ولم يُسكت انتقادات المتابعين التي ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي سوى توضيح إدارة الأمن الرئاسي، أمس الجمعة، التي عبرت في بيان رسمي عن قدرة قواتها على حمايته "تحت أي سماء وفوق أية أرض".
وحفت الانتقادات بالرئيس، إثر تداول صورة السيارة الفخمة التي أقلته لقصر قرطاج يوم تنصيبه، وتناقل البعض باستياء ظهور سعيد في سيارة رئاسية فخمة في موكب تسلم السلطة بقصر الرئاسة بقرطاج، حتى أن بعض مناصريه اتهموه بالتخلي عن الصورة الشعبية والقرب من المواطنين، فور وصوله إلى السلطة بعد أن كان يعد بالتقشف والزهد وإعادة الثروة والسلطة إلى الشعب زمن الحملة الانتخابية.
ويبلغ سعر السيارة الرئاسية، موضوع الجدل، حوالي 500 ألف يورو أي أكثر من 1.5 مليون دينار تونسي، وهي من نوعية "مرسيدس مايباخ اس 600"، ويقتنيها عادة المشاهير والملوك ورؤساء الدول العظمى في العالم.
وأوضحت الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية في بيان رسمي، أن "السيارة التي وُضعت على ذمة سيادة رئيس الدولة الأستاذ قيس سعيد، يوم تسلّم السلطة، قد تحصلت عليها مؤسسة رئاسة الجمهورية خلال القمة العربية الأخيرة التي عُقدت في تونس في شكل هبة من إحدى الدول الصديقة ولم تُكلف خزينة الدولة مليما واحدا".
وأثارت تنقلات رئيس الجمهورية المنتخب، يوميا من مسكنه بالمنيهلة نحو قصر قرطاج، اهتمام الرأي العام التونسي، ولا سيما في ظل صعوبة مهمة تأمين تنقلاته من الضاحية الغربية للعاصمة نحو الضاحية الشمالية، ولزوم تسخير عدد مرتفع من الأمنيين لمرافقته وخطورة تنقله لمسافة بعيدة يوميا، ذهابا وإيابا.
وانتقد متابعون تنقل الرئيس من منزله الواقع في منطقة سكنية شعبية، بسبب رفضه التنقل للإقامة في قصر السلام بقرطاج حتى إن المتابعين اعتبروا ذلك مبالغة في الشعبوية، بل إنه سيكلف موازنة الدولة أكثر مما سيكسبها بسبب تكاليف التأمين الرئاسي في تلك المنطقة إلى جانب تعطيل حركة السير يوميا، خلال تنقله إلى مقر عمله في قصر قرطاج.
وكثر الجدل حول قدرة الأمن الرئاسي القيام بتأمين الرئيس في مقره بحي شعبي وفي ظروف مماثلة، وتداعيات قراره على مصالح المواطنين وكلفة نقل الإقامة الرئاسية إلى منزل سعيد، الشيء الذي دفع الأمن الرئاسي إلى التوضيح بأنها مستعدة لحماية الرئيس في أي مكان ومهما كانت الظروف.
وقالت الإدارة العامة لأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية إنها "تعمل إلى جانب سيادة رئيس الدولة وتحت إمرته في كنف المحبة والاحترام والأريحية، وأنها تمتلك من الطاقات البشرية والتقنية ما يُمكنها من توفير أعلى درجات الحماية والتأمين، أينما تواجد سيادته فوق أي أرض وتحت أي سماء".
وأضاف الأمن الرئاسي أنّه يعمل "بكل جهد إلى جانب مختلف الوحدات الأمنية من شرطة وحرس، على إيجاد الحلول الكفيلة بالجمع بين إنجاح المهام الموكلة إليها وعدم تعطيل مصالح السادة المواطنين وخاصة الحقّ في التنقل".
ورجحت مصادر مقربة من الرئيس لـ"العربي الجديد" انتقاله إلى القصر الرئاسي قريبا، لتفادي الصعوبات الممكنة أو التكاليف المحتملة، مشيرة إلى أن غاية سعيد ليست الاستفادة من الامتيازات بقدر حرصه على التقشف وإعطاء المثال والقدوة للشعب. وشددت المصادر على أنه لا يرغب في تعقيد عمل المحيطين به من أمنيين وحرس رئاسي كما يرفض تعطيل شؤون السكان والأهالي بسبب التنقل اليومي للموكب الرئاسي.
واعتبر المحلل عبد المنعم المؤدب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك هجمة مبكرة ومبالغ فيها على الرئيس الجديد لا تتعدى الشكليات، كسيارته ومسكنه وزوجته ولباسه وطريقة كلامه، في وقت يجب فيه الاهتمام بنقد المضمون من حيث مراقبة ممارسته الرئاسية ونشاطه السياسي.
وبين المحلل أن الأهم هو متابعة محاولات الرئيس الجديد في تقريب وجهات النظر، والخروج من أزمة حكم محتملة قد تقود البلاد إلى تعطل تشكل الحكومة وتعطيل انطلاقة البرلمان.
وبين المؤدب أن سعيد حاليا يمثل السلطة الوحيدة القائمة عن الانتخابات الأخيرة في انتظار انتصاب البرلمان والحكومة الجديدة، معتبرا أن الأعراف الديمقراطية تمنح المنتخبين الجدد مهملة 100 يوم قبل الانطلاق في محاسبتهم بناء على برامجهم ووعودهم.