "ظروفاً نتجت عن العقوبات، لكن حركتنا في مسيرة التنمية هي بمثابة ردّ صارم على البيت الأبيض".
وقال روحاني إن "افتتاح المشاريع العظيمة يمثّل رداً صريحاً على كل من يتوهم أنه يمكنه أن يُخضع الشعب الإيراني"، لافتاً إلى أن إرادة إيران "لن تنكسر أمام الضغوط"، وأن الشعب الإيراني "لن يستسلم أمام المتغطرسين رغم المشكلات الكثيرة".
وفي كلمة أخرى له خلال اجتماع مجلس إدارة محافظة آذربايجان الغربية، قال روحاني إن "المتطرفين الأميركيين والصهاينة والمعارضة الإيرانية في الخارج قادوا الإدارة الأميركية إلى المتاهة عبر تقديم معلومات خاطئة لها".
وأضاف الرئيس الإيراني أن "الصهاينة هم الذين يكتبون الخطابات الأميركية ضد إيران، جُملها ومفرداتها وكلماتها صناعة صهيونية"، مؤكداً أن "المتطرفين الأميركيين في البيت الأبيض والصهاينة والرجعيين في المنطقة، ينتظرون منذ 40 عاماً يوم تُهزم الجمهورية الإسلامية".
وأشار روحاني إلى أن "التصرفات الأميركية تجاه الشعب الإيراني تتجاوز مستوى الحرب والعقوبات إلى جريمة ضد البشرية"، موضحاً أن "الدولة التي تمنعنا من شراء الأدوية والمواد الغذائية، وتمنع مريضاً من السفر إلى الخارج للعلاج، فهذه جريمة ضد البشرية". ورأى أنه إذا "كان بمقدور الأميركيين حظر قطاع الصناعة المتطورة والتقنية الحديثة مع دون حظر المواد الغذائية واحتياجات الشعب الإيراني".
واستدرك قائلاً إن "واشنطن دخلت بكل قوتها للوقوف ضد الشعب الإيراني"، معتبراً أن حربها ليست ضد الحكومة الإيرانية، بل ضد 82 مليون إيراني".
من جهته، اختار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم، قناة "سي أن أن" الأميركية ليوصل رسالة للرئيس الأميركي، مفادها أن طهران "لن تدخل في مفاوضات معه ما لم تلتزم واشنطن بتعهداتها في إطار الاتفاق النووي".
وانتقد ظريف، في المقابلة، قرار واشنطن إرسال حاملة طائرات "يو إس إس" ووحدة من قاذفات "بي 52" إلى المنطقة، قائلاً إن "أميركا قد بدأت لعبة خطيرة للغاية" من خلال زيادة وجودها العسكري.
وفي سياق انتقاده الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، قال ظريف "نحن تعاملنا بحسن نية، ولا نريد التفاوض مع من ينكث بوعوده وعهوده".
ورداً على تهديدات ترامب الأخيرة عبر "تويتر"، أكد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده "لن تخضع ولن تتفاوض بالتهديد والإجبار"، مخاطباً الرئيس الأميركي بالقول "لا يمكنك أن تهدد أي إيراني وتنتظر أن يتعاملوا معك. وطريق التفاوض والتعامل يمر عبر الاحترام وليس التهديد".
وكان الرئيس الأميركي قد لوّح بالحرب، في تغريدة أطلقها أول من أمس الأحد على "تويتر"، قائلاً إنه "إذا أرادت إيران الحرب، فستكون نهايتها رسمياً. لا تهددوا الولايات المتحدة مجدداً"، إلا أنه أعرب أمس، عن عدم رغبته في خوض حرب مع إيران، مشدداً في الوقت ذاته على أنه لن يسمح لها بتطوير أسلحتها النووية.
وأوضح الرئيس الأميركي في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز": "لا أريد الحرب. لكن أمامكم أوضاعاً مثل إيران، فلا يمكننا أن ندعها تمتلك أسلحة نووية، لا يمكننا السماح بحدوث ذلك مطلقاً".
وفي ردّه على سؤال عما يقصده السناتور ليندسي غراهام عندما قال أخيراً إن ترامب يريد "غزوات مختلفة"، أكد الرئيس الأميركي أنه "إذا كان هناك غزو فهو غزو اقتصادي"، مشيراً إلى أن إيران "تعرضت لدمار كامل من الناحية الاقتصادية".
وفي تغريدة لاحقة له، أكد ترامب، يوم الاثنين، أن "لا محاولات أميركية للحوار مع إيران"، وأن الاقتصاد الإيراني سيواصل انهياره.
وتابع قائلاً: "ستتصل بنا إيران إذا كانت مستعدة أو حينما تكون مستعدة، وفي غضون ذلك، سيواصل اقتصادها الانهيار"، مضيفاً أنه "حزين جداً من أجل الشعب الإيراني".
وفي واشنطن، أعلن وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، باتريك شاناهان، اليوم الثلاثاء، أن "مستوى التهديدات الإيرانية لا يزال عالياً"، معرباً عن أمله في "ألا تخطئ طهران في الحسابات".
وأضاف شاناهان أن "تهديدات إيران كانت تتمثل في هجماتٍ أوقفناها"، من دون أن يوضح طبيعة هذه الهجمات، لكنه في الوقت ذاته، أشار إلى أن القوات الأميركية في الشرق الأوسط "ليست موجودة لشن حرب على إيران".
وفي موازاة تصاعد التوتر بين الطرفين، ثمة تحركات دبلوماسية تجرى على قدم وساق، وتقودها أطراف عدة لتخفيف الاحتقان. فبعد زيارة مفاجئة وخاطفة لوزير خارجية العماني، يوسف بن علوي، أمس الاثنين، إلى طهران، أعلن اليوم الثلاثاء رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، أن العراق "يجري اتصالات عالية المستوى" لمنع مزيد من التوتر بين طهران وواشنطن.
وقال عبد المهدي إن رؤية بغداد لتسوية هذه الأزمة قريبة من الموقف الأوروبي، مضيفاً أنه تلقى تأكيدات من المسؤولين الأميركيين والإيرانيين بـ"عدم رغبتهم في خوض مواجهة عسكرية". وأضاف "سنرسل فريقاً إلى طهران وواشنطن للمساعدة في تهدئة التوتر".